مهزلة الامتحانات الرسمية برسم القضاء
فاتن الحاج
6 آب 2024 06:52
كتبت فاتن الحاج في "الأخبار":
بعد أكثر من 10 أيام على صدور نتائج امتحانات الثانوية العامة، تواصل وزارة التربية تجاهل كل ما أثير في الإعلام وعلى مواقع التواصل الاجتماعي من شبهات حول الاستحقاق، إذ لم يتخذ الوزير عباس الحلبي أي تدبير كإحالة الملف إلى التفتيش المركزي أو القضاء، أو بالحد الأدنى فتح تحقيق في الشوائب الموثّقة بالأدلة والمستندات التي تطعن في النتائج، والتي أودعتها مديرة الإرشاد والتوجيه هيلدا خوري الوزارة بعدما كلّفها الحلبي شفهياً مساعدة دائرة الامتحانات في إدارة الاستحقاق. ووفق مصادر مطّلعة، تركّزت مهمة خوري على المداومة في مركز المدرسة النموذجية في بئر حسن، حتى منتصف الليل، لمتابعة فريق وحدة المعلوماتية المشارك في الامتحانات، والذي ضمّ مقربين من مدير الوحدة السابق المُقال توفيق كرم، على خلفية عدم الثقة بشفافية عمل الوحدة.ومن الشوائب المثيرة للجدل التي تخللت الامتحانات تسريب عدد من المسابقات على مواقع التواصل الاجتماعي، وقرار تعديل تثقيل مادة الرياضيات من 50 إلى 30 من دون مرسوم في مجلس الوزراء، وقرار التمييز في إعطاء علامة الاستلحاق في غياب الهيئة الإدارية للجنة الفاحصة، واختيار مشرفين إداريين وتربويين في مراكز تصحيح الامتحانات بناءً على اعتبارات سياسية وتنفيعية وشخصية.
أما في ما يتعلق بالمرشحين من ذوي الاحتياجات الخاصة، فقد رُصدت حالات موثّقة من بينها عدم إحضار مساعدين لبعض الطلاب في الثانويات الرسمية ولا سيما في اليوم الأول رغم أن في حوزتهم تقارير طبية تثبت حاجتهم إلى قراء وكُتّاب، ما أدى إلى رسوبهم. ويروي طلاب من هؤلاء عن تعرضهم وأهاليهم لإهانات من موظفين مسؤولين عن هذا الملف في الوزارة.
بعض ذوي الاحتياجات الخاصة لم يحظوا بكُتّاب مساعدين
أما في ما يتعلق بالرابط الذي عمّمه المدير العام للتربية عماد الأشقر لتقديم المراجعات والطعن في العلامات فقد تبيّن أنه شكلي، ولا يتجاوز التأكد من نقل العلامة من «البورديرو»، وتبلّغ عدد من الطلاب المراجعين بأن علاماتهم صحيحة من دون إعادة تصحيح المسابقات.
تكافؤ الفرص والإنصاف هما ما يطلبه ممتحنو عام 2024 الذين لا يريدون أن يتكرر ما حصل مع أقرانهم عام 2011، عندما تسرّبت أسئلة مسابقة مادة الاجتماع وأجوبتها، بخط اليد، إلى الممتحنين، في خرق غير مسبوق هزّ دائرة الامتحانات الرسمية، ما دعا وزير التربية آنذاك، حسان دياب، إلى إحالة الملف إلى التفتيش التربوي. وتبيّن، يومها، أن التسريب، وإن كان محدوداً، وقع أثناء إعداد المسابقة، من داخل الوزارة من دون الكشف عن هوية المسرّب، وطويت الصفحة بتسلّم الوزير تقريراً من التفتيش في كانون الثاني 2012 يتضمن توصيات بإعادة النظر في تأليف اللجنة الفاحصة المكلّفة وتزويد مقر وضع الأسئلة بمزيد من أجهزة التشويش على الهواتف الخلوية، ونصب مزيد من الكاميرات، إضافة إلى تأمين مبدأ تكافؤ الفرص والمساواة بين المرشحين الذين قد يكونون نجحوا نتيجة عملية التسريب، والراسبين في المادة موضوع التحقيق، وهو ما لم يتحقق، لعدم وصول التحقيق إلى خواتيمه.
بعد 13 عاماً، وبعد اختراق البريد الإلكتروني الخاص بمدير وحدة المعلوماتية السابق، توفيق كرم، تبيّن أن الأخير أجرى scan في الوزارة لكل مسابقات 2011 وسرّبها، عبر إيميله الخاص، قبل نصف ساعة من موعد الامتحان الأول. وفي العام نفسه، سرّب كرم علامات عدد من المرشحين قبل صدورها إلى أمل شعبان التي لم تكن يومها تشغل أي منصب في الامتحانات، وإلى موظفين آخرين في الوزارة. كل هذه المعطيات هي بمثابة إخبار للنيابة العامة التمييزية التي يُنتظر أن تتحرك لإعادة الحقوق إلى أصحابها.
البطريرك غاضب من الامتحانات
تغيّر موقف البطريرك الماروني، بشارة الراعي، من الامتحانات الرسمية، قبل النتائج وبعدها. فبعدما هنّأ وزير التربية عباس الحلبي على «إنجاز» الاستحقاق وأهمية الحفاظ على الشهادة الرسمية، انتقد أول من أمس «مهزلة الامتحانات الرسمية التي أظهرت مدى التفشي الهائل للفساد والإخفاق التام في إدارة الامتحانات»، مشيراً إلى أن «الإنحطاط، الذي أصاب الدولة يطاول القطاع التربويّ بشكلٍ كارثيّ، من خلال محاولات إقصاء شريحة أساسيّة عن إدارة العمليّة التربويّة كان لها تأثيرها، عبر التاريخ، في تمايز هذا القطاع الذي جعل العديد من أهالي البلدان المجاورة يختارون مدرسة لبنان وجامعته لتربية أولادهم».
ولم يوضح الراعي الأسباب التي دفعته إلى تغيير موقفه، ما يفتح الباب على تساؤلات عدة منها: هل هناك دواعٍ طائفية لتغيير الموقف؟ وهل غضب البطريرك من النسب العالية للنجاح بين طلاب الجنوب الذين لم يكملوا المنهاج، مقارنة بطلاب المدارس الكاثوليكية الذين أتموا المنهاج، أم أن التصريح مقدّمة لتطبيق مشروع المدارس الكاثوليكية بفصل التعليم الخاص عن التعليم الرسمي؟ وماذا يقصد بإقصاء شريحة أساسية عن إدارة العملية التربوية؟ فهل كان يريد أن يتساوى عدد المقرّرين في اللجان الفاحصة من القطاع الخاص مع عدد المقرّرين في التعليم الرسمي؟ علماً أن القطاع الخاص بات في السنوات الأخيرة جزءاً لا يتجزأ من فريق إدارة الامتحانات، في خرق فاقع لشفافيتها. وهل يعكس هذا الموقف رفع الغطاء البطريركي عن رئيس اللجان الفاحصة المدير العام للتربية عماد الأشقر، كونه المسؤول الأول عن الامتحانات الرسمية؟
يجدر التذكير بأن الراعي وافق على التضحية بصلاحيات رئيس الجمهورية لمصلحة حماية المدارس الكاثوليكية عندما ضغط على رئيس الحكومة نجيب ميقاتي لرد القوانين المتعلقة بصندوق التعويضات في التعليم الخاص.
المكتب الاعلامي في الوزارة اعتبر أن كلام الراعي «يخلق بلبلة والتباسات في الأوساط اللبنانية، وهو موجه إلى كل مكونات القطاع التربوي، وما بذله الأساتذة من تضحيات خلال مساهمتهم بالمراقبة والتصحيح». واستنكر الحديث عن محاولات إقصاء شريحة أساسية عن إدارة العملية التربوية، لكون «الجميع يشهد على ابعاد وزير التربية محاولات التدخل السياسي والاستئثار بالقرار عن الامتحانات».
بعد أكثر من 10 أيام على صدور نتائج امتحانات الثانوية العامة، تواصل وزارة التربية تجاهل كل ما أثير في الإعلام وعلى مواقع التواصل الاجتماعي من شبهات حول الاستحقاق، إذ لم يتخذ الوزير عباس الحلبي أي تدبير كإحالة الملف إلى التفتيش المركزي أو القضاء، أو بالحد الأدنى فتح تحقيق في الشوائب الموثّقة بالأدلة والمستندات التي تطعن في النتائج، والتي أودعتها مديرة الإرشاد والتوجيه هيلدا خوري الوزارة بعدما كلّفها الحلبي شفهياً مساعدة دائرة الامتحانات في إدارة الاستحقاق. ووفق مصادر مطّلعة، تركّزت مهمة خوري على المداومة في مركز المدرسة النموذجية في بئر حسن، حتى منتصف الليل، لمتابعة فريق وحدة المعلوماتية المشارك في الامتحانات، والذي ضمّ مقربين من مدير الوحدة السابق المُقال توفيق كرم، على خلفية عدم الثقة بشفافية عمل الوحدة.ومن الشوائب المثيرة للجدل التي تخللت الامتحانات تسريب عدد من المسابقات على مواقع التواصل الاجتماعي، وقرار تعديل تثقيل مادة الرياضيات من 50 إلى 30 من دون مرسوم في مجلس الوزراء، وقرار التمييز في إعطاء علامة الاستلحاق في غياب الهيئة الإدارية للجنة الفاحصة، واختيار مشرفين إداريين وتربويين في مراكز تصحيح الامتحانات بناءً على اعتبارات سياسية وتنفيعية وشخصية.
أما في ما يتعلق بالمرشحين من ذوي الاحتياجات الخاصة، فقد رُصدت حالات موثّقة من بينها عدم إحضار مساعدين لبعض الطلاب في الثانويات الرسمية ولا سيما في اليوم الأول رغم أن في حوزتهم تقارير طبية تثبت حاجتهم إلى قراء وكُتّاب، ما أدى إلى رسوبهم. ويروي طلاب من هؤلاء عن تعرضهم وأهاليهم لإهانات من موظفين مسؤولين عن هذا الملف في الوزارة.
بعض ذوي الاحتياجات الخاصة لم يحظوا بكُتّاب مساعدين
أما في ما يتعلق بالرابط الذي عمّمه المدير العام للتربية عماد الأشقر لتقديم المراجعات والطعن في العلامات فقد تبيّن أنه شكلي، ولا يتجاوز التأكد من نقل العلامة من «البورديرو»، وتبلّغ عدد من الطلاب المراجعين بأن علاماتهم صحيحة من دون إعادة تصحيح المسابقات.
تكافؤ الفرص والإنصاف هما ما يطلبه ممتحنو عام 2024 الذين لا يريدون أن يتكرر ما حصل مع أقرانهم عام 2011، عندما تسرّبت أسئلة مسابقة مادة الاجتماع وأجوبتها، بخط اليد، إلى الممتحنين، في خرق غير مسبوق هزّ دائرة الامتحانات الرسمية، ما دعا وزير التربية آنذاك، حسان دياب، إلى إحالة الملف إلى التفتيش التربوي. وتبيّن، يومها، أن التسريب، وإن كان محدوداً، وقع أثناء إعداد المسابقة، من داخل الوزارة من دون الكشف عن هوية المسرّب، وطويت الصفحة بتسلّم الوزير تقريراً من التفتيش في كانون الثاني 2012 يتضمن توصيات بإعادة النظر في تأليف اللجنة الفاحصة المكلّفة وتزويد مقر وضع الأسئلة بمزيد من أجهزة التشويش على الهواتف الخلوية، ونصب مزيد من الكاميرات، إضافة إلى تأمين مبدأ تكافؤ الفرص والمساواة بين المرشحين الذين قد يكونون نجحوا نتيجة عملية التسريب، والراسبين في المادة موضوع التحقيق، وهو ما لم يتحقق، لعدم وصول التحقيق إلى خواتيمه.
بعد 13 عاماً، وبعد اختراق البريد الإلكتروني الخاص بمدير وحدة المعلوماتية السابق، توفيق كرم، تبيّن أن الأخير أجرى scan في الوزارة لكل مسابقات 2011 وسرّبها، عبر إيميله الخاص، قبل نصف ساعة من موعد الامتحان الأول. وفي العام نفسه، سرّب كرم علامات عدد من المرشحين قبل صدورها إلى أمل شعبان التي لم تكن يومها تشغل أي منصب في الامتحانات، وإلى موظفين آخرين في الوزارة. كل هذه المعطيات هي بمثابة إخبار للنيابة العامة التمييزية التي يُنتظر أن تتحرك لإعادة الحقوق إلى أصحابها.
البطريرك غاضب من الامتحانات
تغيّر موقف البطريرك الماروني، بشارة الراعي، من الامتحانات الرسمية، قبل النتائج وبعدها. فبعدما هنّأ وزير التربية عباس الحلبي على «إنجاز» الاستحقاق وأهمية الحفاظ على الشهادة الرسمية، انتقد أول من أمس «مهزلة الامتحانات الرسمية التي أظهرت مدى التفشي الهائل للفساد والإخفاق التام في إدارة الامتحانات»، مشيراً إلى أن «الإنحطاط، الذي أصاب الدولة يطاول القطاع التربويّ بشكلٍ كارثيّ، من خلال محاولات إقصاء شريحة أساسيّة عن إدارة العمليّة التربويّة كان لها تأثيرها، عبر التاريخ، في تمايز هذا القطاع الذي جعل العديد من أهالي البلدان المجاورة يختارون مدرسة لبنان وجامعته لتربية أولادهم».
ولم يوضح الراعي الأسباب التي دفعته إلى تغيير موقفه، ما يفتح الباب على تساؤلات عدة منها: هل هناك دواعٍ طائفية لتغيير الموقف؟ وهل غضب البطريرك من النسب العالية للنجاح بين طلاب الجنوب الذين لم يكملوا المنهاج، مقارنة بطلاب المدارس الكاثوليكية الذين أتموا المنهاج، أم أن التصريح مقدّمة لتطبيق مشروع المدارس الكاثوليكية بفصل التعليم الخاص عن التعليم الرسمي؟ وماذا يقصد بإقصاء شريحة أساسية عن إدارة العملية التربوية؟ فهل كان يريد أن يتساوى عدد المقرّرين في اللجان الفاحصة من القطاع الخاص مع عدد المقرّرين في التعليم الرسمي؟ علماً أن القطاع الخاص بات في السنوات الأخيرة جزءاً لا يتجزأ من فريق إدارة الامتحانات، في خرق فاقع لشفافيتها. وهل يعكس هذا الموقف رفع الغطاء البطريركي عن رئيس اللجان الفاحصة المدير العام للتربية عماد الأشقر، كونه المسؤول الأول عن الامتحانات الرسمية؟
يجدر التذكير بأن الراعي وافق على التضحية بصلاحيات رئيس الجمهورية لمصلحة حماية المدارس الكاثوليكية عندما ضغط على رئيس الحكومة نجيب ميقاتي لرد القوانين المتعلقة بصندوق التعويضات في التعليم الخاص.
المكتب الاعلامي في الوزارة اعتبر أن كلام الراعي «يخلق بلبلة والتباسات في الأوساط اللبنانية، وهو موجه إلى كل مكونات القطاع التربوي، وما بذله الأساتذة من تضحيات خلال مساهمتهم بالمراقبة والتصحيح». واستنكر الحديث عن محاولات إقصاء شريحة أساسية عن إدارة العملية التربوية، لكون «الجميع يشهد على ابعاد وزير التربية محاولات التدخل السياسي والاستئثار بالقرار عن الامتحانات».