أياً ما آلت اليه تطورات الساعات المقبلة، لجهة ما ستؤول اليه جلسة مجلس الوزراء المقررة في القصر الجمهوري، برئاسة الرئيس العماد ميشال عون، وعلى رأس بنودها موضوع قانون الانتخابات النيابية، كما ولجهة ما ستكون عليه جلسة مجلس النواب المقررة بعد غد الجمعة في بند وحيد هو قانون الانتخاب، فإن التمديد للمجلس النيابي بات أمراً واقعاً، أياً كان عنوان التمديد، تقنياً أم «الضرورات التي تبيح المحظورات..».
هناك من يجزم بأن جلسة مجلس الوزراء ستنتهي باقرار قانون جديد للانتخابات، لكن بشرط «صفاء النية» وهذه مسألة غير مضمونة، خصوصاً وأن المواقف الأخيرة لوزير الخارجية (رئيس «التيار الحر») جبران باسيل لم تكن سهلة الهضم، بل أنها في رأي عدد من المتابعين، من حلفاء «التيار» او من خصومه، أدت الى تعقيدات اضافية، ليس من السهل تجاوزها، لاسيما وأن الرئيس نبيه بري حسم خياراته وقد رمى الكرة في ملعب الحكومة، رافضاً أي «مساومة والمزيد من اضاعة الوقت..»؟!
ليس من السهل القبول بما هو معروض، كما ليس من السهل القبول بما هو مرفوض.. وقد سجلت بورصة الاتصالات والمشاورات، انه أياً كانت النتائج فإن التمديد لمجلس النواب واقع حتماً ولا خبار آخر بمعزل عن «التوافق» او «غير التوافق» وقد أعلن وزير الداخلية أنه بحاجة الى ستة او سبعة أشهر للتحضير لاجراء الانتخابات وفق مشروع القانون المؤيد (أقله ظاهراً) من الجميع ويعتمد النسبية على أساس 15 دائرة..
تحذر مرجعيات سياسية وحزبية وروحية من التمادي في سياسة ادارة الظهر لكل ما يجري من تطورات في المحيط الاقلميي، كما في الداخل اللبناني، وقد تراكمت الملفات وتعددت ولم يعد من الممكن القفز من فوقها وكأنها لم تكن، خصوصاً وأن المسألة الأمنية احتلت صدارة هذه التطورات..
ليس هناك من شك في ان أمن «المجتمع اللبناني» والكيان، مهدد بجملة تحديات ومخاطر تترجم على أرض الواقع، من أبرزها الانقسامات العامودية الحاصلة على خلفيات طائفية ومذهبية، واستغلال «الجماعات الإرهابية» و«الخلايا الإرهابية النائمة» المرتبطة بمشاريع خارجية، دولية واقليمية ومحورية، هذه الانقسامات وتعزيزها، لتكون بؤرة صالحة لأية «عمليات ارهابية» واغتيالات وتفجيرات تتوزع بين بيروت والضاحية وطرابلس والنبطية.. من النوع الذي كشفت عنه المديرية العامة للأمن العام قبل أيام..
ينشغل «أهل السياسة» بحروبهم السياسية.. والبلد من أقصاه الى أقصاه مهدد بسلوكيات خارج عن المألوف، حيث يسجل أرفع مستوى للجرائم الموصوفة «فردية» يسقط فيها قتلى وجرحى لأسباب أقل ما يقال فيها أنها «تافهة»؟!
في قناعة عديد من الخبراء المتابعين وأصحاب الاختصاص، «ان غياب الرادع السياسي والأخلاقي والأمني، وانتشار السلاح العشوائي، شجع على القيام بتلك الجرائم» والآتي أعظم، على ما يقال؟! وفي نظر البعض ان الحل بالغ التعقيد والصعوبة ومتعدد الأوجه، من أبرزها «جمع السلاح» المنتشر، وتطبيق القوانين النافذة بشكل دقيق لا يترك مجالاً للوساطات والتدخلات السياسية.. أما مسألة تطبيق حكم الاعدام، فدونها عقبات عديدة.
لقد كان رئيس الحكومة سعد الحريري واضحاً في تصوره للحل عندما أكد في افطارات رمضانية «ان الأمن لا يحتمل أي ازدواجية، لا ازدواجية السلاح ولا ازدواجية السلطة» وهي رسالة واضحة الدلالة والاتجاه، وقد شدد على ان «مشروعنا ينص على حصرية السلاح، وحصرية السلطة بيد الدولة.. والدولة فقط.» الأمر الذي يضع السلطات المعنية كافة، أمام مسؤولياتها، وهي المنشغلة بالبحث عن قانون جديد للانتخابات واجراء الانتخابات النيابية على أساسه في أقرب وقت ممكن، وذلك على رغم الأجواء الملتبسة والموزعة بين «التفاؤل والتشاؤم» لاسيما وأن «ثقة المواطنين» بالدولة ومؤسساتها هبطت الى أدنى مستوى.. الأمر الذي أدى في قناعة متابعين، الى البحث عن «الخيارات البديلة المتوفرة وأكثرها سهولة «اللعب في كنف الطائفية والمذهبية».
يستسهل البعض الحديث عن «السلاح غير الشرعي»، أي السلاح الموجود في أيدي أحزاب وقوى وجماعات وتيارات و.. وبديهي ان تتجه الأنظار نحو المخيمات الفلسطينية العامرة بالسلاح، وقد بات بعض هذه المخيمات (عين الحلوة مثلا) بؤرة صالحة لايواء وتعزيز الجماعات الارهابية وتوفير المناخات والظروف المؤاتية لتنفيذ مخططاتهم عندما تحين ساعة الصفر.. كما ومن البديهي ان تتجه الانظار الى سلاح «حزب الله» الذي يقر الجميع بصعوبة، بل باستحالة وضعه على طاولة البحث، والتجارب السابقة كلها تؤكد هذه الاستحالة، لأسباب عديدة..
يرى البعض ان «البؤر الأمنية» ليست وحدها وراء «التسيب الأمني» الحاصل في لبنان، بحدود لافتة.. ومنطق «فائض القوة»، بات يحفز عديدين على استسهال اللجوء الى السلاح بحجة ان «الفريق الآخر» يملك من السلاح أكثر مما تملك الدولة.. وهو يدير ظهره لها في القرارات المصيرية والاستراتيجية التي تضع لبنان أمام المحك.. الأمر الذي رفع هذا البعض الى تأكيد أولوية المسألة الأمنية على ما عداها والبدء من نقطة الصفر وفق خطة تبدأ بوقف العمل برخص السلاح.. ووقف العمل برخص «الزجاج المفيّم» ووضع تشريعات وقوانين تفعل العقاب من دون محسوبيات، عسى تصل الأمور في النهاية الى الختام السعيد..؟!
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك