أمورٌ تغيّرت في حياة اللبنانيّين… والآتي أعظم
جيسيكا حبشي
25 آب 2021 07:03
كتبت جيسيكا حبشي في موقع mtv:
ما يُعاني منه اللبنانيّون منذ أشهر أعاد بهم قطار الحياة عشرات السّنين الى الوراء، ولكن ليس الى الزّمن الجميل حيثُ البحبوحة والحياة البسيطة وراحة البال، وإنّما الى زمنٍ كان يتوق فيه المواطنون الى الحضارة والتطوّر والتقدّم، حالمين بمُستقبلٍ واعدٍ ومشرقٍ للبنان، ورُبمّا بزمنٍ أجمل، ولكنّ المُستقبل على ما يبدو هو نسخةٌ من الماضي، ولكن أسوأ بكثير!
غيّرت الصّدمات الاقتصاديّة والمعيشيّة الكثير في يوميّات اللبنانيّين، وجاءت أزمة المحروقات بمختلف مشتقّاتها لتزيد الحصار الاجتماعي المفروض عليهم، فوجدوا أنفسهم يعيشون أيّاماً شاقة تُشبه تلك التي عاشها أجدادهم منذ قرون ولّت ثمّ عادت في الـ2021، فإنقطاع البنزين والمازوت والغاز بدّل تفاصيل كثيرة في حياتنا ظهرت في أكثر من مشهدٍ:
طعامٌ يوميّ ومونة متواضعة: مع انقطاع الكهرباء والتّقنين القاسي في التغذية من المولّدات، هرع اللبنانيّون الى إفراغ برّاداتهم وثلاّجاتهم من اللحوم والاطعمة التي اشتروها وخزّنوها قبل أن تُصبح فاسدة وتُتسبّب بتسمّمهم، وبدأوا يعيشون على قاعدة "أعطنا خبزنا كفاف يومنا"، ويشترون ما يحتاجونه بشكلٍ يوميّ، إن توفّر، وبحسب سعر الصّرف في السّوق السوداء. وهناك من السيّدات من بادرن الى تحضير مونة متواضعة، خوفاً ممّا سوف تحمله أشهر الشتاء القاسية، مع العلم أنّ معظم مكوّنات ومُنتجات المونة باتت أسعارها مُرتفعة، ولكنّها سوف تكون قابلة للارتفاع أكثر في الاشهر المقبلة، فضلا عن تحضير الخبز المنزلي بشكلٍ يومي مع شحّه في السوق!
وداعاً لفخامة السيّارات: أصبح التنقّل في لبنان ترفاً لم نكن نعرف قيمته في السابق، حتّى وصل بنا الامر الى اقتناء كلّ شخص أكثر من وسيلة للتنقّل، سيّارة للساحل، وأخرى للجبال، وثالثة للعائلة الكبيرة. أمّا الان، فقد أصبح هذا الامر من الماضي مع استغناء العديد من العائلات عن عددٍ من سياراتها والاكتفاء بواحدة أو إثنتين فقط، وقد عادت أيضاً ظاهرة التنقّل الجَماعي في سيارة واحدة بهدف توفير البنزين، بالاضافة الى التنقّل عبر الدراجات الهوائية والناريّة. أمّا "التاكسي" الذي كان وسيلة الكثير من الاشخاص الذين لا يرغبون بالقيادة، فقد أصبح حكراً على الاغنياء فقط، فمشوارٌ من الاشرفية الى جونية مثلاً قد يُكّلفك أقلّه حوالي 300 ألف ليرة لبنانيّة، والتّسعير يختلف بين سائق وآخر.
إنارة وتدفئة بوسائل بدائيّة: مفهوم العتمة ليس جديداً على اللبنانيّين، ولكنّه عرف مداه خلال الايّام الماضية، ممّا حتّم على المواطنين البحث عن وسائل إنارة بديلة بعضها يعود لعصور قديمة كـ"اللوكس" ومصابيح الكاز، فضلاً عن الشموع، ومنها ما هو متطوّر بعض الشيء كالبطاريات والمصابيح التي تُشحن على الطاقة الكهربائية والتي ارتفعت أسعارها بشكلٍ كبير مع زيادة الطّلب عليها. وفي مجالٍ آخر، وبالرّغم من إرتفاع درجات الحرارة في لبنان، إلاّ أنّ جلّ ما يخاف منه اللبنانيّون هو الشتاء الذي سيحّل علينا قريباً والبرد القارس الذي سوف يحمله معه خصوصاً مع أسعار المازوت "النار" وغياب الكهرباء، وأمام هذا الواقع بدأ مواطنون يحضّرون الحطب ويشترونه قبل أن يرتفع سعره أكثر في الاشهر المقبلة.
وداعاً للسّهرات أمام الشاشات: إنقطاع الكهرباء ومعها خدمة الانترنت عن المنازل، أزاح عيون اللبنانيّين عن شاشاتهم الكبيرة والصغيرة التي تركوها خوفاً من عدم القدرة على شحنها، فعادت السهرات العائلية وتبادل الاحاديث والاخبار وسرد القصص كما كان يفعل أجدادنا عندما كانوا يجتمعون، وقد يكون هذا المشهد من إيجابيّات الازمة الوحيدة، التي فصلت التكنولوجيا عن عقول اللبنانيّين ولو أنها شغلت بالهم بهمومٍ كثيرة.
هكذا أصبحت حياة اللبنانيّين في القسم الثاني من العام والخوف الاكبر هو ممّا ستكون عليه يوميّاتهم مع رفع الدّعم بشكل كلّي عن المحروقات، فعندها الى أيّعصرٍ سوف نعود؟ وحده الله وحُكّامنا المُنتقلين الى رحابه الفسيحة بالنّفس والعقل وليس في الجسد يَملِكون الجواب...
ما يُعاني منه اللبنانيّون منذ أشهر أعاد بهم قطار الحياة عشرات السّنين الى الوراء، ولكن ليس الى الزّمن الجميل حيثُ البحبوحة والحياة البسيطة وراحة البال، وإنّما الى زمنٍ كان يتوق فيه المواطنون الى الحضارة والتطوّر والتقدّم، حالمين بمُستقبلٍ واعدٍ ومشرقٍ للبنان، ورُبمّا بزمنٍ أجمل، ولكنّ المُستقبل على ما يبدو هو نسخةٌ من الماضي، ولكن أسوأ بكثير!
غيّرت الصّدمات الاقتصاديّة والمعيشيّة الكثير في يوميّات اللبنانيّين، وجاءت أزمة المحروقات بمختلف مشتقّاتها لتزيد الحصار الاجتماعي المفروض عليهم، فوجدوا أنفسهم يعيشون أيّاماً شاقة تُشبه تلك التي عاشها أجدادهم منذ قرون ولّت ثمّ عادت في الـ2021، فإنقطاع البنزين والمازوت والغاز بدّل تفاصيل كثيرة في حياتنا ظهرت في أكثر من مشهدٍ:
طعامٌ يوميّ ومونة متواضعة: مع انقطاع الكهرباء والتّقنين القاسي في التغذية من المولّدات، هرع اللبنانيّون الى إفراغ برّاداتهم وثلاّجاتهم من اللحوم والاطعمة التي اشتروها وخزّنوها قبل أن تُصبح فاسدة وتُتسبّب بتسمّمهم، وبدأوا يعيشون على قاعدة "أعطنا خبزنا كفاف يومنا"، ويشترون ما يحتاجونه بشكلٍ يوميّ، إن توفّر، وبحسب سعر الصّرف في السّوق السوداء. وهناك من السيّدات من بادرن الى تحضير مونة متواضعة، خوفاً ممّا سوف تحمله أشهر الشتاء القاسية، مع العلم أنّ معظم مكوّنات ومُنتجات المونة باتت أسعارها مُرتفعة، ولكنّها سوف تكون قابلة للارتفاع أكثر في الاشهر المقبلة، فضلا عن تحضير الخبز المنزلي بشكلٍ يومي مع شحّه في السوق!
وداعاً لفخامة السيّارات: أصبح التنقّل في لبنان ترفاً لم نكن نعرف قيمته في السابق، حتّى وصل بنا الامر الى اقتناء كلّ شخص أكثر من وسيلة للتنقّل، سيّارة للساحل، وأخرى للجبال، وثالثة للعائلة الكبيرة. أمّا الان، فقد أصبح هذا الامر من الماضي مع استغناء العديد من العائلات عن عددٍ من سياراتها والاكتفاء بواحدة أو إثنتين فقط، وقد عادت أيضاً ظاهرة التنقّل الجَماعي في سيارة واحدة بهدف توفير البنزين، بالاضافة الى التنقّل عبر الدراجات الهوائية والناريّة. أمّا "التاكسي" الذي كان وسيلة الكثير من الاشخاص الذين لا يرغبون بالقيادة، فقد أصبح حكراً على الاغنياء فقط، فمشوارٌ من الاشرفية الى جونية مثلاً قد يُكّلفك أقلّه حوالي 300 ألف ليرة لبنانيّة، والتّسعير يختلف بين سائق وآخر.
إنارة وتدفئة بوسائل بدائيّة: مفهوم العتمة ليس جديداً على اللبنانيّين، ولكنّه عرف مداه خلال الايّام الماضية، ممّا حتّم على المواطنين البحث عن وسائل إنارة بديلة بعضها يعود لعصور قديمة كـ"اللوكس" ومصابيح الكاز، فضلاً عن الشموع، ومنها ما هو متطوّر بعض الشيء كالبطاريات والمصابيح التي تُشحن على الطاقة الكهربائية والتي ارتفعت أسعارها بشكلٍ كبير مع زيادة الطّلب عليها. وفي مجالٍ آخر، وبالرّغم من إرتفاع درجات الحرارة في لبنان، إلاّ أنّ جلّ ما يخاف منه اللبنانيّون هو الشتاء الذي سيحّل علينا قريباً والبرد القارس الذي سوف يحمله معه خصوصاً مع أسعار المازوت "النار" وغياب الكهرباء، وأمام هذا الواقع بدأ مواطنون يحضّرون الحطب ويشترونه قبل أن يرتفع سعره أكثر في الاشهر المقبلة.
وداعاً للسّهرات أمام الشاشات: إنقطاع الكهرباء ومعها خدمة الانترنت عن المنازل، أزاح عيون اللبنانيّين عن شاشاتهم الكبيرة والصغيرة التي تركوها خوفاً من عدم القدرة على شحنها، فعادت السهرات العائلية وتبادل الاحاديث والاخبار وسرد القصص كما كان يفعل أجدادنا عندما كانوا يجتمعون، وقد يكون هذا المشهد من إيجابيّات الازمة الوحيدة، التي فصلت التكنولوجيا عن عقول اللبنانيّين ولو أنها شغلت بالهم بهمومٍ كثيرة.
هكذا أصبحت حياة اللبنانيّين في القسم الثاني من العام والخوف الاكبر هو ممّا ستكون عليه يوميّاتهم مع رفع الدّعم بشكل كلّي عن المحروقات، فعندها الى أيّعصرٍ سوف نعود؟ وحده الله وحُكّامنا المُنتقلين الى رحابه الفسيحة بالنّفس والعقل وليس في الجسد يَملِكون الجواب...