اعتبر وزير الدولة لشؤون التخطيط ميشال فرعون "أن أزمة مرسوم ترقية الضباط لا تحتمل هذا السجال السياسي ويمكن ايجاد حل لها عبر السبل القانونية والدستورية، خصوصا أن الأبعاد المالية للتوقيع محدودة"، لافتا الى "ضرورة أن يترافق كل اقتراح قانون أو كل بند مع الكلفة المالية. فطريقة طرح المراسيم في مجلس الوزراء والقوانين على المجلس النيابي دون دراسة الكلفة والابعاد المالية، أمر خطير ينعكس سلبا. فبالرغم من أننا في وضع مالي صعب وخطير، تطرح الامور دون النظر الى كل انعكاساتها وأثارها المالية وهذا ما رأيناه في اكثر من ملف كبير. فدائما حين يتفاقم الخلاف نشهد تصعيدا سرعان ما يهدأ حين الوصول الى الحل".
وقال في حديث إذاعي: "بعدما اطلعت على تفاصيل الملف وجدت أن الحلول ليست صعبة ولكن الصعوبة تكمن في الاجواء التي ترافقه، والحل يصبح متاحا بعد تبريد هذه الاجواء. فاستمرار التشنج يحمل البلد أكلافا اضافية في موضوع لا يستحق كل ذلك، نظرا للمشاكل الاخرى".
واعتبر فرعون "أن لا نية في الاساس لرئيس الجمهورية ولا للرئيس بري في هذا الخلاف. ويجب العمل على ضرورة عدم تأثيره خصوصا أنه يأتي في لحظة نحن بحاجة فيها الى مزيد من الاستقرار من اجل العمل الحكومي والتحضير للانتخابات"، مشيرا الى "أهمية الاستقرار الامني، فمؤتمر روما هو محطة لدعم الجيش اللبناني، حتى تكون التغطية الامنية الداخلية والخارجية شاملة ما ينعكس إيجابا على كثير من الامور، ويجب أن يكون السعي دائما لاستقرار سياسي أقوى لأنه الذي يضمن الاستثمارات التي توقفت منذ أواخر 2010. والأمل كبير اليوم اذا تم تحصين هذا الاستقرار أن تعود الاستثمارات الى لبنان".
وبالنسبة لموضوع الانتخابات النيابية، رأى فرعون أنه "اذا كان من وجود خطر على الانتخابات فما نراه أن الخطر ليس خارجيا، إنما داخليا، مشددا على انه "لا بديل من اجراء الانتخابات، ولا بديل من هذا القانون الانتخابي، وان الاصلاحات التي يمكن اقرارها قبل الموعد قد تمت"، ولفت الى انه "يوجد بعض بنود القانون الاصلاحية التي لا يمكننا تطبيقها في هذه الانتخابات".
وقال: "هناك ثغرات أو مخاطر تهدد اجراء الانتخابات علينا معالجتها، ووضعها على نار حامية. جزء منها يقع على عاتق الحكومة والجزء الاخر على المجلس النيابي. كقضية المجلس الدستوري، وموضوع التغطية الاجتماعية للقضاة التي هي حق مكتسب لهم، وكلها يمكن ايجاد الحلول لها. والمشكلة الاكبر هي مشكلة المعلمين في القطاع الخاص ورفع الاقساط المدرسية وعبء ذلك على الاهالي".
واشار الى أنه "لدينا مدة ثلاثة اشهر تقريبا حتى الانتخابات، وللأسف لم نستطع تطبيق الاصلاحات التي وعدنا بها، ولا نملك عصا سحرية لتطبيقها، واذا لم يكن باستطاعتنا تطبيق هذه الاصلاحات فهذا لا يعني أن نقبل بأي شكل بتأجيل الانتخابات. التي ستكون بالصيغة الافضل في هذا القانون الذي صوتنا عليه بالرغم من أنه في مكان ما، لم تكن تفاصيله واضحة لنا، والأصعب من ذلك كله هي التحالفات، فصيغة هذا القانون تفتح مجال التحالف لأكثر من فريق سياسي وبأكثر من مكان".
وعن ملف النفايات، اوضح فرعون ان "أربعة أسباب دفعتني الى أن اعترض حيث شعرت أن الملف يقر دائما تحت ضغط التهديد بأن تكون النفايات في الشارع وهذا امر تحملناه منذ سنتين. واليوم لم أقبل على نفسي الوصول الى ما كنا وصلنا اليه حتى نجبر على توسعة المطامر".
وقال: "كان يوما أسود حين ذهبنا في حكومة الرئيس سلام، نتيجة لضغط وجود النفايات في الشوارع، الى خيار المطامر البحرية دون دراسة الاثر البيئي والصحي. على أساس أن هذه المطامر تستوعب النفايات لمدة 4 أو 5 سنوات، ولكن تفاجأنا في جلسة مجلس الوزراء الاخيرة أن المطامر تستوعب فقط لشهرين. فلم أكن أتصور أن نصل الى عرض بتوسيع هذه المطامر البحرية، دون وجود الحل المستدام. ان وزير البيئة نفسه كان قد وضع أمامنا خطة في مجلس الوزراء أسماها الخطة الآنية أو الضرورية ووضع فيها تطوير معامل الفرز وصولا الى ما يسمى (RDF) ما تبقى من النفايات يستعمل كوقود في معامل الاسمنت. وهذه الخطة هي الخطة نفسها التي تم تطبيقها إن كان في تركيا أو في مصر أو العراق بكلفة معقولة جدا، ويمكننا تطبيقها في هذه المرحلة حتى لا نتوسع في المطامر البحرية الى حين اتخاذ القرار المناسب".
وتابع: "بالنسبة للقرار الذي وضعه مجلس الوزراء لتوسعة الفرز في الكرنتينا والذي وضع في التسعينات لمدة عشر سنوات فقط مع وعد بنقل هذا المعمل، نرى ان فيه توسعة للمعمل دون أي تعويضات وهي منطقة منكوبة. كان يفترض أن يكون لدينا الوقت الكافي في موضوع بهذه الدقة وأن يوضع في اطار قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص الصادر في ايلول 2017 والذي يعتبر انجازا كبيرا. وايضا لا توجد دراسة علمية للأثر البيئي والصحي للمطامر، حيث يمكن أن تصدر عقوبة بحق للبنان من اتفاقية برشلونة للبحر المتوسط".
اضاف: "بالنسبة لموضوع المحارق لم يتخذ قرار بعد بشأنها، فالقرار هو في شأن دفتر الشروط ودراسة التأثير البيئي والصحي الذي يرافقها. والتفكك الحراري بواسطة المحارق هو حل موجود في كثير من بلدان العالم، والتقنية موجودة تقريبا ولكنها تحتاج الى دراسة مفصلة جدا لكل ما يدور حولها، فالقانون لا يسمح بأن يكون في بيروت مؤسسات صناعية ضخمة".
وفي ملف التحالفات الانتخابية، رأى فرعون: "ان الغيمة بين القوات والمستقبل آيلة الى الحلحلة، فلا توجد تحالفات خماسية أو غيرها، ومن الطبيعي ألا تعود العلاقة بين هذين الفريقين الى مرحلة 14 اذار ولكنها ستتحسن وتخرج من الخلاف الذي تحدثوا عنه الى اختلاف في بعض الامور التقنية، مع الاتفاق على الثوابت. اما الخلافات السياسية حول ثوابت معينة فقد سحبنا فتيل تفجيرها باعتماد سياسة النأي بالنفس حيث يجنب خلافات سياسية عميقة بين مكونات مجلس الوزراء. الغيمة بين المستقبل والقوات تعنيني بشكل أو بآخر، وعنصر استقرار علاقتي مع هذه القوى مهم جدا، فلا يمكنني أن اتصور وجود أي مشكلة بينهما وأسعى دائما معهما للتوفيق. وخياري الاول ايجاد افضل صيغة ممكنة للتحالفات الانتخابية، والخيار الاخر نريد لأي معركة أن تبقى محافظة على المستوى الحضاري والاخلاقي وأن تكون مبنية على الثوابت الوطنية التي نذكر بها دائما والجزء الأساسي منها موجود في البيان الوزاري والجزء الآخر نذكر به إن كان في مسألة القرارات الدولية وان كان في مسألة ترسيم الحدود أو غيره مع ضرورة استئناف الحوار حول الاستراتيجية الدفاعية".
وتابع: "نحن لا نرى الانتخابات الا بالثقة بين المواطن والمرشح وشعارنا هو الالتزام ونعمل مع فريق سياسي كبير ضمن مجموعة "أداء" أي التزام دولة إنماء أهالي والاشرفية مهمة وبيروت، والاهتمام بها يعني الاهتمام بكل لبنان ويجب ان تبقى دائما الاولوية لمصلحة الناس في اي قرار ضمن امكانية الدولة. امكانية التحالفات واسعة في هذه الانتخابات، ولكن التحالف الطبيعي هو مع القوات والكتائب والمستقبل دون ان نرفض الحوار مع احد، أما المجتمع المدني فقد اجتمعت اكثر من مرة معه ولم أجد اي مشكلة معهم في العديد من الامور ولا أرى نفسي بعيدا منهم، والبعض طلب أن أكون ممثلا لهم كوني مستقلا. ولكن لا يمكن للمجتمع المدني أن يطرح نفسه في انتخابات سياسية بامتياز الا كفريق سياسي، فالمشروع السياسي لهذه القوى هو غير بعيد من مشروع 14 اذار وفي الامور البيئية الانمائية وفي القراءة نفسها، فالمجتمع المدني في جزء منه مجتمع سياسي بامتياز. ويمكننا القول أنه مثلما يمكننا الاتفاق مع حزب سياسي على 85 بالمئة من الامور أنا اتفق معهم، ولكن الامور السياسية انا اراها بطريقتي وطريقة انجازها".
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك