من لبنان الأسد إلى لبنان خامنئي... هل يتكرّر السيناريو؟
نادر حجاز
3 أيلول 2024 06:51
كتب نادر حجاز في موقع mtv:
دخل لبنان في مرحلة سياسية جديدة من اللحظة الأولى التي قرّرت فيها إيران، عبر حزب الله كما الحوثيين في اليمن، الدخول في الحرب تحت عنوان "إسناد غزة"، حاجزة لها مكاناً رحباً على طاولة المفاوضات حين تقترب التسوية، ودوراً مضموناً في اليوم التالي للحرب.
لا تريد طهران الحرب الشاملة، وسلوكها يؤكد أنها لم تدخل المعركة من بوابة قلب موازين القوى، وكل مواقفها بما فيها غزوتها الجوية لإسرائيل في نيسان الماضي، تجزم أنها أقرب إلى المهادنة منها إلى المواجهة المفتوحة.
تدرك تل أبيب هذه الحقيقة، كما خط المفاوضات المفتوح بين الجمهورية الإسلامية والولايات المتحدة، وقبله الاتفاق الإيراني السعودي ورسم معالم جديدة للشرق الاوسط على قاعدة التنسيق والتعاون لا الحروب. ومن الواضح أن إسرائيل تحاول استدراجها إلى حيث لا تريد، إن كان عبر اختيار الأراضي الايرانية لتنفيذ اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس اسماعيل هنية، او من خلال عمليات الاغتيال المتكررة لقيادات حزب الله وحماس في لبنان.
إلا ان الردّ الإيراني يأتي دائماً مدروساً، و"عملية الأربعين" خير مثال على هذا التوجه لدى طهران.
ستحدد الأشهر المقبلة، متى انتهت حرب غزة، وجه لبنان السياسي. فالمؤكّد أن ما بعد "طوفان الأقصى" ليس كما قبله، والمنطقة مقبلة على إعادة توزيع للأدوار ولطهران نصيبها من قالب الجبنة الإقليمي. فهل سيكون لبنان من حصتها؟
يطرح هذا السؤال نفسه وإن كانت الإجابة مرهونة بسياق التطورات، لا سيما الحربية والميدانية، وقد أصبحت كل الملفات اللبنانية معلّقة بانتظار انتهاء حرب غزة، ومرتبطة بشكل أساسي بموقف الثنائي الشيعي.
فرئاسة الجمهورية أُدخلت إلى الثلاجة، وكل محاولات الدفع نحو حوار باتت مستحيلة، وكل فريق يتمترس خلف موقفه، والمؤكد أن أي جهة لن تستطيع ان توصل مرشحها، وأي رئيس لن يصل إلى قصر بعبدا من دون اتفاق مع الكتلتين الشيعيتين الوحيدتين في مجلس النواب.
أما ملف الحدود والنقاط الخلافية الـ13، ومعها القرار 1701 ووجود حزب الله في جنوب الليطاني، فهو بيد الرئيس نبيه بري، المفاوض الوحيد بغياب رئيس للجمهورية، والاتفاق النهائي لن يكون إلا عبر عين التينة، بتكليف من "الحزب"، وبرعاية دولية أكيدة، كما حصل في الترسيم البحري.
كل البلد بات معلّقاً إلى اليوم التالي للحرب، وإعطاء كلمة السرّ حول لبنان. فهل ستكون في عهدة الإيراني بمباركة دولية؟
تجري في الكواليس السياسية مقارنة تاريخية، تستعيد لحظة إطلاق يد سوريا في لبنان برئاسة الرئيس الراحل حافظ الأسد مطلع التسعينات، كجزء من اتفاق الطائف ووقف الحرب الأهلية. حينها قالت دمشق "الأمر لي" في بيروت، بغطاء أميركي وعربي استمر حتى اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وكانت صاحبة الكلمة الفصل في كل يوميات البلد السياسية، وفي المقابل أُطلقت يد الشهيد الحريري في إعادة الإعمار والاقتصاد إلى حين بدأ التحوّل العالمي الكبير عقب اعتداءات 11 أيلول.
فهل يتكرّر السيناريو اليوم وينتقل البلد من لبنان الأسد إلى لبنان خامنئي؟ لكن السؤال الأهم، أي تأثير للبنانيين في تحديد مصير بلدهم؟ ولماذا ينتظرون لحظة التسوية الإقليمية لتفرض عليهم حكم الأمر الواقع؟ ولماذا لا يعقدون تسوية تشبههم قبل فرضها عليهم بالقوة؟