أبعد من الشكليات- الذرائع التي يبثها فريق اعلامي واسع ويعممها على اللبنانيين عبر وسائل التواصل الاجتماعي حول وضع رئيس الحكومة سعد الحريري في المملكة العربية السعودية، تؤكد مصادر سياسية بارزة لـ"المركزية" ان التركيز على الشكل لا على مضمون الصدمة الايجابية، كما سماها الحريري امس، لا يحجب الحقيقة الساطعة حول جوهر الاستقالة وخلفياتها الكامنة في الخطر الذي يسببه حزب الله للبنان من خلال تدخله العسكري في ازمات المنطقة، من سوريا الى البحرين والعراق وصولا الى اليمن التي سدد عبرها صاروخا باليستيا نحو مطار الملك خالد في العمق السعودي من خلال تدريب الحوثيين عليه، كما تقول المملكة، ضارباً عرض الحائط تداعيات "اقترافاته" السياسية والاقتصادية على لبنان دولة وشعباً التي شكلت استقالة الرئيس الحريري اول غيثها على امل الا يكون الآتي اعظم، اذا لم يعد الحزب "الى رشده اللبناني"، ويعلن على الاقل بدء انسحابه من الساحات العربية.
وتؤكد ان لبنان دخل منذ لحظة اعلان الاستقالة مرحلة جديدة اوضح خطوطها العريضة امس الرئيس الحريري. فالتسوية التي كانت سارية المفعول حتى ما قبل 4 الجاري، واسقطها حزب الله بممارساته وتجاوزاته، وبنتيجة التطورات والمتغيرات الكبرى في المنطقة باتت اسسها غير صالحة، وامكانية ترميمها تستدعي تاليا ادخال عامل اساسي الى متنها هو اخراج حزب الله من الساحات الخارجية. امام هذا المعطى المستجد، والذي بات اليوم مطروحا بقوة، يجب ان يحضر في صلب التسوية السياسية لتستقيم، واي محاولة للقفز فوقه مستحيلة.
وتشدد على ان الاستقرار محصّن على رغم دخول مرحلة فراغ حكومي، بفارق في المعطى الركيزة للتسوية. وتشرح ان تسوية انهاء الفراغ الرئاسي التي استغرقت عامين ونصف العام استلزمت تموضع الرئيس ميشال عون في الوسط، فيما مسألة انهاء الفراغ الحكومي اليوم اشدّ تعقيدا، ذلك ان انهاء الفراغ الرئاسي كان مرتبطا بشخص الرئيس عون وتموضعه، اما الحكومي فمرتبط بدور حزب الله في المنطقة وخروجه من ساحاتها.
واذ تعتبر ان من الصعوبة بمكان اعادة ترميم التسوية، تلفت في المقابل الى ان لا شيء مستحيلا في السياسة، سائلة هل ان علة وجود الحزب قائمة على قتاله خارج لبنان؟ مذكّرة بأنه كان داخل لبنان حينما ارسيت اكثر من تسوية معه، فما المانع من عودته الى لحظة ما قبل العام 2011 تاريخ انخراطه في الحرب السورية؟ وهل اصبح دور حزب الله الخارجي من ضمن نشأته وتكوينه؟ وتؤكد ان الظروف الدولية والاقليمية المستجدة لم تعد تسمح ببقاء الحزب ضمن دوره الخارجي بعد 2011.
وتلفت المصادر الى ان التسوية الجديدة يفترض ان تأخذ في الاعتبار مجمل هذه المعطيات والظروف ليصبح متاحا الولوج الى المرحلة المقبلة، متوقعة دخول البلاد مدار الفراغ الحكومي الطويل على ان تتم ادارة المرحلة من ضمن قواعد الاستقرار، مشددة على ان ما قبل استقالة الرئيس الحريري لم يعد صالحا لما بعدها.
وفق هذا الشرط يمكن ان تقوم التسوية او تُبعث حية مجددا، فالرئيس الحريري لم يقل مرة انه يرفض الحكومة الائتلافية او التسوية السياسية، بل يريدهما وفق الشروط الجديدة المتلائمة مع المتغيرات الدولية والاقليمية.
وفي حال رفض الحزب تلبية الشروط، تعتبر المصادر ان ما شهدته البلاد من تباك على الرئيس الحريري سيظهر انه مصطنع ويضرب مرتكزات التسوية. المطلوب من المعنيين اذا كانوا حقا ضنينين على العهد والتسوية الركون الى الحقائق الواضحة واعادة رسم دوره وسياسته من ضمن مقاربة موضوعية للسلاح ودوره والتسليم بالمعطيات الجديدة.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك