تكونين ممدّدة على شاطئ رمليّ ذهبيّ، تستمتعين بالشمس الساطعة بخجل في يوم دافئ من أيام نيسان، وإذ بموجة "لطيفة" تتدحرج برغوتها البيضاء لتسكب ولو قليلاً من برودتها وبعضاً من قطراتها التي بالكاد تلامس جسدك.
شعور جميل للوهلة الاولى... وإذ برائحة نتنة تعكّر روعته، تليها أكياس من النفايات المتنوّعة من حيث ألوانها وأحجامها...
تؤكد ماريان (عشرينيّة) انها تعشق البحر، "وما ان ترتفع درجات الحرارة، حتى تراني أقصده في نهاية الاسبوع، لأستلقي ولو لساعات قليلة على رماله، التي تخلّصني من تشنجات العمل وضغوطه. إلا ان أكياس النفايات والروائح النتنة التي صادفتها خلال المرّة الاولى التي قررت النزول فيها الى البحر، الاسبوع الفائت، جعلتني أشعر بالقرف والاشمئزاز، وحتى "حرّمت عليّ" النزول مّرة أخرى، خصوصاّ اني أصبت بطفح جلدي، في رجلي، تبين ان سببه تلوث المياه"!
من جهته، يجزم رئيس جمعيّة الكوكب الاخضر سمير سكاف في حديث لموقع mtv، بأن "أزمة النفايات زادت تلوّث مياه البحر في لبنان، عازياً السبب الى المكبات العشوائية التي أُنشئت موقتاً على الشواطئ ومنها: مطمر الكوستابرافا الذي كان مكبّاً خلال الازمة، معمل الكرنتينا الذي تحول الى مركز لتخزين النفايات خلال الازمة، مكبّ نهر بيروت، مكبّ البوشرية، مكبّ الزلقا، إضافة الى المكبات في وديان المناطق المجاورة".
وأوضح في هذا الاطار ان "ترسّبات النفايات المكدّسة منذ أكثر من 8 أشهر، تصبّ كلها في مياه البحر عبر الوديان والانهر".
وأضاف سكاف: "لبنان كان من البلدان التي وقعت اتفاقية برشلونة لحماية البحر المتوسط من التلوث لكننا لا نلتزمها، وبالتالي نزيد تلوث البحر ونساهم في ارتفاعه بدرجة عالية، طالما اننا نسكت على إنشاء تلك المطامر وعلى جبال النفايات في برج حمود وطرابلس".
وشدّد على ان "جمعية الكوكب الاخضر معترضة على مطمري الكوستابرافا وبرج حمّود، لكننا نربط الموافقة على مطمر برج حمود بشرط التزام واضح وصريح بانهاء المطمر وجبل النفايات معاً، وتحويل المنطقة الى حديقة عامّة".
وطالب "مراكز الابحاث بأخذ عيّنات من مختلف الشواطئ اللبنانية، للتأكد من نسبة التلوث فيها ومن إمكان ارتيادها من جانب المواطنين والسياح، وحمايتهم من أي أمراض قد يتعرضون لها".
من جهتها، نصحت اختصاصيّة الامراض الجلدية الدكتورة جنان خوري جرباقة اللبنانيين بتفادي السباحة في البحر نهائياً، لما لمياهه الملوثة بفعل المجارير والنفايات التي تصبّ فيه بكميات هائلة، من آثار جانبية على بشرة الانسان، موضحة انه بطبيعة الحال ترتفع الفيروسات والامراض المعدية: منها "التواليل" التي كثرت في الآونة الأخيرة بشكل كبير، وبالتالي أعطت مثلاً صغيراً لايصال الفكرة قائلة: ان وضعنا السكر على الأرض الا نرى افواجا من النمل على السكر بعد ساعات؟ وهذا ما يحصل عندما نرمي النفايات في البحر، حيث تتجمع الفيروسات والبكتيريا.
وحذّرت جرباقة من خطورة ابتلاع مياه البحر عن طريق الخطأ وهنا نقع في مشكلة اخرى على حد قولها، حيث نبتلع بذلك موادا توكسيكية، تضرب الكبد وتسبب في معظم الحالات بالتهاب الكبد، و هو مرض يمكن ان يكون خطرا.
ونبهت جرباقة المصطافين ومحبي البحر من اخطاره، طالبة منهم في حال السباحة الاسراع فور الخروج من المياه الى الاغتسال بمياه نظيفة، ورش مواد مطهّرة على أجسامهم.
وأخيراً، إذا صحّت مقولة: "مستقبل العالم هو البحر وليس البرّ"، أين نحن من "المستقبل القريب"، لانه على ما يبدو لن يسمحوا لنا بالتخطيط "للبعيد" بعد اليوم...
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك