عودة: على مجلس النواب أن يكون السد المنيع في وجه كل هرطقة
14 تموز 2024 13:58
ترأس متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الارثوذكس المطران الياس عودة، خدمة القداس في كاتدرائية القديس جاورجيوس، بحضور حشد من المؤمنين.
بعد الإنجيل ألقى عظة قال فيها: "تتوالى خلال العام الليتورجي تذكارات الآباء القديسين الذين اجتمعوا في المجامع المسكونية، وأسسوا لنا إيمانا مستقيما راسخا على صخرة التي هي المسيح يسوع (1 كور 4: 10). اليوم نقيم تذكار آباء المجمع المسكوني الرابع. فماذا تعني الأبوة في الكنيسة؟ الرسل أنفسهم كانوا أول الآباء في الكنيسة لأنهم ولدوا تلاميذهم في الرب. يقول الرسول بولس: «إني أنا الذي ولدتكم في المسيح يسوع بالإنجيل» (1كو 4: 15). فكل من يلد المؤمنين بالمسيح ويتحدهم به هو أب. الأب هو الراعي والموجه الروحي والمرشد والكارز والمبشر والمعلم. هو الإنسان المحب والمضحي. الآباء هم ناقلو التقليد الكنسي الصحيح، وحملة الفكر السليم المستقيم، وخلفاء الرسل في تسليمهم الوديعة الحية. إنهم الناطقون بسلطان الخبرة الروحية، خبرة الروح القدس، المقتناة في الكنيسة".
أضاف: "كنيستنا، على عكس بعض الجماعات التي تدعو نفسها «كنائس»، هي كتابية-آبائية في آن، قائمة على الإنجيل وبشراه، كما أنها كنيسة الآباء الذين نطقوا بإلهام الروح القدس. من هنا، توازي أهمية تعليم الآباء أهمية الكتاب المقدس. نجد توازنا بين الكتاب المقدس وتعليم الآباء، حفظته كنيستنا دون سواها، وهذا يدل على أن عمل الروح القدس لم ينته بعد العنصرة، بل استمر في الكنيسة- جسد المسيح وهيكله الحي، ويستمر إلى الأبد، لأنه مقيم فيها. عمل الآباء هو توسيع وتطوير وتفسير للحقائق الموجودة في الكتاب المقدس وفي حياة الكنيسة وشركتها بالروح القدس، وليس خلقا من العدم أو ابتداعا. عطاؤهم يأتي من قلب الكنيسة، لأن نقل اللاهوت يتم من قبل الذين يقتنون النعمة الإلهية ويعيشون في الكنيسة بوعي، ويسلكون بقوة التقليد. لا يقدم الآباء مسيحا جديدا ولا خالقا جديدا، إنما يدخلون، بعمق أكثر، في الحقائق الإلهية. بعد هذا الدخول، يقدمون خبرتهم الشخصية. هذا لا يعني أن كل أب يصل إلى خبرة مغايرة لسواه، إذ إن لاهوت الآباء هو توسيع للمعرفة، وليس إصلاحا لها. بالروح القدس، يكون كل أب خلاقا في بنيان اللاهوت، إلا أنه لا يكون مبتدعا. الحقيقة في ذاتها لا تكبر ولا تنقص، لأنها مماثلة للواقع الإلهي، بيد أن كل فرد في الكنيسة ينمو في اختبار الحقيقة بمقدار ما يسير في طريق الرب. ما يحصل هو اكتمال للخبرة. الكلام على نمو للحقيقة هو هرطقة وابتداع، وعمل الكنيسة هو محاربة الإبتداع بقوة".
وتابع: "الروحانية واحدة عند الآباء، وكل منهم يسير على طريق التأله الواحد. لذلك، خطأ أن نعتبر أن من الآباء من شق خطا لاهوتياً خاصاً به، ومنهجا عقائدياً يميزه عن غيره. يعود هذا الخطأ إلى إنكار الحقيقة الواحدة، ورفض الكشف الإلهي للإنسان، إذ يستحيل أن يكشف الله لإنسان لاهوتا مختلفا عن اللاهوت الذي يكشفه لآخر. طبعا، تظهر اختلافات أحيانا بين أب وآخر، لكنها اختلافات تفسيرية بغالبيتها، وقد تصل إلى وجهة نظر مختلفة. هذا دليل قاطع على أن الروح القدس لا ينتزع من الإنسان حريته، بل يثبت له خصائصه الشخصية وصفاته الذاتية. لا يفهم لاهوت الآباء وعملهم إلا من خلال علاقتهما الصحيحة بالكتاب المقدس، لأن الإنجيل والآباء يرتبطون عضويا، ويلج واحدهم في أعماق الآخر. إن الأدب الإنجيلي هو أدب آبائي، أي ليس غريبا عن أدب الآباء القديسين. الحقيقة لا تسع في كتاب ولا في حرف ولا في شكل، لأنها كائن يدعى يسوع المسيح. الآباء أكملوا مسيرة الكتاب المقدس، فكشفوا عن بعض من الجمال المخفي وراء حرف الكتاب، أي إنهم أبرزوا الحقيقة نفسها الموجودة بين أسطر الكتاب المقدس، وعبروا عنها بأسلوبهم".
وقال: "اليوم نعيد لآباء المجمع المسكوني الرابع الذي التأم في مدينة خلقيدونية قرب القسطنطينية عام 451، بحضور أكثر من خمسمئة أسقف من كافة أنحاء المسكونة، للدفاع عن إيمان الكنيسة الثابت بطبيعتين كاملتين، إلهية وبشرية، في شخص يسوع المسيح. عقد هذا المجمع ردا على هرطقة الراهب أوطيخا الذي قال بوجود طبيعة وحيدة في المسيح، زاعما أن طبيعة المسيح البشرية ذابت في ألوهيته ذوبان قطرة الخمر في المحيط، أي أن الطبيعة الإلهية إبتلعت الطبيعة البشرية. هذا مس سافر بسر الفداء الحاصل بالرب يسوع، وهو الذي حمل طبيعتنا البشرية بأوجاعها ليمجدها بالقيامة الظافرة، بعد اقتباله الصلب والموت. حدد آباء المجمع الرابع الإيمان القويم بقولهم أن الطبيعتين البشرية والإلهية اتحدتا كاملتين، بلا اختلاط أو تغير، بلا انقسام أو انفصال، في شخص المسيح ابن مريم، المصلوب والقائم من بين الأموات، وهو نفسه الكلمة الذي «صار جسدا وحل بيننا ورأينا مجده مجدا كما لوحيد من الآب مملوءا نعمة وحقا» (يو 1: 14)."
وختم: "كما أن في الكنيسة ثوابت ينطلق منها كل مؤمن، توجد في الأوطان دساتير هي الركائز التي تبنى عليها الأوطان. دستور البلاد هو القانون الأعلى الذي ينظم عمل السلطات في الدولة، والدليل لكل مسؤول وحاكم ونائب وعامل في خدمة الوطن، إحترامه واجب وتطبيقه إلزامي. وكما تصدى آباء الكنيسة للهرطقات، على مجلس النواب أن يكون السد المنيع في وجه كل هرطقة قد يحاول البعض نشرها أو تعميمها. أملنا أن يحترم الجميع دستور لبنان، وعلى رأسهم نواب الشعب، وأن يطبقوا نصوصه عل الشعب يستريح من الضغوط النفسية والمعيشية، وينعم بقليل من الإستقرار. كما ندعو المؤمنين إلى قراءة الكتاب المقدس، واستلهام الآباء القديسين من أجل فهم أوضح لعمق الكلمة الإلهية، علنا إذا تعلمنا نصير آباء بقوة نعمة الروح القدس الممنوحة لنا في المعمودية".
بعد الإنجيل ألقى عظة قال فيها: "تتوالى خلال العام الليتورجي تذكارات الآباء القديسين الذين اجتمعوا في المجامع المسكونية، وأسسوا لنا إيمانا مستقيما راسخا على صخرة التي هي المسيح يسوع (1 كور 4: 10). اليوم نقيم تذكار آباء المجمع المسكوني الرابع. فماذا تعني الأبوة في الكنيسة؟ الرسل أنفسهم كانوا أول الآباء في الكنيسة لأنهم ولدوا تلاميذهم في الرب. يقول الرسول بولس: «إني أنا الذي ولدتكم في المسيح يسوع بالإنجيل» (1كو 4: 15). فكل من يلد المؤمنين بالمسيح ويتحدهم به هو أب. الأب هو الراعي والموجه الروحي والمرشد والكارز والمبشر والمعلم. هو الإنسان المحب والمضحي. الآباء هم ناقلو التقليد الكنسي الصحيح، وحملة الفكر السليم المستقيم، وخلفاء الرسل في تسليمهم الوديعة الحية. إنهم الناطقون بسلطان الخبرة الروحية، خبرة الروح القدس، المقتناة في الكنيسة".
أضاف: "كنيستنا، على عكس بعض الجماعات التي تدعو نفسها «كنائس»، هي كتابية-آبائية في آن، قائمة على الإنجيل وبشراه، كما أنها كنيسة الآباء الذين نطقوا بإلهام الروح القدس. من هنا، توازي أهمية تعليم الآباء أهمية الكتاب المقدس. نجد توازنا بين الكتاب المقدس وتعليم الآباء، حفظته كنيستنا دون سواها، وهذا يدل على أن عمل الروح القدس لم ينته بعد العنصرة، بل استمر في الكنيسة- جسد المسيح وهيكله الحي، ويستمر إلى الأبد، لأنه مقيم فيها. عمل الآباء هو توسيع وتطوير وتفسير للحقائق الموجودة في الكتاب المقدس وفي حياة الكنيسة وشركتها بالروح القدس، وليس خلقا من العدم أو ابتداعا. عطاؤهم يأتي من قلب الكنيسة، لأن نقل اللاهوت يتم من قبل الذين يقتنون النعمة الإلهية ويعيشون في الكنيسة بوعي، ويسلكون بقوة التقليد. لا يقدم الآباء مسيحا جديدا ولا خالقا جديدا، إنما يدخلون، بعمق أكثر، في الحقائق الإلهية. بعد هذا الدخول، يقدمون خبرتهم الشخصية. هذا لا يعني أن كل أب يصل إلى خبرة مغايرة لسواه، إذ إن لاهوت الآباء هو توسيع للمعرفة، وليس إصلاحا لها. بالروح القدس، يكون كل أب خلاقا في بنيان اللاهوت، إلا أنه لا يكون مبتدعا. الحقيقة في ذاتها لا تكبر ولا تنقص، لأنها مماثلة للواقع الإلهي، بيد أن كل فرد في الكنيسة ينمو في اختبار الحقيقة بمقدار ما يسير في طريق الرب. ما يحصل هو اكتمال للخبرة. الكلام على نمو للحقيقة هو هرطقة وابتداع، وعمل الكنيسة هو محاربة الإبتداع بقوة".
وتابع: "الروحانية واحدة عند الآباء، وكل منهم يسير على طريق التأله الواحد. لذلك، خطأ أن نعتبر أن من الآباء من شق خطا لاهوتياً خاصاً به، ومنهجا عقائدياً يميزه عن غيره. يعود هذا الخطأ إلى إنكار الحقيقة الواحدة، ورفض الكشف الإلهي للإنسان، إذ يستحيل أن يكشف الله لإنسان لاهوتا مختلفا عن اللاهوت الذي يكشفه لآخر. طبعا، تظهر اختلافات أحيانا بين أب وآخر، لكنها اختلافات تفسيرية بغالبيتها، وقد تصل إلى وجهة نظر مختلفة. هذا دليل قاطع على أن الروح القدس لا ينتزع من الإنسان حريته، بل يثبت له خصائصه الشخصية وصفاته الذاتية. لا يفهم لاهوت الآباء وعملهم إلا من خلال علاقتهما الصحيحة بالكتاب المقدس، لأن الإنجيل والآباء يرتبطون عضويا، ويلج واحدهم في أعماق الآخر. إن الأدب الإنجيلي هو أدب آبائي، أي ليس غريبا عن أدب الآباء القديسين. الحقيقة لا تسع في كتاب ولا في حرف ولا في شكل، لأنها كائن يدعى يسوع المسيح. الآباء أكملوا مسيرة الكتاب المقدس، فكشفوا عن بعض من الجمال المخفي وراء حرف الكتاب، أي إنهم أبرزوا الحقيقة نفسها الموجودة بين أسطر الكتاب المقدس، وعبروا عنها بأسلوبهم".
وقال: "اليوم نعيد لآباء المجمع المسكوني الرابع الذي التأم في مدينة خلقيدونية قرب القسطنطينية عام 451، بحضور أكثر من خمسمئة أسقف من كافة أنحاء المسكونة، للدفاع عن إيمان الكنيسة الثابت بطبيعتين كاملتين، إلهية وبشرية، في شخص يسوع المسيح. عقد هذا المجمع ردا على هرطقة الراهب أوطيخا الذي قال بوجود طبيعة وحيدة في المسيح، زاعما أن طبيعة المسيح البشرية ذابت في ألوهيته ذوبان قطرة الخمر في المحيط، أي أن الطبيعة الإلهية إبتلعت الطبيعة البشرية. هذا مس سافر بسر الفداء الحاصل بالرب يسوع، وهو الذي حمل طبيعتنا البشرية بأوجاعها ليمجدها بالقيامة الظافرة، بعد اقتباله الصلب والموت. حدد آباء المجمع الرابع الإيمان القويم بقولهم أن الطبيعتين البشرية والإلهية اتحدتا كاملتين، بلا اختلاط أو تغير، بلا انقسام أو انفصال، في شخص المسيح ابن مريم، المصلوب والقائم من بين الأموات، وهو نفسه الكلمة الذي «صار جسدا وحل بيننا ورأينا مجده مجدا كما لوحيد من الآب مملوءا نعمة وحقا» (يو 1: 14)."
وختم: "كما أن في الكنيسة ثوابت ينطلق منها كل مؤمن، توجد في الأوطان دساتير هي الركائز التي تبنى عليها الأوطان. دستور البلاد هو القانون الأعلى الذي ينظم عمل السلطات في الدولة، والدليل لكل مسؤول وحاكم ونائب وعامل في خدمة الوطن، إحترامه واجب وتطبيقه إلزامي. وكما تصدى آباء الكنيسة للهرطقات، على مجلس النواب أن يكون السد المنيع في وجه كل هرطقة قد يحاول البعض نشرها أو تعميمها. أملنا أن يحترم الجميع دستور لبنان، وعلى رأسهم نواب الشعب، وأن يطبقوا نصوصه عل الشعب يستريح من الضغوط النفسية والمعيشية، وينعم بقليل من الإستقرار. كما ندعو المؤمنين إلى قراءة الكتاب المقدس، واستلهام الآباء القديسين من أجل فهم أوضح لعمق الكلمة الإلهية، علنا إذا تعلمنا نصير آباء بقوة نعمة الروح القدس الممنوحة لنا في المعمودية".