"إغراء" هوكستين ونقض نصرالله والتسليم بالفراغ الرئاسي
أنطوان الأسمر
20 تموز 2024 06:23
كتب أنطوان الأسمر في "اللواء":
تجهد واشنطن لتعويم مفاوضات التهدئة بين تل أبيب وحركة حماس، في محاولة لإنقاذ المسار التفاوضي بعد القلق من انهياره نتيجة استهداف الجيش الإسرائيلي القائد العسكري لكتائب القسام محمد الضيف. في هذا الإطار جاء إعلان وزارة الخارجية الأميركية أن واشنطن تلقت تأكيداً من تل أبيب بأن إسرائيل لا تزال ملتزمة بالتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، مما أضفى بعض الإيجابية على هذا المسار، على عكس مؤشرات الانهيار التي ظهرت بعد عملية الضيف. أما موقف حماس فتباينَ بين المطالبة بوقف التفاوض والإعلان عن استعداد الحركة مواصلته.
توازياً، بات الوضع في الجنوب معلّقا على زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى واشنطن، باعتبارها ستشكّل مفترقاً في وجهة الصراع المفتوح.
الواضح أن الرجل أرجأ ما يخبئ للجنوب إلى ما بعد خطابه في الكونغرس في 24 تموز. من هذا المنطلق، تواظب واشنطن ضغطها لثنيه عن أي خطوة دراماتيكية تجاه لبنان، مع إدراكها أنه قد يذهب في اتجاه الحرب الشاملة في حال لم يكتب له نجاح داخلي في مواجهة المعارضة والملفات القضائية التي تنتظره. لكن التقويم الأميركي الغالب حتى الآن أن نتنياهو ينتظر اللقاء بالرئيس جو بايدن قبل أن يحدد خطواته اللاحقة في الشمال. ويبدو البيت الأبيض متيقنا بأن لا خوف من تدهور حربي عند الحدود اللبنانية - الإسرائيلية، الأمر الذي عكسه المتحدث باسم مجلس الأمن القومي جون كيربي بقوله: «إننا لا نرى أي علامة على حرب شاملة في شمال إسرائيل».
وثمة في هذا السياق معطيات ديبلوماسية تفيد بأن الهدنة في قطاع غزة تتقدم باتجاه اقرارها ولكن بعد عودة نتنياهو من واشنطن، مما يعني أن الأمر نفسه ينسحب تلقائيا على الجنوب، وهي المعادلة التي سبق أن ثبّتها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله.
ويعتقد البعض في واشنطن أن نتنياهو متى شعر بأن الحزب الديمقراطي في وارد التخلي عن ترشيح الرئيس جو بايدن في اتجاه شخصية قادرة على منافسة الرئيس السابق دونالد ترامب، سيتأنّى في حساباته. هو سيظل على موقفه المتعنّت طالما يستشعر ضعف الحملة الرئاسية للحزب الديموقراطي، لكنه لن يتوانى عن التأقلم عند لحظِهِ تغيرا في موازين الانتخابات ومراكز القوى.
في الموازاة، تستمر الوساطات العربية والغربية بهدف إنضاج اتفاق لوقف إطلاق النار في الجنوب. ويُنتظر في هذا السياق ما ستؤدي إليه الوساطة الألمانية بين واشنطن وحزب الله، وهي مطلوبة بإلحاح من الجانبين على حد سواء، حتى لو تنصّل الحزب منها وتعمّد نفي وجودها.
ولا يزال المستشار الرئاسي الأميركي آموس هوكستين في انتظار تسوية الوضع في غزة ليبدأ تنفيذ ما تم الاتفاق عليه لبنانياً لمرحلة ما بعد الحل في القطاع. ومن بين البنود التي تحتاج إلى مزيد من النقاش، ما يتعلق بتطبيق القرار 1701 وآلية تنفيذه والمسار الذي سيتم اتباعه بعد وقف إطلاق النار لتثبيت الهدنة، بالإضافة إلى استعداد واشنطن لتقديم المساعدة لإعادة إعمار الجنوب، إلى جانب استعدادها الضغط من أجل تسهيل انتخاب الرئيس كخطوة لبدء ورشة التعافي المالي والاقتصادي.
وإذ عُدّ الاستعداد الأميركي لإعادة الإعمار رسالة مباشرة إلى حزب الله تحمل الكثير من الإغراء، تعمّد السيد نصرالله نقض الرسالة وتجاهلها، بتأكيده أن الحزب هو الذي سيعيد البناء، مشددا في الوقت عينه على أن الدولة اللبنانية هي التي ستفاوض باسم لبنان، وعلى أن «كل ما يشاع عن اتفاق جاهز للوضع عند الحدود الجنوبية غير صحيح»، باعتبار أن «مستقبل الوضع في الجنوب سيتقرر على ضوء نتائج هذه المعركة».
ولئن وضع السيد نصرالله دفتر شروط المرحلة، في حاليّ استمرار حرب غزة ووقفها، تبقى لافتة إشارته إلى أن الدولة اللبنانية هي التي ستفاوض في مرحلة ما بعد وقف النار. وهذا يعني فيما يعني تسليم الأمر إلى رئيس مجلس النواب نبيه بري مع دور لرئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي.
يعيد هذا التسليم بالفراغ الرئاسي فتح الجرح النازف مع استمرار الشغور في رئاسة الجمهورية المفترض أن تكون وحدها المخوّلة التفاوض في أي شأن خارجي.
تجهد واشنطن لتعويم مفاوضات التهدئة بين تل أبيب وحركة حماس، في محاولة لإنقاذ المسار التفاوضي بعد القلق من انهياره نتيجة استهداف الجيش الإسرائيلي القائد العسكري لكتائب القسام محمد الضيف. في هذا الإطار جاء إعلان وزارة الخارجية الأميركية أن واشنطن تلقت تأكيداً من تل أبيب بأن إسرائيل لا تزال ملتزمة بالتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، مما أضفى بعض الإيجابية على هذا المسار، على عكس مؤشرات الانهيار التي ظهرت بعد عملية الضيف. أما موقف حماس فتباينَ بين المطالبة بوقف التفاوض والإعلان عن استعداد الحركة مواصلته.
توازياً، بات الوضع في الجنوب معلّقا على زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى واشنطن، باعتبارها ستشكّل مفترقاً في وجهة الصراع المفتوح.
الواضح أن الرجل أرجأ ما يخبئ للجنوب إلى ما بعد خطابه في الكونغرس في 24 تموز. من هذا المنطلق، تواظب واشنطن ضغطها لثنيه عن أي خطوة دراماتيكية تجاه لبنان، مع إدراكها أنه قد يذهب في اتجاه الحرب الشاملة في حال لم يكتب له نجاح داخلي في مواجهة المعارضة والملفات القضائية التي تنتظره. لكن التقويم الأميركي الغالب حتى الآن أن نتنياهو ينتظر اللقاء بالرئيس جو بايدن قبل أن يحدد خطواته اللاحقة في الشمال. ويبدو البيت الأبيض متيقنا بأن لا خوف من تدهور حربي عند الحدود اللبنانية - الإسرائيلية، الأمر الذي عكسه المتحدث باسم مجلس الأمن القومي جون كيربي بقوله: «إننا لا نرى أي علامة على حرب شاملة في شمال إسرائيل».
وثمة في هذا السياق معطيات ديبلوماسية تفيد بأن الهدنة في قطاع غزة تتقدم باتجاه اقرارها ولكن بعد عودة نتنياهو من واشنطن، مما يعني أن الأمر نفسه ينسحب تلقائيا على الجنوب، وهي المعادلة التي سبق أن ثبّتها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله.
ويعتقد البعض في واشنطن أن نتنياهو متى شعر بأن الحزب الديمقراطي في وارد التخلي عن ترشيح الرئيس جو بايدن في اتجاه شخصية قادرة على منافسة الرئيس السابق دونالد ترامب، سيتأنّى في حساباته. هو سيظل على موقفه المتعنّت طالما يستشعر ضعف الحملة الرئاسية للحزب الديموقراطي، لكنه لن يتوانى عن التأقلم عند لحظِهِ تغيرا في موازين الانتخابات ومراكز القوى.
في الموازاة، تستمر الوساطات العربية والغربية بهدف إنضاج اتفاق لوقف إطلاق النار في الجنوب. ويُنتظر في هذا السياق ما ستؤدي إليه الوساطة الألمانية بين واشنطن وحزب الله، وهي مطلوبة بإلحاح من الجانبين على حد سواء، حتى لو تنصّل الحزب منها وتعمّد نفي وجودها.
ولا يزال المستشار الرئاسي الأميركي آموس هوكستين في انتظار تسوية الوضع في غزة ليبدأ تنفيذ ما تم الاتفاق عليه لبنانياً لمرحلة ما بعد الحل في القطاع. ومن بين البنود التي تحتاج إلى مزيد من النقاش، ما يتعلق بتطبيق القرار 1701 وآلية تنفيذه والمسار الذي سيتم اتباعه بعد وقف إطلاق النار لتثبيت الهدنة، بالإضافة إلى استعداد واشنطن لتقديم المساعدة لإعادة إعمار الجنوب، إلى جانب استعدادها الضغط من أجل تسهيل انتخاب الرئيس كخطوة لبدء ورشة التعافي المالي والاقتصادي.
وإذ عُدّ الاستعداد الأميركي لإعادة الإعمار رسالة مباشرة إلى حزب الله تحمل الكثير من الإغراء، تعمّد السيد نصرالله نقض الرسالة وتجاهلها، بتأكيده أن الحزب هو الذي سيعيد البناء، مشددا في الوقت عينه على أن الدولة اللبنانية هي التي ستفاوض باسم لبنان، وعلى أن «كل ما يشاع عن اتفاق جاهز للوضع عند الحدود الجنوبية غير صحيح»، باعتبار أن «مستقبل الوضع في الجنوب سيتقرر على ضوء نتائج هذه المعركة».
ولئن وضع السيد نصرالله دفتر شروط المرحلة، في حاليّ استمرار حرب غزة ووقفها، تبقى لافتة إشارته إلى أن الدولة اللبنانية هي التي ستفاوض في مرحلة ما بعد وقف النار. وهذا يعني فيما يعني تسليم الأمر إلى رئيس مجلس النواب نبيه بري مع دور لرئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي.
يعيد هذا التسليم بالفراغ الرئاسي فتح الجرح النازف مع استمرار الشغور في رئاسة الجمهورية المفترض أن تكون وحدها المخوّلة التفاوض في أي شأن خارجي.