لبنان على مشارف الحرب المفتوحة... في هذه الحالة
سعد الياس
4 آب 2024 11:30
كتب سعد الياس في "القدس العربي":
الأعصاب مشدودة ليس في لبنان وإسرائيل فحسب بل في كل محور الممانعة مع ارتفاع مؤشرات نُذُر انفجار كبير بعد سلسلة الاغتيالات والغارات العدوانية التي نفّذتها تل أبيب بين الضاحية الجنوبية لبيروت وصولاً إلى طهران. وبدا أن إسرائيل لجأت بدورها إلى توحيد الساحات من غزة إلى لبنان فإيران واليمن والعراق رداً على معادلة «وحدة الساحات» التي أطلقها ويعمل بموجبها محور المقاومة.
وقد نقلت تل أبيب بخطواتها الأخيرة المواجهة من مرحلة إلى أخرى في محاولة لترميم صورة الردع التي تآكلت على مدى أشهر منذ «طوفان الأقصى» على الرغم من حالة الدمار والقتل التي خلّفتها على الجبهة الجنوبية حيث استطاع حزب الله تسجيل نقاط لصالحه من خلال عجز القبة الحديدية عن اعتراض صواريخ الكاتيوشا القريبة المدى إضافة إلى فشل منظومات الدفاع الجوي في الكيان الإسرائيلي في كشف وإسقاط طائرات «الهدهد» التي نجحت في تصوير مشاهد عن قواعد عسكرية وأدرجتها ضمن بنك الأهداف الذي يمكن للحزب أن يقصفها عند توسيع المواجهة.
وهكذا أراد بنيامين نتنياهو التفتيش عن إنجاز استخباراتي وإلحاق نكسة بأعدائه، فلجأ إلى إظهار قدرات إسرائيل وتفوّقها في حرب الاغتيالات. وهذا أمر يقرّ به حتى حزب الله حيث دأب العدو الإسرائيلي من خلال مسيّراته وطائراته الحربية على تنفيذ أكثر من عملية اغتيال منذ 8 تشرين الأول ضد قادة وكوادر عسكرية لحزب الله والجماعة الإسلامية و«حماس» على الأرض اللبنانية متكلاً على منظومة تكنولوجية وبرامج تتبع متطورة وشبكة عملاء، فيما اكتفى حزب الله لغاية تاريخه بالرد بصواريخ ومسيّرات انقضاضية على قواعد عسكرية وجوية هامة من دون الرد بالتماثل من خلال اغتيال كماً ونوعاً، ما طرح علامات استفهام في البيئة الحاضنة للحزب حول شكل الرد العملاني الذي يعيد لهذه البيئة الشعور بقوة معادلة الردع بدل الشعور بالمرارة.
وبعد كسر تل أبيب قواعد الاشتباك، يتم حالياً ترقّب ردود الفعل العقابية من الساحات الممانِعة على الاغتيالات الدراماتيكية التي طالت رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» اسماعيل هنية في طهران والمستشار العسكري لأمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله والقائد الجهادي فؤاد شكر «السيد محسن» في قلب الضاحية بعد تسريبات عن تطمينات سبق أن تلقاها لبنان الرسمي بتحييد بيروت والضاحية والمطار عن أي رد إسرائيلي على حادثة مجدل شمس التي نفى حزب الله مسؤوليته عنها حتى ولو عن طريق الخطأ. وقد كان السيد نصرالله حاسماً في قوله لإاسرائيليين «لم تعلموا أي خطوط حمر تجاوزتم إضحكوا قليلاً وستبكون كثيراً».
وتقول أوساط حزب الله «إن العدوان على الضاحية أتى من خارج المعادلات والضوابط ولذلك سيكون رد الحزب من خارج المعادلات والضوابط. و«لا يعتقدن نتنياهو أن بإمكانه الضغط على المقاومة لتتراجع أو لتقبل بأن يفرض عليها معادلاته ويفرض عليها وقف حرب إسناد غزة».
ولكن إذا كان نصرالله جزم بأن الرد على قصف المدنيين في الضاحية واغتيال شكر آت حتماً ولن يكون شكلياً وأن «بيننا وبينكم الأيام والليالي والميدان» فإن خصوم حزب الله قرأوا في عدم استحضار نصرالله معادلته الشهيرة بقصف حيفا وما بعد حيفا في حال استهداف الضاحية تعبيراً عن حذر من الانزلاق إلى حرب شاملة وغير متكافئة مع إسرائيل، فيما أوساط الحزب تؤكد على ما أعلنه نصرالله من أن «المقاومة تقاتل بغضب ولكن بعقل وحكمة» ما يعني أن المقاومة لن تقبل أن يفرض عليها العدو الإسرائيلي توقيتاً وقواعد جديدة للمواجهة بما يؤدي إلى تضييع ما حققه حزب الله في المواجهات الميدانية على مدى أشهر.
انطلاقاً من هذه الوقائع، تخيّم على الجبهة الجنوبية والمنطقة سيناريوهات مقلقة حول ما يمكن أن تحمله الأيام المقبلة وارتدادات أي رد ورد مضاد قد يُخرج الأمور عن قواعد الاشتباك التي تم العمل بها منذ 8 تشرين الأول/أكتوبر في ظل أجواء تشاؤمية ترجح فرضية تدحرج كرة النار ووضع لبنان في عين العاصفة في غياب أي ضمانات أمريكية أو دولية بعدم استهداف بيروت والضاحية من بنك الأهداف، لا بل أكثر من ذلك فقد كان لافتاً إتهام أوساط حزب الله الموفد الأمريكي آموس هوكشتاين بأنه كان شريكاً في أكبر عملية تضليل ساهمت في غارة العدو على حارة حريك من خلال إبلاغ المسؤولين اللبنانيين بأن الضربة الإسرائيلية ستكون خارج بيروت والضاحية.
يبقى أن تل أبيب إذا كانت تواجه منذ عام 1948 حرباً مغايرة عن باقي الحروب التي خاضتها مع جيوش الدول العربية النظامية وأثبتت فيها تفوقها العسكري، إلا أن حزب الله وكل الأذرع الإيرانية على عتبة مواجهة قاسية أيضاً يدفع في اتجاهها جنون نتنياهو العائد مزهواً من الكونغرس الأمريكي ومزوداً بضوء برتقالي من واشنطن لتنفيذ عمليات دقيقة ستنقل المعركة من جبهة مساندة لغزة إلى جبهة فعلية قد تكون الأخطر منذ الاجتياح الإسرائيلي عام 1982 الذي كان يهدف إلى إنشاء منطقة أمنية عازلة على الحدود تُبعد خطر الصواريخ على المستوطنات، وهو نفس الهدف الذي يتكلم به قادة الكيان حالياً بهدف تأمين الأمن والاستقرار لمستوطني الشمال وعودتهم إلى منازلهم قبل موعد العام الدراسي في أيلول/سبتمبر المقبل. وما تحذير أعضاء في الكنيست الإسرائيلي في رسالتهم إلى نتنياهو من محاذير التوغل البري إلا المؤشر على ما تبيّته النيات الإسرائيلية من خطط عدوانية.
الأعصاب مشدودة ليس في لبنان وإسرائيل فحسب بل في كل محور الممانعة مع ارتفاع مؤشرات نُذُر انفجار كبير بعد سلسلة الاغتيالات والغارات العدوانية التي نفّذتها تل أبيب بين الضاحية الجنوبية لبيروت وصولاً إلى طهران. وبدا أن إسرائيل لجأت بدورها إلى توحيد الساحات من غزة إلى لبنان فإيران واليمن والعراق رداً على معادلة «وحدة الساحات» التي أطلقها ويعمل بموجبها محور المقاومة.
وقد نقلت تل أبيب بخطواتها الأخيرة المواجهة من مرحلة إلى أخرى في محاولة لترميم صورة الردع التي تآكلت على مدى أشهر منذ «طوفان الأقصى» على الرغم من حالة الدمار والقتل التي خلّفتها على الجبهة الجنوبية حيث استطاع حزب الله تسجيل نقاط لصالحه من خلال عجز القبة الحديدية عن اعتراض صواريخ الكاتيوشا القريبة المدى إضافة إلى فشل منظومات الدفاع الجوي في الكيان الإسرائيلي في كشف وإسقاط طائرات «الهدهد» التي نجحت في تصوير مشاهد عن قواعد عسكرية وأدرجتها ضمن بنك الأهداف الذي يمكن للحزب أن يقصفها عند توسيع المواجهة.
وهكذا أراد بنيامين نتنياهو التفتيش عن إنجاز استخباراتي وإلحاق نكسة بأعدائه، فلجأ إلى إظهار قدرات إسرائيل وتفوّقها في حرب الاغتيالات. وهذا أمر يقرّ به حتى حزب الله حيث دأب العدو الإسرائيلي من خلال مسيّراته وطائراته الحربية على تنفيذ أكثر من عملية اغتيال منذ 8 تشرين الأول ضد قادة وكوادر عسكرية لحزب الله والجماعة الإسلامية و«حماس» على الأرض اللبنانية متكلاً على منظومة تكنولوجية وبرامج تتبع متطورة وشبكة عملاء، فيما اكتفى حزب الله لغاية تاريخه بالرد بصواريخ ومسيّرات انقضاضية على قواعد عسكرية وجوية هامة من دون الرد بالتماثل من خلال اغتيال كماً ونوعاً، ما طرح علامات استفهام في البيئة الحاضنة للحزب حول شكل الرد العملاني الذي يعيد لهذه البيئة الشعور بقوة معادلة الردع بدل الشعور بالمرارة.
وبعد كسر تل أبيب قواعد الاشتباك، يتم حالياً ترقّب ردود الفعل العقابية من الساحات الممانِعة على الاغتيالات الدراماتيكية التي طالت رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» اسماعيل هنية في طهران والمستشار العسكري لأمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله والقائد الجهادي فؤاد شكر «السيد محسن» في قلب الضاحية بعد تسريبات عن تطمينات سبق أن تلقاها لبنان الرسمي بتحييد بيروت والضاحية والمطار عن أي رد إسرائيلي على حادثة مجدل شمس التي نفى حزب الله مسؤوليته عنها حتى ولو عن طريق الخطأ. وقد كان السيد نصرالله حاسماً في قوله لإاسرائيليين «لم تعلموا أي خطوط حمر تجاوزتم إضحكوا قليلاً وستبكون كثيراً».
وتقول أوساط حزب الله «إن العدوان على الضاحية أتى من خارج المعادلات والضوابط ولذلك سيكون رد الحزب من خارج المعادلات والضوابط. و«لا يعتقدن نتنياهو أن بإمكانه الضغط على المقاومة لتتراجع أو لتقبل بأن يفرض عليها معادلاته ويفرض عليها وقف حرب إسناد غزة».
ولكن إذا كان نصرالله جزم بأن الرد على قصف المدنيين في الضاحية واغتيال شكر آت حتماً ولن يكون شكلياً وأن «بيننا وبينكم الأيام والليالي والميدان» فإن خصوم حزب الله قرأوا في عدم استحضار نصرالله معادلته الشهيرة بقصف حيفا وما بعد حيفا في حال استهداف الضاحية تعبيراً عن حذر من الانزلاق إلى حرب شاملة وغير متكافئة مع إسرائيل، فيما أوساط الحزب تؤكد على ما أعلنه نصرالله من أن «المقاومة تقاتل بغضب ولكن بعقل وحكمة» ما يعني أن المقاومة لن تقبل أن يفرض عليها العدو الإسرائيلي توقيتاً وقواعد جديدة للمواجهة بما يؤدي إلى تضييع ما حققه حزب الله في المواجهات الميدانية على مدى أشهر.
انطلاقاً من هذه الوقائع، تخيّم على الجبهة الجنوبية والمنطقة سيناريوهات مقلقة حول ما يمكن أن تحمله الأيام المقبلة وارتدادات أي رد ورد مضاد قد يُخرج الأمور عن قواعد الاشتباك التي تم العمل بها منذ 8 تشرين الأول/أكتوبر في ظل أجواء تشاؤمية ترجح فرضية تدحرج كرة النار ووضع لبنان في عين العاصفة في غياب أي ضمانات أمريكية أو دولية بعدم استهداف بيروت والضاحية من بنك الأهداف، لا بل أكثر من ذلك فقد كان لافتاً إتهام أوساط حزب الله الموفد الأمريكي آموس هوكشتاين بأنه كان شريكاً في أكبر عملية تضليل ساهمت في غارة العدو على حارة حريك من خلال إبلاغ المسؤولين اللبنانيين بأن الضربة الإسرائيلية ستكون خارج بيروت والضاحية.
يبقى أن تل أبيب إذا كانت تواجه منذ عام 1948 حرباً مغايرة عن باقي الحروب التي خاضتها مع جيوش الدول العربية النظامية وأثبتت فيها تفوقها العسكري، إلا أن حزب الله وكل الأذرع الإيرانية على عتبة مواجهة قاسية أيضاً يدفع في اتجاهها جنون نتنياهو العائد مزهواً من الكونغرس الأمريكي ومزوداً بضوء برتقالي من واشنطن لتنفيذ عمليات دقيقة ستنقل المعركة من جبهة مساندة لغزة إلى جبهة فعلية قد تكون الأخطر منذ الاجتياح الإسرائيلي عام 1982 الذي كان يهدف إلى إنشاء منطقة أمنية عازلة على الحدود تُبعد خطر الصواريخ على المستوطنات، وهو نفس الهدف الذي يتكلم به قادة الكيان حالياً بهدف تأمين الأمن والاستقرار لمستوطني الشمال وعودتهم إلى منازلهم قبل موعد العام الدراسي في أيلول/سبتمبر المقبل. وما تحذير أعضاء في الكنيست الإسرائيلي في رسالتهم إلى نتنياهو من محاذير التوغل البري إلا المؤشر على ما تبيّته النيات الإسرائيلية من خطط عدوانية.