كلّ كلامٍ سيقال من الآن وصاعداً، على لسان السياسيّين، له صلة بالانتخابات النيابيّة. مهما بحّ سامي الجميّل صوته في خطابه أول من أمس، سيسلك بعض الناخبين طريقهم الى صناديق الاقتراع وكأنّ كلام الجميّل لم يكن. هناك، على مواقع التواصل الاجتماعي، من ذكّر الجميّل بقضايا فساد اتّهم بها والده. سخافة البعض، على مواقع التواصل، لا حدود لها.
جمهور "الكتائب" ليس أفضل حالاً على كلّ حال. ومثله جمهور الأحزاب الأخرى. هؤلاء يؤلّهون عادةً الزعيم. هو دائماً على حقّ، وإن خالف المسلّمات. الزعيم لا يخطئ، ولا يسرق، وإن شاهدوا سرقته بالعين المجرّدة قالوا: ولماذا يسرق الزعماء الآخرون ويحجم هو عن ذلك؟
في لبنان الكثير من الزعماء والقليل من رجال الدولة.
وفي لبنان ٢٠١٨ يضطرّ رجلٌ مثل زياد بارود أن "يلطي" بلائحة جميع من فيها دونه ثقافةً وعلماً وقدرةً على التشريع. قال لي زياد بارود "قرفتُ، وقد أنسحب". لم أنشر ما قاله، ولكنّني عدتُ وقرأته في أكثر من صحيفة وموقع، ولو سألني رأيي لنصحته بالانسحاب. فهو لا يملك المال لشراء الأصوات، ولا المَونة لتزفيت الطرقات، ولا الجرأة، كي لا نقول صفةً أخرى، لجمع التبرعات لحملته.
وفي لبنان ٢٠١٨، يبدو الوطن عائداً الى قباحة الإقطاع، بنسختيه الجديدة والقديمة، وفظاعة الاستزلام وفداحة الفوضى. فما من مرشّح يقدّم برنامجاً، وقد بقيت البرامج الانتخابيّة كلّها حبراً على ورق.
وفي لبنان ٢٠١٨، لا كهرباء ولا ماء، إلا تقنيناً، ولا طرقات ولا تنظيم، وفساد في كلّ شيء. وفيه أيضاً جمهور غفير، أو غفور كما سمّاه يوماً فيلمون وهبي، يذهب كالقطعان الى الانتخابات مُساقاً بخطاب تجييش نخشى أن يحرق البلد، قبل أن يحين السادس من أيّار.
وفي لبنان ٢٠١٨ سيرغمنا قانون الانتخاب على الاقتراع لسيّئين، ما دامت اللوائح كلّها تضمّ سيّئين، فالتحالفات غير منطقيّة والأحزاب لا ترشّح دوماً الأفضل. في المتن، حيث أنتخب، أكثر من دليل. سيكون في لائحة الجميّل من يموّل، ولو لم يكن صحاب كفاءة. وسيكون في اللائحة التي تضمّ ابراهيم كنعان من ينام حتى الظهر وإن صحا فسيكون غائباً عن حاجات الناس وقضاياهم، بينما كنعان لا يستريح ولا يريح، كأنّ الانتخابات حاصلة غداً، وكأنّه يحتاج بعد الى صوتٍ لكي ينجح، بينما "يملك" من الأصوات ما يفيض.
في لبنان ٢٠١٨، مشاهد مضيئة ونقاط سوداء. ما نخشاه ألا يحسن المقترعون التمييز، وما نخشاه أن يختاروا في بعض الدوائر بين السيء والأسوأ. وما نأمله ألا يذهب بَعضُنَا الى السادس من أيّار كالغنم.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك