اذا بقيت وُجهة الرياح المحلية والاقليمية والدولية تجري كما تشتهي سفن اهل الحكم، فان الاسبوع المقبل سيشهد طي صفحة استقالة الرئيس سعد الحريري نهائياً في جلسة مجلس الوزراء المُقررة برئاسة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ببند وحيد على جدول اعمالها: تسوية جديدة يكون عمودها الفقري النأي بالنفس عن صراعات المنطقة، الالتزام باتفاق الطائف وعدم التدخل في شؤون الدول العربية، وبالتالي المحافظة على افضل العلاقات معهم.
فالتسوية(2) التي باتت في المراحل الاخيرة من عملية نسج خيوطها بعدما حيكت معظمها في المشاورات التي اجراها الرئيس عون الاثنين الفائت في قصر بعبدا مع الاطراف السياسية كافة وركّزت في معظمها على اهمية النأي بالنفس، تنتظر عودة الرئيس عون من الزيارة الرسمية له الى روما والرئيس الحريري من باريس لوضع اللمسات الاخيرة عليها قبل ان يُحددا موعد الجلسة الحكومية المُنتظرة بعد غياب لنحو شهر.
اذاً، كل الاجواء المتجمّعة في الافق السياسي "ايجابية وجدّية وتسير نحو الحل المنشود، ونقطة التحوّل كانت من خلال نتائج مشاورات بعبدا"، بحسب ما اكد عضو كتلة "المستقبل" النائب خالد زهرمان لـ"المركزية"، ولم يستبعد "عقد لقاء بين الرئيس الحريري ووزير الخارجية جبران باسيل في باريس لترتيب التفاصيل المتبقيّة للتسوية التي وضع بنودها الرئيسية الرئيس الحريري في اعلان التريّث: النأي بالنفس، اتّفاق الطائف والحرص على العلاقات العربية وان نكون جزءاً من هذه المنظومة العربية".
وفي حين لفت الى "ان اي تراجع عن الالتزام بهذه البنود قد يدفع الرئيس الحريري الى العودة عن التريّث"، اوضح "ان النأي بالنفس يعني النأي عن كل الصراعات في المنطقة وليس دول محددة، وجيشنا اصبح مؤهلاً عديداً وعتاداً كي يُحافظ على امن الحدود وهو يبذل جهداً كبيراً لحمايتها وضبطها من تسلل المسلّحين في الاتّجاهين، وما حصل في جرود عرسال ورأس بعلبك والقاع في الصيف الفائت اكبر دليل".
وعن مدى صمود هذه التسوية والا يكون مصيرها كسابقتها، اكد زهرمان "انها تختلف عن التي سبقتها، لانها برعاية فرنسية-مصرية "وبقوّة"، فهما دخلا على خط المعالجة "لتصحيح" شوائب التسوية السابقة، وسيكونان الجهتين الضامنتين للالتزام ببنودها"، مشيراً رداً على سؤال الى "ان ايران تُدرك جيداً وجود حزم خليجي وغربي لمواجهة تمددها في المنطقة"، ولم يستبعد "ان يزور الرئيس الحريري قريباً السعودية لوضعها في اجواء التسوية الجديدة، ومن يحاولون "دغدغة" العلاقة التي تربطه بالمملكة وتصويرها انها "مقطوعة" يروجون شائعات".
وعن دور السعودية في هذه التسوية، اجاب زهرمان انها "ليست بعيدة من اجوائها، وهي وافقت على اعطاء دور للفرنسيين والمصريين على ايجاد حلّ للازمة الاخيرة، واي خطوة تُتخذ في هذا الشأن تكون بالتنسيق معها، خصوصاً انها معنية في شكل اساسي بما حصل، لان تدخّل "حزب الله" في ملفات المنطقة وصولاً الى الخليج العربي جعل موقفها حازماً تجاه ضرورة ان يكون للدولة اللبنانية موقف متشدد من سياسة النأي بالنفس".
ويبدو ان التسوية لا تشمل فقط النأي بالنفس "العسكري" عن الميادين العربية، اذ ستتضمّن نأياً بالنفس "كلامياً" عن مهاجمة الدول العربية، خصوصاً رؤساء دول الخليج، وهذا ما اكده زهرمان قائلاً "هذه من الامور المطروحة من زاوية بند الحرص على العلاقات مع الدول العربية، فلا يجوز الاستمرار في التهجّم على الدول الخليجية، خصوصاً السعودية، ويجب الا ننسى ان هناك اكثر من 300 الف لبناني يعملون في الخليج ويساهمون من خلال ملايين الدولارات التي يرسلونها لعائلاتهم في لبنان، في صمود الاقتصاد ونموه".
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك