بين صندوق الضمان اللبناني وصندوق المعاشات النرويجي: 450 مليون دولار غير قابلة للتسييل و1400 مليار دولار موظّفة في 75 دولة حول العالم
فراس سليم
5 حزيران 2024 17:20
كتب فراس سليم في موقع mtv:
في مسيرة بنائه للدولة الحديثة والتي شهدت تأسيس مؤسسات حيوية مثل مصرف لبنان ومجلس الخدمة المدنية والتفتيش المركزي ومصلحة الإنعاش الاجتماعي ناهيك عن زيادة أعداد وتخصصات الجامعات اللبنانية، أنشأ الرئيس فؤاد شهاب الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي في لبنان في العام 1963 حيث كان هدفه تقديم الحماية والرعاية للمواطنين، ولكن لم يستطع هذا الصندوق، حاله حال عهد مؤسسه، أن ينجو من مفاعيل الطبقة السياسية اللبنانية.
وفي نفس تلك الفترة في ستينات القرن الماضي، شهدت دولة النرويج تأسيس صندوق سيادي أصبح اليوم الأكبر في العالم بقرار من الحكومة النرويجية خلال مسيرة تحوّلها الاقتصادي، حيث كان الهدف الرئيسي المحافظة على مستويات النموّ وتحصين الاقتصاد في المستقبل. وتقوم حالياً وحدة الاستثمار في البنك المركزي النرويجي بإدارة الصندوق نيابة عن وزارة المالية.
ويرّكز الصندوق النرويجي استثماراته في خارج البلاد، في نحو تسعة آلاف شركة تعمل في قطاعات مختلفة، في 75 دولة، حيث ترتكز 40% من استثماراته في أميركا الشمالية، و38% في أوروبا، و18% في آسيا وأوقيانيا، و4% في باقي دول العالم. وتشكّل 1.3% من الشركات المدرجة عالمياً، و2.4% من الشركات المدرجة في أوروبا. وينوّع الصندوق باقته الاستثمارية، فيستثمر في ثلاث فئات من الأصول: 60% في الأسهم و35% في السندات و5% في العقارات.
وفي الوقت الذي كان فيه الصندوق النرويجي ينقّب عن الفرص الاستثمارية في الخارج، كان صندوق الضمان اللبناني يودع أمواله كاملة في البنك المركزي اللبناني، فتراجعت قيمة مدّخراته من 8.5 مليارات دولار إلى 450 مليون دولار بعد 17 أكتوبر 2019.
وفي السنوات الاربعة الأخيرة، أصبحت قضية الصناديق الاجتماعية والمعاشات موضوع قلق متزايد في لبنان. وفيما يبرز الصندوق النرويجي كصندوق تقاعدي تمويله كبير وإدارته فعالة، مما يتيح مدفوعات سخية ودعم وافر للمتقاعدين، يواجه الصندوق الاجتماعي اللبناني تحديات مالية، مما يؤدي إلى دفعات أقل ونقص في الموارد المتاحة للمستفيدين.
وبينما يفخر الصندوق النرويجي بمحفظته الضخمة التي تتجاوز 1.4 تريليون دولار، يواجه الصندوق الاجتماعي اللبناني أزمة مالية حادة مثلما كل المؤسسات الحيوية في لبنان.
ويوفر الصندوق النرويجي المعاشات القوية التي توفر للمتقاعدين دخلاً كبيرًا وآمنًا أثناء سنوات التقاعد، بينما يفتقر الصندوق الاجتماعي اللبناني لمواكبة نظرائه الدوليين، مما يترك المتقاعدين بدعم ضئيل يكاد يكون أقل من خط الفقر.
وعند مقارنة المتوسط المعاشي، يصبح من الواضح أن الصندوق النرويجي يقدم دخلًا أعلى بشكل ملحوظ ومستقر للمتقاعدين، في حين يعاني الصندوق اللبناني للحفاظ على نظام معاشي مستدام.
ويبرز الصندوق النرويجي كنموذج للشفافية والمساءلة، مع فحوصات دورية وممارسات استثمارية أخلاقية والتزام واضح بخدمة المستفيدين. على النقيض من ذلك، يواجه الصندوق الاجتماعي اللبناني نقص في المراقبة المالية وآليات ضعيفة للمساءلة.
وعند مقارنة التقارير والإفصاحات المالية، يظهر أن الصندوق النرويجي يلتزم بثوابت الشفافية الدولية.
في الختام، لا يختلف إثنان بأن الأزمة الاقتصادية والنقدية قد أضعفت قدرة صندوق الضمان اللبناني على توفير شبكة الأمان المالي والدعم الاجتماعي للمواطنين خلال سنوات التقاعد. ويتعين أن تولى الأولوية القصوى للشفافية والمساءلة وتبني الممارسات الدولية لضمان صندوق اجتماعي مُستدام وعادل يعمم النفع لجميع المواطنين اللبنانيين.
