عن عهدَي عون وسلامة
جوليان جريج
19 آب 2024 13:07
كتب جوليان جريج:
دخلت البلاد نفقاً مظلماً منذ تشرين الثاني سنة ٢٠١٩ خلال عهد الرئيس ميشال عون، أمرٌ أضحى بلبنان بلداً عاجزاً اقتصاديا مترافقاً ذلك مع ارتفاع هستيري لقيمة صرف العملة اللبنانية. منذ ذلك الحين وحتى يومنا هذا حاول فريق الرئيس الأسبق ميشال عون كما المقربين منه رمي الكرة والمسؤولية كاملةً على عاتق حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وتحميله كافة المسؤولية من دون سواه وهندساته الماليّة على أنّها السبب الرئيسي والوحيد في تدهور الوضع الاقتصادي للبلاد.
ما هو الدور الذي لعبه حاكم مصرف لبنان رياض سلامة منذ استلامه حاكميّة المصرف سنة ١٩٩٣؟ وهل فعلاً هو المسؤول كما يشاع عما آلت إليه أحوال البلاد الاقتصاديّة؟
لبنان في مرحلة ما بعد الحرب
بالعودة إلى فترة ما بعد الحرب الأهلية اللبنانية كان لا بد من دخول لبنان مرحلة التعافي الاقتصادي إذ تم على إثرذلك تعيين رياض سلامه حاكماً للمصرف المركزي سنة ١٩٩٣ لاستلام هذه المهمة .ترافقت تلك الفترة تولي الرئيس الراحل الشهيد رفيق الحريري رئاسة مجلس الوزراء وبات سلامة يعتبر بمثابة مهندس السياسات المالية التي عرفت بمرحلة "الحريرية". اعتبر رياض سلامة رمز إعادة اعمار لبنان محققاً نتائج قياسية نقلت البلاد إلى بر الأمان والازدهار. بعد مرور الولاية الاولى تم الإجماع على أنه كان الأكثر فعاليةً فتم التجديد له ثلاث ولايات متعاقبة (١٩٩٩-٢٠٠٥-٢٠١١). خلال هذه الفترة بات لبنان بلداً مزدهراً إقتصادياً محافظاً بذلك على استقرار قيمة صرف العملة الوطنية وترافق مع ذلك استثمارات داخلية كما أجنبية حيث أصبح لبنان الملاذ الآمن للمستثمرين العرب والأجانب.
نشيد بالذكر الأزمة الإقتصادية العالمية سنة ٢٠٠٨ التي بدورها برهنت أن لبنان هو الوجهة الأفضل والأكثر أماناً أمام المستثمرين الذين تدفقوا وأسهموا باستثماراتٍ في مجالاتٍ عدة مؤكدين أن النظام الإقتصادي اللبناني الحر هو الوجهة النهائيّة لكلّ من أراد الإستقرار والاعمار.
عهد الانتصارات
تولّى الجنرال ميشال عون سدّة الرئاسة سنة ٢٠١٦ بشكلٍ صوري تاركاً الحكم الفعلي بين أيدي حلفائه في الداخل الامر الذي شهد اعتراضاً مستمراً من الافرقاء السياسيّين مشدّدين على ضرورة لعب الرئيس دوره وعدم الخضوع لحلفائه الاستراتيجيّين. مع نهاية صيف ٢٠١٩، دخل لبنان في سبات اقتصادي عميق وتدهور في القطاع المصرفي متزامناً ذلك مع عدم استقرار قيمة الليرة اللبنانيّة التي فقدت ما يقارب ٩٠ % من قيمتها. لم يكن على العهد آنذاك إلا بتوجيه أصابع الإتهام كاملةً وبالمباشر نحو شخص الحاكم رياض سلامة مشيرين إلى أنّه وراء ما آلت إليه البلاد.
علامات استفهام عدّة تطرح وأبرزها ما يلي، هل فعلاً الحاكم المركزي هو السبب في إيصال البلاد إلى مرحلة التدهور الإقتصادي الراهن؟ وكيف تحوّل رياض سلامة من أحد أركان الإزدهار إلى الشخص المسؤول عن هذا التدهور بنظر العهد؟
سبق وذكرنا أن رياض سلامة قاد مرحلة ما بعد الحرب وكان رأس الحربة في ضمان الإزدهار الإقتصادي وهو أمر بات متوافقاً عليه ما بين اللبنانيّين. بالربط ما بين مرحلة استلام الجنرال عون رئاسة البلاد وصولاً إلى سنة ٢٠١٩، نلحظ التباساً في التهم الموجهة من قبل فريق العهد ضدّ حاكم المصرف مستذكرين سوياً الدور الأساسي لفريق الرئيس عون في إعادة تجديد ولاية رياض سلامه سنة ٢٠١٧ متبنّين صراحةً إقتراح التجديد مشيرين الى أنّ سلامة عمل ويعمل بتجرد للحفاظ على استقرار العملة المحليّة.
إستناداً إلى كلّ ما تمّ ذكره أعلاه، بات من الواضح أنّ الفريق الذي يرمي التهم باتجاه الحاكم سبق وساهم في إعادة تجديد ولايته إلا أنّه وبعد عامين من استلام مهامه الرئاسيّة، رمى فريق الرئيس ميشال عون كامل المسؤوليات على عاتق شخص الحاكم المركزي لتغطية فشل العهد الذريع في إدارة البلاد، عوضاً عن محاسبة العهد على سوء إدارة البلاد والمحافظة على استقرارها كان من الأسهل على فريق الرئيس عون أن يلقي بالمسؤولية كاملة على رياض سلامه كخطوة لتبييض صفحته أمام جمهوره ومناصريه وما أسهل من أن تكون الفريسة حاكم المصرف المركزي صاحب الهندسات الماليّة؟
النمطيّة التي عمل بها الحاكم منذ سنة ١٩٩٣ ضمنت للبلاد الاستقرار الاقتصادي والتطور اللازم وكانت واضحة دون أي التباس أما المناورات والحسابات الضيقة المسؤول عنها الرئيس ميشال عون وطاقمه السياسي وسوء إدارته للبلاد دفعته إلى رمي وتقاذف التهم نحو رياض سلامه للتملص من تحميل العهد مسؤولية أفعاله ولتطهير صورته أمام جماهيره مؤكدين ذلك بالحملة الشعواء التي قادها فريق الرئيس السياسي مستعين ببعض القضاة التابعين والخاضعين لفريق العهد.
مرّ لبنان بفراغ رئاسي طويل الأمد ومع تولي الرئيس ميشال عون منصبه، أحد أبرز الملفات التي كانت مطروحة آنذاك والتي اتسمت طابع العجلة، ملف النازحين السوريين الذي لطالما شكل عبئاً اجتماعياً كما اقتصادياً على البلاد. تغنّى فريق الرئيس ميشال عون بضرورة إعادة النازحين السوريين ووقف النزوح غير الشرعي مستغلاً ومستصغراً عقول البعض وخصيصاً من لا يدرك أنّ ملف النازحين لم يكن مطروحاً على الطاولة بالنسبة إلى حلفاء التيار الاستراتيجيّين.
نستخلص من هذا الامر أنه، وكالعادة، يتغنّى العهد بإنجازاته الوهميّة واحداها اصراره على إعادة النازحين السوريين من أجل خفض العبء الاقتصادي على البلاد والذي لم يكن سوى مسرحيّة وهميّة لم تترجم على أرض الواقع لابل بقيت حبراً على ورق. كيف للرئيس عون أنّ يعالج هكذا موضوع دقيق وحساس ونحن على يقين بأن حلفاءه يشكّلون كتلة ضغط تسعى إلى تمييع الملف.
الكثير الكثير من الملفات الاخرى تدل على أنّ عهد الرئيس ميشال عون فشل في إدارة البلاد على كافة الأصعدة وأنّ سوء الإدارة تلك أودت بلبنان شيئاً فشيئاً بلداً عاجزاً إقتصاديّاً فلم يكن أمام "العهد القوي" إلا تحميل الانهيار الإقتصادي لشخص الحاكم رياض سلامة وشنّ المعركة ضدّه رابطين التدهور الإقتصادي بالهندسات الماليّة التي لطالما نقلت لبنان إلى الإزدهار والرخاء. وما يحدث اليوم على صعيد الكهرباء والمياه لهو اكبر دليل على قوّة سلامة في إدارة الازمنة الصعبة والتي لم تزل تمرّ على لبنان.
دخلت البلاد نفقاً مظلماً منذ تشرين الثاني سنة ٢٠١٩ خلال عهد الرئيس ميشال عون، أمرٌ أضحى بلبنان بلداً عاجزاً اقتصاديا مترافقاً ذلك مع ارتفاع هستيري لقيمة صرف العملة اللبنانية. منذ ذلك الحين وحتى يومنا هذا حاول فريق الرئيس الأسبق ميشال عون كما المقربين منه رمي الكرة والمسؤولية كاملةً على عاتق حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وتحميله كافة المسؤولية من دون سواه وهندساته الماليّة على أنّها السبب الرئيسي والوحيد في تدهور الوضع الاقتصادي للبلاد.
ما هو الدور الذي لعبه حاكم مصرف لبنان رياض سلامة منذ استلامه حاكميّة المصرف سنة ١٩٩٣؟ وهل فعلاً هو المسؤول كما يشاع عما آلت إليه أحوال البلاد الاقتصاديّة؟
لبنان في مرحلة ما بعد الحرب
بالعودة إلى فترة ما بعد الحرب الأهلية اللبنانية كان لا بد من دخول لبنان مرحلة التعافي الاقتصادي إذ تم على إثرذلك تعيين رياض سلامه حاكماً للمصرف المركزي سنة ١٩٩٣ لاستلام هذه المهمة .ترافقت تلك الفترة تولي الرئيس الراحل الشهيد رفيق الحريري رئاسة مجلس الوزراء وبات سلامة يعتبر بمثابة مهندس السياسات المالية التي عرفت بمرحلة "الحريرية". اعتبر رياض سلامة رمز إعادة اعمار لبنان محققاً نتائج قياسية نقلت البلاد إلى بر الأمان والازدهار. بعد مرور الولاية الاولى تم الإجماع على أنه كان الأكثر فعاليةً فتم التجديد له ثلاث ولايات متعاقبة (١٩٩٩-٢٠٠٥-٢٠١١). خلال هذه الفترة بات لبنان بلداً مزدهراً إقتصادياً محافظاً بذلك على استقرار قيمة صرف العملة الوطنية وترافق مع ذلك استثمارات داخلية كما أجنبية حيث أصبح لبنان الملاذ الآمن للمستثمرين العرب والأجانب.
نشيد بالذكر الأزمة الإقتصادية العالمية سنة ٢٠٠٨ التي بدورها برهنت أن لبنان هو الوجهة الأفضل والأكثر أماناً أمام المستثمرين الذين تدفقوا وأسهموا باستثماراتٍ في مجالاتٍ عدة مؤكدين أن النظام الإقتصادي اللبناني الحر هو الوجهة النهائيّة لكلّ من أراد الإستقرار والاعمار.
عهد الانتصارات
تولّى الجنرال ميشال عون سدّة الرئاسة سنة ٢٠١٦ بشكلٍ صوري تاركاً الحكم الفعلي بين أيدي حلفائه في الداخل الامر الذي شهد اعتراضاً مستمراً من الافرقاء السياسيّين مشدّدين على ضرورة لعب الرئيس دوره وعدم الخضوع لحلفائه الاستراتيجيّين. مع نهاية صيف ٢٠١٩، دخل لبنان في سبات اقتصادي عميق وتدهور في القطاع المصرفي متزامناً ذلك مع عدم استقرار قيمة الليرة اللبنانيّة التي فقدت ما يقارب ٩٠ % من قيمتها. لم يكن على العهد آنذاك إلا بتوجيه أصابع الإتهام كاملةً وبالمباشر نحو شخص الحاكم رياض سلامة مشيرين إلى أنّه وراء ما آلت إليه البلاد.
علامات استفهام عدّة تطرح وأبرزها ما يلي، هل فعلاً الحاكم المركزي هو السبب في إيصال البلاد إلى مرحلة التدهور الإقتصادي الراهن؟ وكيف تحوّل رياض سلامة من أحد أركان الإزدهار إلى الشخص المسؤول عن هذا التدهور بنظر العهد؟
سبق وذكرنا أن رياض سلامة قاد مرحلة ما بعد الحرب وكان رأس الحربة في ضمان الإزدهار الإقتصادي وهو أمر بات متوافقاً عليه ما بين اللبنانيّين. بالربط ما بين مرحلة استلام الجنرال عون رئاسة البلاد وصولاً إلى سنة ٢٠١٩، نلحظ التباساً في التهم الموجهة من قبل فريق العهد ضدّ حاكم المصرف مستذكرين سوياً الدور الأساسي لفريق الرئيس عون في إعادة تجديد ولاية رياض سلامه سنة ٢٠١٧ متبنّين صراحةً إقتراح التجديد مشيرين الى أنّ سلامة عمل ويعمل بتجرد للحفاظ على استقرار العملة المحليّة.
إستناداً إلى كلّ ما تمّ ذكره أعلاه، بات من الواضح أنّ الفريق الذي يرمي التهم باتجاه الحاكم سبق وساهم في إعادة تجديد ولايته إلا أنّه وبعد عامين من استلام مهامه الرئاسيّة، رمى فريق الرئيس ميشال عون كامل المسؤوليات على عاتق شخص الحاكم المركزي لتغطية فشل العهد الذريع في إدارة البلاد، عوضاً عن محاسبة العهد على سوء إدارة البلاد والمحافظة على استقرارها كان من الأسهل على فريق الرئيس عون أن يلقي بالمسؤولية كاملة على رياض سلامه كخطوة لتبييض صفحته أمام جمهوره ومناصريه وما أسهل من أن تكون الفريسة حاكم المصرف المركزي صاحب الهندسات الماليّة؟
النمطيّة التي عمل بها الحاكم منذ سنة ١٩٩٣ ضمنت للبلاد الاستقرار الاقتصادي والتطور اللازم وكانت واضحة دون أي التباس أما المناورات والحسابات الضيقة المسؤول عنها الرئيس ميشال عون وطاقمه السياسي وسوء إدارته للبلاد دفعته إلى رمي وتقاذف التهم نحو رياض سلامه للتملص من تحميل العهد مسؤولية أفعاله ولتطهير صورته أمام جماهيره مؤكدين ذلك بالحملة الشعواء التي قادها فريق الرئيس السياسي مستعين ببعض القضاة التابعين والخاضعين لفريق العهد.
مرّ لبنان بفراغ رئاسي طويل الأمد ومع تولي الرئيس ميشال عون منصبه، أحد أبرز الملفات التي كانت مطروحة آنذاك والتي اتسمت طابع العجلة، ملف النازحين السوريين الذي لطالما شكل عبئاً اجتماعياً كما اقتصادياً على البلاد. تغنّى فريق الرئيس ميشال عون بضرورة إعادة النازحين السوريين ووقف النزوح غير الشرعي مستغلاً ومستصغراً عقول البعض وخصيصاً من لا يدرك أنّ ملف النازحين لم يكن مطروحاً على الطاولة بالنسبة إلى حلفاء التيار الاستراتيجيّين.
نستخلص من هذا الامر أنه، وكالعادة، يتغنّى العهد بإنجازاته الوهميّة واحداها اصراره على إعادة النازحين السوريين من أجل خفض العبء الاقتصادي على البلاد والذي لم يكن سوى مسرحيّة وهميّة لم تترجم على أرض الواقع لابل بقيت حبراً على ورق. كيف للرئيس عون أنّ يعالج هكذا موضوع دقيق وحساس ونحن على يقين بأن حلفاءه يشكّلون كتلة ضغط تسعى إلى تمييع الملف.
الكثير الكثير من الملفات الاخرى تدل على أنّ عهد الرئيس ميشال عون فشل في إدارة البلاد على كافة الأصعدة وأنّ سوء الإدارة تلك أودت بلبنان شيئاً فشيئاً بلداً عاجزاً إقتصاديّاً فلم يكن أمام "العهد القوي" إلا تحميل الانهيار الإقتصادي لشخص الحاكم رياض سلامة وشنّ المعركة ضدّه رابطين التدهور الإقتصادي بالهندسات الماليّة التي لطالما نقلت لبنان إلى الإزدهار والرخاء. وما يحدث اليوم على صعيد الكهرباء والمياه لهو اكبر دليل على قوّة سلامة في إدارة الازمنة الصعبة والتي لم تزل تمرّ على لبنان.