إذا كان اللبنانيون تواقين إلى العودة إلى صناديق الاقتراع لاختيار ممثليهم في البرلمان، بعد 8 سنوات من "الحرمان"، فإن العين السياسية تتجه أولا إلى الدائرة الشمالية التي تضم أقضية زغرتا- بشري- الكورة- البترون. ذلك أن من شأن المنازلة الانتخابية في هذه الدائرة "المسيحية" حصرا أن ترسم أولى ملامح المعركة الرئاسية المقبلة، باكرا جدا. لكن إلى جانب الطابع الرئاسي للمواجهات، لا تغيب عن بال المراقبين المعارك الانتخابية في البترون، حيث من المتوقع أن يخوض رئيس التيارالوطني الحر جبران باسيل غمار الاستحقاق للمرة الثالثة على التوالي، مع ما يعنيه احتمال الفوز بالمقعد الماروني في البترون، في عهد الرئيس ميشال عون تحديدا للتيار ورئيسه. تبعا لذلك، يتوقع المتفائلون أن تلتقي الأضداد السياسية المتناحرة على مواجهة باسيل، ويبدو الحذر سيد الموقف لدى كل القوى في البترون، وإن كانت في معظمها على خصومة سياسية مع التيار الوطني الحر، وأبرزها النائب بطرس حرب والكتائب والمردة، في انتظار احتمالات تجسيد تحالف "أوعا خيك" انتخابيا.
حرب: وفي تعليق على هذا المشهد، أوضح النائب بطرس حرب لـ "المركزية" أن "الانتخابات محطة ديموقراطية ليختار الناس من يمثلهم ويدافع عن حقوقهم السيادية، ويحافظ على الدستور والقوانين. وإذا كنت قد سئمت العمل السياسي، غير أنني أشعر بضرورة مواصلة العمل لبناء دولة ديموقراطية".
وفيما يكثر الكلام في الكواليس السياسية عن تحالف يجمعه بتيار المردة، على رغم الخلاف السياسي بينهما، اكتفى حرب بالاشارة إلى أن "من المبكر الكلام عن التحالفات. غير أن الاستحقاق يحدد توجهات انتخابية عامة قد لا تكون منسجمة بالضرورة مع التوجهات السياسية والمبدئية، ذلك أن "القانون العجيبة"، كما سماه وزير الداخلية قد أطاح التحالفات المبدئية، وجعل المتفقين على خط سياسي معين، متنافسين في لائحة واحدة (بفعل الصوت التفضيلي وتأثيره الحاسم في نتائج الانتخابات)"، غير أنه لمح إلى أن "الكلام جدي إلى حد ما، واحتمال التحالف كبير، علما أن هذه الانتخابات قد تفرق المتفاهمين، وتجمع الأضداد، لكن أي تحالف لن يغير في ثوابتي السياسية".
الكتائب: أما الصيفي، التي اختارت المعارضة "المسؤولة" في وجه باسيل وفريقه السياسي للإضاءة على الاخطاء متى وجدت، وذات الحضور القوي في منطقة البترون، فهي لا تخوض المواجهة بهدف تسجيل الأهداف الانتخابية في مرمى وزير الخارجية. وتفيد الأجواء الكتائبية بأن هذا ما يروجه المقربون من باسيل.
لكن الكتائبيين يشددون في المقابل على أن "علاقتنا جيدة مع الجميع، غير أن لنا ثوابتنا التي لا يمكن أن نتخلى عنها. وليست الكتائب برئاسة (النائب) سامي الجميل تحديدا التي يمكن أن تنسج تركيبات أو صفقات انتخابية. تبعا لذلك، ومن موقعنا، نؤكد أن قاتل حلم لبنان لا يمكن أن يصبح حليفا. أي أن في حال تحالف أحد مع قاتل هذا الحلم، لا يمكن أن نلتقي معه" في إشارة مبطنة إلى الحزب السوري القومي الاجتماعي الذي لا علاقات كتائبية معه بفعل ارتكاب نبيل العلم وحبيب الشرتوني المنتميين إلى القومي جريمة اغتيال الرئيس الشهيد بشير الجميل.
أما عن احتمالات لقاء الصيفي وزغرتا انتخابيا على رغم فراقهما السياسي المرتبط أولا بالعلاقة مع سوريا وايران وحزب الله، حيث يقف الكتائب والمردة على طرفي نقيض، يؤكد مناصرو الجميل أن "للوزير فرنجية وجهة نظر وتحالفات معينة. لنا ثوابتنا القائمة على ما أرسته ثورة 14 آذار التي لا يملكها رئيس تيار المردة. غير أن فرنجية بات يتمتع بالنسبة إلينا بنوع من الأولوية على فلول 14 آذار. بمعنى أن زعيم بنشعي لا يبدل مواقفه (بغض النظر عن صوابيتها أو عدمها)، على عكس كثير من الفرقاء الذين ضحينا إلى جانبهم بكثير من الشهداء على مدى 10 سنوات، وبدلوا مواقفهم".
القوات: وفي وقت تترصد العين الشعبية المسيحية والبترونية طرفي اتفاق معراب، علما أن القوات أعلنت ترشيح فادي سعد في البترون، في خطوة فسرت على أنها محاولة لقطع الطريق على الحليف البرتقالي، أكدت مصادر معراب لـ "المركزية" أن ليس هدفنا التسبب بخسارة لأحد، بل ايصال مرشحينا لنحقق مشروعنا في تطوير الدولة ومكافحة الفساد.
وحول احتمال الالتقاء انتخابيا مع القوى المؤثرة في البترون، شددت المصادر على أن "من المبكر الكلام عن التحالفات، لأن ما زال أمامنا متسع من الوقت حتى يحين موعد الاستحقاق، والأمور لن تتوضح قبل رأس السنة. علما أن بيننا وبين التيار اتفاق مصالحة، لا تحالفا انتخابيا. تبعا لذلك يتمتع الحزبان بهامش من الحرية لترشيح الأشخاص المناسبين، والدكتور سعد اسم مطروح منذ فترة طويلة وإعلان ترشيحه ليس موجها ضد أحد".
المردة: أخيرا، وفي ما يتعلق بتيار المردة الحاضر بقوة هو الآخر في البترون، فأعلن النائب سليم كرم لـ "المركزية" "أننا لا نواجه أحدا. نحن نسير إلى الاستحقاق إلى جانب المؤمنين بطروحاتنا وأفكارنا. وهناك تقارب وطيد جدا مع النائب بطرس حرب".
وعن احتمال قيام حلف انتخابي بين زغرتا ومعراب، في ضوء الاجتماعات الكثيفة بيبن الطرفين، أشار كرم إلى أن "لا يمكن أن ننكر وجود القوات على الأرض، وقد نلتقي في بعض الأمور، علما أنني أشك في احتمال قيام تحالف انتخابي بيننا، إلا إذا طرأ ما قد يجبرنا على نسج هذا التحالف، تماما كما أشك في التقائنا مع التيار، علما أن لاشيء مستحيلا في السياسة.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك