عودة: كم يلزمنا أبرار يقفون في وجه التسلط واستباحة الدستور
28 تموز 2024 12:41
ترأس متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الارثوذكس المطران الياس عودة قداس الأحد في كاتدرائية مار جاورجيوس في بيروت، في حضور حشد من المؤمنين.
بعد القداس ألقى عظة قال فيها: "سمعنا اليوم فصلا من رسالة الرسول بولس إلى أهل رومية (10: 1-10)، يميز فيه الرسول بين بر الله أو البر الذي بالإيمان (10: 3، 6) وبين البر الذي بالناموس (10: 5)، ويخلص إلى أن المطلوب هو البر الذي بالإيمان، الذي يقودنا إلى الخلاص. إن كلمة بر في الكتاب المقدس هي ترجمة لكلمة عبرية معناها عدل، إستقامة، إنصاف، صدق، تاليا هي مرتبطة بالقضاء. البار هو من تعلن براءته إذا حوكم، ويكون الحكم في الكتاب المقدس على أساس القانون الذي يضعه الله، أي الوصايا. فلكي يكون الإنسان بارا عليه أن يحفظ وصايا الله ويعمل بها كما نقرأ في العهد القديم: «...أن تحب الرب إلهك وتسلك في طرقه وتحفظ وصاياه وفرائضه وأحكامه لكي تحيا وتنمو ويباركك الرب إلهك...» (تث30: 16)."
أضاف: "لقد وضع الله وصاياه وفرائضه لكي يحيا كل من يعمل بها. نقرأ في سفر اللاويين: «أنا الرب إلهكم، فتحفظون فرائضي وأحكامي التي إذا فعلها الإنسان يحيا بها، أنا الرب» (لا 18: 5). إلا أن شعب الله في الكتاب المقدس لم يستطع أن يطبقها كلها، لذلك لم يستطع أن ينال بر الناموس. إعتقد هذا الشعب أنه بقدرته وبجهده الخاص يستطيع الحصول على البر، ولم يفهم أن المطلوب هو محبة الله والثقة الكاملة فيه. لذلك، استعاض عن الوصايا بالطقوس التي يمارسها في الشعائر الدينية، وبالأصوام والأفعال الخارجية التي يفرضها الناموس من ختان وحفظ السبت والتعشير وغيرها، معتقدا خطأ أنه، إذا طبقها، يكون بارا، وكلنا نعلم أن الفريسي الذي وقف يصلي بتكبر، معددا أعماله التي يظن أنها تبرره، ومزدريا بالآخرين، قائلا في نفسه:« أللهم أنا أشكرك لأني لست مثل باقي الناس الخاطفين الظالمين الزناة، ولا مثل هذا العشار، أصوم مرتين في الأسبوع وأعشر كل ما أقتنيه» (لو 18: 11-12)، لم يرجع إلى بيته مبررا لأن الله لا تهمه الأشياء الظاهرية بل يطلب المحبة: محبة الإنسان لله ولأخيه الإنسان، وهذا ما علمه الرب يسوع قائلا: «تحب الرب إلهك من كل قلبك ومن كل نفسك ومن كل فكرك. هذه هي الوصية الأولى والعظمى، والثانية مثلها: تحب قريبك كنفسك. بهاتين الوصيتين يتعلق الناموس كله والأنبياء» (مت 22: 36-40)."
وتابع: "هذه المحبة تقتضي إيمانا بالله، أي أن يضع الإنسان ثقته بالله وحده، ويقر بتواضع أنه غير قادر بمجهوده الخاص أن يطبق وصية المحبة، إنما بمعونة الله، ويسأله أن يكون حاضرا في حياته. هذا ما قصده الرسول بولس في رسالة اليوم، بكلامه على البر الذي بالإيمان. فالوصية لا تعود مجرد كلمات مكتوبة على ورق، إنما تصبح كلمات محفورة في قلب الإنسان، ترافقه أينما ذهب ومهما فعل. يقول الرسول بولس: «الكلمة قريبة منك في فمك وفي قلبك، أي كلمة الإيمان التي نكرز بها» (رو10: 8)، الإيمان بالرب يسوع المسيح الذي أقامه الله من الأموات (10: 9)، والذي نقل لنا وصايا الله الآب وحققها في حياته وأظهر نفسه مثالا يحتذى وطريقا علينا أن نسلكه".
وقال: "لذلك، يدعونا الرسول بولس، أن ندرك وصايا الله، التي نقلها لنا الرب يسوع، في قلوبنا، وأن نسعى إلى العمل بها على حسب ما نقرأ في سفر التثنية: «إن هذه الوصية التي أوصيك بها اليوم ليست عسرة عليك ولا بعيدة منك. ليست هي في السماء حتى تقول من يصعد لأجلنا إلى السماء ويأخذها لنا ويسمعنا إياها لنعمل بها، ولا هي عبر البحر حتى تقول من يعبر لأجلنا البحر ويأخذها لنا ويسمعنا إياها لنعمل بها، بل الكلمة قريبة منك جدا في فمك وفي قلبك لتعمل بها» (30: 11-14)."
أضاف: "يا أحبة، ليس مطلوبا منا شعارات ومظاهر خداعة، ولا التعلق بحرفية الناموس دون فهم معناه. المطلوب قلب صادق رحوم ومتواضع. يقول لنا بولس الرسول «إن الكلمة قريبة منك، في فمك وفي قلبك، أي كلمة الإيمان التي نبشر نحن بها، لأنك إن اعترفت بفمك بالرب يسوع وآمنت بقلبك أن الله قد أقامه من بين الأموات فإنك تخلص». كمال المحبة ليس في حفظ الوصايا إنما بتطبيقها، باتباع المسيح والإيمان به والعمل بوصاياه. هذا هو البر الذي من الإيمان. عندها ينتشلنا الرب بنعمته من كل شر وخطر وينجينا من كل تجربة. كم ينقص هذا البلد أبرار يحكمونه بالعدل والإستقامة والإنصاف والصدق! أسبوع يفصلنا عن ذكرى فاجعة مست كل بيت بيروتي وما زلنا ننتظر كشف الحقيقة وإحقاق العدالة عل ذلك يثلج بعض الشيء القلوب الدامية ويريح النفوس المعذبة. كم يلزمنا أبرار يقفون في وجه الظلم والتسلط واستباحة البلد ودستوره، وفي وجه تفتيت الدولة وتفريغ مؤسساتها، وفي طليعتها رئاسة الجمهورية، وقريبا غيرها، عوض العمل على انتشالها من تحت ركام الفساد والغبن. البر فعل إلهي غائب عن ضمائر مسؤولي هذا البلد، عساهم يجدون الطريق نحوه حتى ينهض الكل، ويعود البلد ملاذا آمنا لأبنائه".
وختم: "دعوة اليوم موجهة إلى كل إنسان، ألا يبتعد عن بر الله، وأن يتصرف على حسب الصورة والمثال الإلهيين اللذين خلق عليهما".
بعد القداس ألقى عظة قال فيها: "سمعنا اليوم فصلا من رسالة الرسول بولس إلى أهل رومية (10: 1-10)، يميز فيه الرسول بين بر الله أو البر الذي بالإيمان (10: 3، 6) وبين البر الذي بالناموس (10: 5)، ويخلص إلى أن المطلوب هو البر الذي بالإيمان، الذي يقودنا إلى الخلاص. إن كلمة بر في الكتاب المقدس هي ترجمة لكلمة عبرية معناها عدل، إستقامة، إنصاف، صدق، تاليا هي مرتبطة بالقضاء. البار هو من تعلن براءته إذا حوكم، ويكون الحكم في الكتاب المقدس على أساس القانون الذي يضعه الله، أي الوصايا. فلكي يكون الإنسان بارا عليه أن يحفظ وصايا الله ويعمل بها كما نقرأ في العهد القديم: «...أن تحب الرب إلهك وتسلك في طرقه وتحفظ وصاياه وفرائضه وأحكامه لكي تحيا وتنمو ويباركك الرب إلهك...» (تث30: 16)."
أضاف: "لقد وضع الله وصاياه وفرائضه لكي يحيا كل من يعمل بها. نقرأ في سفر اللاويين: «أنا الرب إلهكم، فتحفظون فرائضي وأحكامي التي إذا فعلها الإنسان يحيا بها، أنا الرب» (لا 18: 5). إلا أن شعب الله في الكتاب المقدس لم يستطع أن يطبقها كلها، لذلك لم يستطع أن ينال بر الناموس. إعتقد هذا الشعب أنه بقدرته وبجهده الخاص يستطيع الحصول على البر، ولم يفهم أن المطلوب هو محبة الله والثقة الكاملة فيه. لذلك، استعاض عن الوصايا بالطقوس التي يمارسها في الشعائر الدينية، وبالأصوام والأفعال الخارجية التي يفرضها الناموس من ختان وحفظ السبت والتعشير وغيرها، معتقدا خطأ أنه، إذا طبقها، يكون بارا، وكلنا نعلم أن الفريسي الذي وقف يصلي بتكبر، معددا أعماله التي يظن أنها تبرره، ومزدريا بالآخرين، قائلا في نفسه:« أللهم أنا أشكرك لأني لست مثل باقي الناس الخاطفين الظالمين الزناة، ولا مثل هذا العشار، أصوم مرتين في الأسبوع وأعشر كل ما أقتنيه» (لو 18: 11-12)، لم يرجع إلى بيته مبررا لأن الله لا تهمه الأشياء الظاهرية بل يطلب المحبة: محبة الإنسان لله ولأخيه الإنسان، وهذا ما علمه الرب يسوع قائلا: «تحب الرب إلهك من كل قلبك ومن كل نفسك ومن كل فكرك. هذه هي الوصية الأولى والعظمى، والثانية مثلها: تحب قريبك كنفسك. بهاتين الوصيتين يتعلق الناموس كله والأنبياء» (مت 22: 36-40)."
وتابع: "هذه المحبة تقتضي إيمانا بالله، أي أن يضع الإنسان ثقته بالله وحده، ويقر بتواضع أنه غير قادر بمجهوده الخاص أن يطبق وصية المحبة، إنما بمعونة الله، ويسأله أن يكون حاضرا في حياته. هذا ما قصده الرسول بولس في رسالة اليوم، بكلامه على البر الذي بالإيمان. فالوصية لا تعود مجرد كلمات مكتوبة على ورق، إنما تصبح كلمات محفورة في قلب الإنسان، ترافقه أينما ذهب ومهما فعل. يقول الرسول بولس: «الكلمة قريبة منك في فمك وفي قلبك، أي كلمة الإيمان التي نكرز بها» (رو10: 8)، الإيمان بالرب يسوع المسيح الذي أقامه الله من الأموات (10: 9)، والذي نقل لنا وصايا الله الآب وحققها في حياته وأظهر نفسه مثالا يحتذى وطريقا علينا أن نسلكه".
وقال: "لذلك، يدعونا الرسول بولس، أن ندرك وصايا الله، التي نقلها لنا الرب يسوع، في قلوبنا، وأن نسعى إلى العمل بها على حسب ما نقرأ في سفر التثنية: «إن هذه الوصية التي أوصيك بها اليوم ليست عسرة عليك ولا بعيدة منك. ليست هي في السماء حتى تقول من يصعد لأجلنا إلى السماء ويأخذها لنا ويسمعنا إياها لنعمل بها، ولا هي عبر البحر حتى تقول من يعبر لأجلنا البحر ويأخذها لنا ويسمعنا إياها لنعمل بها، بل الكلمة قريبة منك جدا في فمك وفي قلبك لتعمل بها» (30: 11-14)."
أضاف: "يا أحبة، ليس مطلوبا منا شعارات ومظاهر خداعة، ولا التعلق بحرفية الناموس دون فهم معناه. المطلوب قلب صادق رحوم ومتواضع. يقول لنا بولس الرسول «إن الكلمة قريبة منك، في فمك وفي قلبك، أي كلمة الإيمان التي نبشر نحن بها، لأنك إن اعترفت بفمك بالرب يسوع وآمنت بقلبك أن الله قد أقامه من بين الأموات فإنك تخلص». كمال المحبة ليس في حفظ الوصايا إنما بتطبيقها، باتباع المسيح والإيمان به والعمل بوصاياه. هذا هو البر الذي من الإيمان. عندها ينتشلنا الرب بنعمته من كل شر وخطر وينجينا من كل تجربة. كم ينقص هذا البلد أبرار يحكمونه بالعدل والإستقامة والإنصاف والصدق! أسبوع يفصلنا عن ذكرى فاجعة مست كل بيت بيروتي وما زلنا ننتظر كشف الحقيقة وإحقاق العدالة عل ذلك يثلج بعض الشيء القلوب الدامية ويريح النفوس المعذبة. كم يلزمنا أبرار يقفون في وجه الظلم والتسلط واستباحة البلد ودستوره، وفي وجه تفتيت الدولة وتفريغ مؤسساتها، وفي طليعتها رئاسة الجمهورية، وقريبا غيرها، عوض العمل على انتشالها من تحت ركام الفساد والغبن. البر فعل إلهي غائب عن ضمائر مسؤولي هذا البلد، عساهم يجدون الطريق نحوه حتى ينهض الكل، ويعود البلد ملاذا آمنا لأبنائه".
وختم: "دعوة اليوم موجهة إلى كل إنسان، ألا يبتعد عن بر الله، وأن يتصرف على حسب الصورة والمثال الإلهيين اللذين خلق عليهما".