في لبنان: فاكهة تُنازع البقاء... لهذه الأسباب!
عامر زين الدين
18 تموز 2024 06:26
كتب عامر زين الدين في "الأنباء" الكويتية:
نالت المساحات الزراعية في منطقة البقاع الغربي قسطا وافرا من الاستغلال لمصلحة زراعة الدراق على مدى الأعوام الماضية، وشكل تصاعدها علامة استفهام واسعة حول مستقبل تلك الزراعة واكتساح الأسواق المحلية واللبنانية عموما وصولا إلى دول الخليج العربي بمنتوجات أصنافها الوفيرة.
وقدرت زراعة الدراق بنحو 12 ألف دونم، وإنتاج للدونم الواحد بحدود 2 إلى 3 أطنان سنويا كمعدل وسطي، وصولا إلى كيفية تدبر أمر تصريف المنتج على مساحة أوسع. واستحوذت هذه الزراعة على أسعار مقبولة نسبيا، إلا أنها تلقى اليوم مصير أقرانها من الفواكه الآخذة بالتراجع إلى حد الاضمحلال.
كان خوف المزارعين من عدم إحاطة هذا المنتج من قبل الوزارات المعنية ولاسيما وزارة الزراعة لجهة وضع الخطة الضرورية، لفتح أسواق جديدة أمام هذه الفاكهة من أجل استيعاب الكميات المنتجة، وتقديم المساعدات الضرورية المطلوبة إلى المزارعين بهدف التخفيف من الأكلاف التي يتكبدونها، وبغية رفع الانتاجية والحفاظ على جودتها، كي تتمكن من الصمود أمام منافسة الأسواق على اختلافها، وقبل كل ذلك الحفاظ على استمراريتها.
هذا الخوف كان في مكانه، ذلك ان زراعة الدراق شهدت تراجعا كبيرا بلغ أدنى مستوى من سقف التوقعات، بعد تحول المزارعين إلى البحث عن آفاق بديلة، ومنها الاستثمار الزراعي للأراضي بدلا من زراعتها وحمل أثقال وهموم تصريف الانتاج ودفع تكاليفه، حيث النتيجة محسوبة سلفا انها خاسرة ولا ترد التكاليف.
المزارع قاسم أمكي من ابناء قب إلياس وسهله وعلى الرغم من انشغالاته وتنوع عمله، بقي متمسكا بتلك الزراعة ويراها دليلا على التمسك ليس بالأرض فحسب وانما بالتراث، وصولا إلى أساسات المجتمع، قال لـ «الأنباء»: «لبنان الصغير بمساحته المتنوع بطبيعته والمتعدد المناخات والمتميز بتعاقب الفصول والغني بإنتاجه الزراعي حسب مناطق وجودها، تشتهر كل منطقة فيه بنوع من الزراعات يضفي اليها المناخ ونوع التربة وسطوع الشمس وارتفاعها عن سطح البحر ميزة لكل منطقة دون الاخرى، حيث نجد أفخر أنواع المشمش في بعلبك وشمسطار والكرز في حزرتا وعرسال، والحمضيات في سهول بلدنا الساحلية، والكرمة في كفريا وسفح السلسة الغربية المقابلة للشمس، فإن سهل قب إلياس يتميز بتربته وبأجود أنواع الدراق، وخاصة الأصناف الطبيعية منها، التي لم يتم تهجينها والتلاعب بجيناتها، وهي من أفضل الطعمات وأطيب المذاقات والنكهات، ومنها صنفان كان أهلها يعرفونهما وهما «الديكسيريد» و«الريد هفن»، حيث كانت تزرع غالبية البساتين المروية من هذين الصنفين».
وأضاف «لكن نسبة إلى الكلفة العالية ووجود العديد من الآفات الزراعية، تحول الكثير من مالكي الأراضي إلى استثمار أكثر ربحا وأقل كلفة، وأصبح هذا النوع نادرا على رغم تميزه بنكهة الدراق الطبيعي».
تتركز زراعة الدراق في مناطق مشغرة، عانا، تل الذنوب، خربة قنافار، عميق، عين زبدة، صغبين، الخيارة، لوسي والمنصورة في البقاع الغربي.
وفي المقابل، يرى سامي نعوم ان «ثمة أصنافا جديدة من الدراق جاءت على حساب الأصناف القديمة، ونوعيتها أكثر جودة وإنتاجية وأفضل تسويقا، مثل نوع «الألبرتا» الذي يعد من النوعيات الأفضل، لناحية استخدامها كفاكهة مجففة لفصل الشتاء».
وقال لـ «الأنباء»: «هناك 10 أصناف على الأقل كلها جديدة، وأهميتها انها تعطي أوقاتا تسلسلية على مدى أشهر الصيف، ومرغوبة نسبيا ومطلوبة في الأسواق المحلية أيضا، ومنها الاشجار القزمة والمعلقة. فـ «النيكترين» من الصنف الأكثر زراعة وتسويقا. ويبقى ان الأسعار لا تأتي كما يجب وتتأرجح كالبوصلة، بحيث تتراوح بين دولار واحد ودولارين للكيلوغرام الواحد حسب النوعية والجودة، وأقل من ذلك بكثير احيانا لبعض الأصناف غير الأساسية وغير ذات الجودة العالية. وكنا نوزع الإنتاج ما بين السوق المحلي، والتصدير إلى الدول الأوروبية ودول الخليج ومصر وسورية والعراق، اما الآن فلم تعد هناك كميات كبيرة والأسواق الخارجية شبه معطلة، لا بل اننا نعاني من المنافسة الخارجية لأسواقنا».
بدوره، يصف المزارع إلياس سلوم الوضع الزراعي للدراق بـ «الكارثي، فالدونم الواحد يتطلب سنويا مبلغا يتعدى الألف دولار ما بين شراء الأدوية والأسمدة والحراثة والتقليم واليد العاملة والقطاف وغيرها من المتطلبات، والغلاء العالمي ساهم كثيرا في التأثير على المواسم بالنسبة إلى الأدوية والأسمدة، وفي الإنتاجية على مستوى البقاع، عدا عن ارتباط الزراعة بأحوال الطقس، فحين يحل البرد والصقيع تنخفض الإنتاجية إلى حدود الخمسين في المئة من معدل إنتاج الدونم الواحد، بينما ترتفع الإنتاجية إلى حدود 80% في حال استقرار الطبيعة والطقس. وارتفاع الأسعار في الأدوية والأسمدة يقلل من العناية بشجرة الدراق، التي تتأثر فورا بالامر، خصوصا لناحية وجود أمراض مستجدة وغير معروفة سابقا من المزارعين، ناهيك عن سوء نوعية الأدوية أو الأسمدة المستخدمة، بعدما دخل اليها عامل الغش».
وختم «ندعو الدولة إلى النظر إلى الزراعات في البقاع ومنها الدراق، المرتبط بتراث هذه المنطقة، ولأهمية زراعته واستمرار وجوده، لأنه إذا بقي الأمر هكذا، قد نصل إلى اضمحلال مساحات الفواكه على نحو أكبر، باعتبار معظم الزراعات باتت في خطر الاستمرار على النحو الذي كانت عليه، إذا لم تحصل حماية جدية للمواسم، من جراء ارتفاع أسعار الأدوية والأسمدة والمنافسة الخارجية، بدليل ان غالبية أصحاب الأراضي يذهبون إلى تأجير أراضيهم واستثمارها في هذا المجال بدلا من زراعتها».
نالت المساحات الزراعية في منطقة البقاع الغربي قسطا وافرا من الاستغلال لمصلحة زراعة الدراق على مدى الأعوام الماضية، وشكل تصاعدها علامة استفهام واسعة حول مستقبل تلك الزراعة واكتساح الأسواق المحلية واللبنانية عموما وصولا إلى دول الخليج العربي بمنتوجات أصنافها الوفيرة.
وقدرت زراعة الدراق بنحو 12 ألف دونم، وإنتاج للدونم الواحد بحدود 2 إلى 3 أطنان سنويا كمعدل وسطي، وصولا إلى كيفية تدبر أمر تصريف المنتج على مساحة أوسع. واستحوذت هذه الزراعة على أسعار مقبولة نسبيا، إلا أنها تلقى اليوم مصير أقرانها من الفواكه الآخذة بالتراجع إلى حد الاضمحلال.
كان خوف المزارعين من عدم إحاطة هذا المنتج من قبل الوزارات المعنية ولاسيما وزارة الزراعة لجهة وضع الخطة الضرورية، لفتح أسواق جديدة أمام هذه الفاكهة من أجل استيعاب الكميات المنتجة، وتقديم المساعدات الضرورية المطلوبة إلى المزارعين بهدف التخفيف من الأكلاف التي يتكبدونها، وبغية رفع الانتاجية والحفاظ على جودتها، كي تتمكن من الصمود أمام منافسة الأسواق على اختلافها، وقبل كل ذلك الحفاظ على استمراريتها.
هذا الخوف كان في مكانه، ذلك ان زراعة الدراق شهدت تراجعا كبيرا بلغ أدنى مستوى من سقف التوقعات، بعد تحول المزارعين إلى البحث عن آفاق بديلة، ومنها الاستثمار الزراعي للأراضي بدلا من زراعتها وحمل أثقال وهموم تصريف الانتاج ودفع تكاليفه، حيث النتيجة محسوبة سلفا انها خاسرة ولا ترد التكاليف.
المزارع قاسم أمكي من ابناء قب إلياس وسهله وعلى الرغم من انشغالاته وتنوع عمله، بقي متمسكا بتلك الزراعة ويراها دليلا على التمسك ليس بالأرض فحسب وانما بالتراث، وصولا إلى أساسات المجتمع، قال لـ «الأنباء»: «لبنان الصغير بمساحته المتنوع بطبيعته والمتعدد المناخات والمتميز بتعاقب الفصول والغني بإنتاجه الزراعي حسب مناطق وجودها، تشتهر كل منطقة فيه بنوع من الزراعات يضفي اليها المناخ ونوع التربة وسطوع الشمس وارتفاعها عن سطح البحر ميزة لكل منطقة دون الاخرى، حيث نجد أفخر أنواع المشمش في بعلبك وشمسطار والكرز في حزرتا وعرسال، والحمضيات في سهول بلدنا الساحلية، والكرمة في كفريا وسفح السلسة الغربية المقابلة للشمس، فإن سهل قب إلياس يتميز بتربته وبأجود أنواع الدراق، وخاصة الأصناف الطبيعية منها، التي لم يتم تهجينها والتلاعب بجيناتها، وهي من أفضل الطعمات وأطيب المذاقات والنكهات، ومنها صنفان كان أهلها يعرفونهما وهما «الديكسيريد» و«الريد هفن»، حيث كانت تزرع غالبية البساتين المروية من هذين الصنفين».
وأضاف «لكن نسبة إلى الكلفة العالية ووجود العديد من الآفات الزراعية، تحول الكثير من مالكي الأراضي إلى استثمار أكثر ربحا وأقل كلفة، وأصبح هذا النوع نادرا على رغم تميزه بنكهة الدراق الطبيعي».
تتركز زراعة الدراق في مناطق مشغرة، عانا، تل الذنوب، خربة قنافار، عميق، عين زبدة، صغبين، الخيارة، لوسي والمنصورة في البقاع الغربي.
وفي المقابل، يرى سامي نعوم ان «ثمة أصنافا جديدة من الدراق جاءت على حساب الأصناف القديمة، ونوعيتها أكثر جودة وإنتاجية وأفضل تسويقا، مثل نوع «الألبرتا» الذي يعد من النوعيات الأفضل، لناحية استخدامها كفاكهة مجففة لفصل الشتاء».
وقال لـ «الأنباء»: «هناك 10 أصناف على الأقل كلها جديدة، وأهميتها انها تعطي أوقاتا تسلسلية على مدى أشهر الصيف، ومرغوبة نسبيا ومطلوبة في الأسواق المحلية أيضا، ومنها الاشجار القزمة والمعلقة. فـ «النيكترين» من الصنف الأكثر زراعة وتسويقا. ويبقى ان الأسعار لا تأتي كما يجب وتتأرجح كالبوصلة، بحيث تتراوح بين دولار واحد ودولارين للكيلوغرام الواحد حسب النوعية والجودة، وأقل من ذلك بكثير احيانا لبعض الأصناف غير الأساسية وغير ذات الجودة العالية. وكنا نوزع الإنتاج ما بين السوق المحلي، والتصدير إلى الدول الأوروبية ودول الخليج ومصر وسورية والعراق، اما الآن فلم تعد هناك كميات كبيرة والأسواق الخارجية شبه معطلة، لا بل اننا نعاني من المنافسة الخارجية لأسواقنا».
بدوره، يصف المزارع إلياس سلوم الوضع الزراعي للدراق بـ «الكارثي، فالدونم الواحد يتطلب سنويا مبلغا يتعدى الألف دولار ما بين شراء الأدوية والأسمدة والحراثة والتقليم واليد العاملة والقطاف وغيرها من المتطلبات، والغلاء العالمي ساهم كثيرا في التأثير على المواسم بالنسبة إلى الأدوية والأسمدة، وفي الإنتاجية على مستوى البقاع، عدا عن ارتباط الزراعة بأحوال الطقس، فحين يحل البرد والصقيع تنخفض الإنتاجية إلى حدود الخمسين في المئة من معدل إنتاج الدونم الواحد، بينما ترتفع الإنتاجية إلى حدود 80% في حال استقرار الطبيعة والطقس. وارتفاع الأسعار في الأدوية والأسمدة يقلل من العناية بشجرة الدراق، التي تتأثر فورا بالامر، خصوصا لناحية وجود أمراض مستجدة وغير معروفة سابقا من المزارعين، ناهيك عن سوء نوعية الأدوية أو الأسمدة المستخدمة، بعدما دخل اليها عامل الغش».
وختم «ندعو الدولة إلى النظر إلى الزراعات في البقاع ومنها الدراق، المرتبط بتراث هذه المنطقة، ولأهمية زراعته واستمرار وجوده، لأنه إذا بقي الأمر هكذا، قد نصل إلى اضمحلال مساحات الفواكه على نحو أكبر، باعتبار معظم الزراعات باتت في خطر الاستمرار على النحو الذي كانت عليه، إذا لم تحصل حماية جدية للمواسم، من جراء ارتفاع أسعار الأدوية والأسمدة والمنافسة الخارجية، بدليل ان غالبية أصحاب الأراضي يذهبون إلى تأجير أراضيهم واستثمارها في هذا المجال بدلا من زراعتها».