في مسيرة بنائه للدولة الحديثة والتي شهدت تأسيس مؤسسات حيوية مثل مصرف لبنان ومجلس الخدمة المدنية والتفتيش المركزي ومصلحة الإنعاش الاجتماعي ناهيك عن زيادة أعداد وتخصصات الجامعات اللبنانية، أنشأ الرئيس فؤاد شهاب الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي في لبنان في العام 1963 حيث كان هدفه تقديم الحماية والرعاية للمواطنين، ولكن لم يستطع هذا الصندوق، حاله حال عهد مؤسسه، أن ينجو من مفاعيل الطبقة السياسية اللبنانية.
وفي نفس تلك الفترة في ستينات القرن الماضي، شهدت دولة النرويج تأسيس صندوق سيادي أصبح اليوم الأكبر في العالم بقرار من الحكومة النرويجية خلال مسيرة تحوّلها الاقتصادي، حيث كان الهدف الرئيسي المحافظة على مستويات النموّ وتحصين الاقتصاد في المستقبل. وتقوم حالياً وحدة الاستثمار في البنك المركزي النرويجي بإدارة الصندوق نيابة عن وزارة المالية.
ويرّكز الصندوق النرويجي استثماراته في خارج البلاد، في نحو تسعة آلاف شركة تعمل في قطاعات مختلفة، في 75 دولة، حيث ترتكز 40% من استثماراته في أميركا الشمالية، و38% في أوروبا، و18% في آسيا وأوقيانيا، و4% في باقي دول العالم. وتشكّل 1.3% من الشركات المدرجة عالمياً، و2.4% من الشركات المدرجة في أوروبا. وينوّع الصندوق باقته الاستثمارية، فيستثمر في ثلاث فئات من الأصول: 60% في الأسهم و35% في السندات و5% في العقارات.
وفي الوقت الذي كان فيه الصندوق النرويجي ينقّب عن الفرص الاستثمارية في الخارج، كان صندوق الضمان اللبناني يودع أمواله كاملة في البنك المركزي اللبناني، فتراجعت قيمة مدّخراته من 8.5 مليارات دولار إلى 450 مليون دولار بعد 17 أكتوبر 2019.
وفي السنوات الاربعة الأخيرة، أصبحت قضية الصناديق الاجتماعية والمعاشات موضوع قلق متزايد في لبنان. وفيما يبرز الصندوق النرويجي كصندوق تقاعدي تمويله كبير وإدارته فعالة، مما يتيح مدفوعات سخية ودعم وافر للمتقاعدين، يواجه الصندوق الاجتماعي اللبناني تحديات مالية، مما يؤدي إلى دفعات أقل ونقص في الموارد المتاحة للمستفيدين.
وبينما يفخر الصندوق النرويجي بمحفظته الضخمة التي تتجاوز 1.4 تريليون دولار، يواجه الصندوق الاجتماعي اللبناني أزمة مالية حادة مثلما كل المؤسسات الحيوية في لبنان.
ويوفر الصندوق النرويجي المعاشات القوية التي توفر للمتقاعدين دخلاً كبيرًا وآمنًا أثناء سنوات التقاعد، بينما يفتقر الصندوق الاجتماعي اللبناني لمواكبة نظرائه الدوليين، مما يترك المتقاعدين بدعم ضئيل يكاد يكون أقل من خط الفقر.
وعند مقارنة المتوسط المعاشي، يصبح من الواضح أن الصندوق النرويجي يقدم دخلًا أعلى بشكل ملحوظ ومستقر للمتقاعدين، في حين يعاني الصندوق اللبناني للحفاظ على نظام معاشي مستدام.
ويبرز الصندوق النرويجي كنموذج للشفافية والمساءلة، مع فحوصات دورية وممارسات استثمارية أخلاقية والتزام واضح بخدمة المستفيدين. على النقيض من ذلك، يواجه الصندوق الاجتماعي اللبناني نقص في المراقبة المالية وآليات ضعيفة للمساءلة.
وعند مقارنة التقارير والإفصاحات المالية، يظهر أن الصندوق النرويجي يلتزم بثوابت الشفافية الدولية.
في الختام، لا يختلف إثنان بأن الأزمة الاقتصادية والنقدية قد أضعفت قدرة صندوق الضمان اللبناني على توفير شبكة الأمان المالي والدعم الاجتماعي للمواطنين خلال سنوات التقاعد. ويتعين أن تولى الأولوية القصوى للشفافية والمساءلة وتبني الممارسات الدولية لضمان صندوق اجتماعي مُستدام وعادل يعمم النفع لجميع المواطنين اللبنانيين.