حققت زيارة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الى السعودية هدفها الأساسي وهو عودة العلاقات الثنائية الى سابق عهدها علماً أنه لم يكن مطلوباً أو متوقعاً أن تحلّ كل المشاكل دفعة واحدة، بل أن الأمر سيتولاه، فيما بعد، الوزراء كل حسب اختصاصه، بالإضافة الى تبادل الوفود.
مصادر في التيار "الوطني الحر"، أوضحت أن زيارة عون الخارجية الأولى أظهرت للمملكة أنه عكس ما صَوَر البعض لها، فهو ليس عدائياً، ويريد أفضل العلاقات مع الدول الصديقة والشقيقة. وأكدت أن الزيارة أزالت كلّ التباس حصل في الفترة السابقة.
صفحة جديدة
وردّاً على سؤال، قالت المصادر: لم يتم توقيع اتفاقات ثنائية خلال هذه الزيارة، بل فتحت صفحة جديدة بدأت بتعزيز العلاقات، حيث أبلغ عون المسؤولين في المملكة رسالة واضحة مفادها أن العهد الجديد في لبنان لا يحمل عدائية لأي دولة وإن كان حليفاً لجهة معينة.
عروبة لبنان
وفي وقت انتقل فيه عون من الرياض الى الدوحة في زيارة تأتي استكمالاً على الإنفتاح على دول الخليج العربي، رأت أوساط نيابية في تيار "المستقبل" أن زيارتي عون تكتسبان دلالة بالغة وعميقة، أقلها أن عروبة لبنان ليست شيئاً يضاف الى حقيقته، بل هي أساس معناه وبقائه، وأن نهضته الاقتصادية والإنمائية تبدأ بتثبيت عمقه العربي، قائلة: هذه الحقيقة سلّم بها الرئيس عون لحظة تسلمه الرئاسة، رغم استعانته بدعم المحور الايراني - السوري له للوصول الى هذا الموقع.
وأضافت: يدرك الرئيس عون أن نجاح عهده وتحقيق وعوده بالإنماء، لن يبصرا النور قبل إزالة الإلتباسات المتراكمة التي ولدها سلوك "حزب الله" وحلفائه حول علاقة لبنان بمحيطه العربي.
معطيات ثابتة
وذكرت الأوساط "المستقبلية" بأن المعطيات الاقتصادية تؤكد أن الخليج هو سوق لأكثر من 60 بالمئة من المنتجات اللبنانية، وأن أكثر من نصف الشعب اللبناني يستفيد من مداخيل العاملين ورجال الأعمال في دول الخليج، هذا فضلاً عن أن الهبات الخليجية كانت بمثابة المنقذ الأول للبنان في أزماته الاقتصادية والأمنية والحياتية. وشدّدت على أن هذه معطيات موضوعية وليست إدعاءات، لا يمكن لـ "حزب الله" نفسه أو لإيران أن تغيرها أو تتنكّر لها، او حتى أن يقدّموا بديلاً لها، علماً أن هذه المعطيات نفسها أثبتت أن تراجع الحضور الخليجي الى لبنان، هو "هزيمة" للبنان نفسه، وعامل ارتباك شديد لاقتصاده، وضعف شديد في وزنه الدولي.
الفرق بين ايران والخليج
ورداً على سؤال، ميّزت الأوساط بين الخليج وايران، شارحة أن هبات ومساعدات الخليج كانت لكل اللبنانيين وللدولة، أما مساعدات ايران فكانت دائماً لفصيل عسكري خاص ساهم ويسهم في الإنتقاص من سيادة الدولة.
كذلك الهبات العربية كانت دائماً من دون مقابل، أما الأموال الايرانية فكانت تنفق في لبنان مقابل تعزيز سيطرتها ونفوذها في المنطقة، وفي سياق مذهبي وإغراض ايديولوجية.
وتابعت: الأرقام تتكلم وليس فقط المبادئ، في ضرورة توثيق علاقة متينة مع المحيط العربي، وبالأخص دول الخليج. هي حقائق لا يمكن لأهل السلطة او السياسيين في لبنان القفز فوقها أو تجاهلها.
التموضع الجديد
وانطلاقاً مما تقدّم، اعتبرت الأوساط أن خطوة عون باتجاه المملكة ثم قطر هي في الإتجاه الصحيح، وتؤكد التموضع الجديد الذي دشنه فور استلامه منصب رئاسة الجمهورية، الذي تغلب فيه الإعتبارات اللبنانية فوق أي انحياز الى تحالف إقليمي خاص.
دلالات الزيارة
وعن دلالات الزيارة الى السعودية، فأكدت الأوساط النيابية أنها عديدة، ولعل أبرزها:
- السعودية كانت الوجهة الأولى للرئيس عون خارج البلد، ما يدلّ على أن أولوية لبنان والحكم الجديد هي أولوية عربية - خليجية.
- من المتوقع طبعاً أن يزور عون ايران، وربما سوريا في المستقبل. إلا أنها زيارة السعودية لتأكيد توازن لبنان في علاقاته، وتجنّب استفزاز القوى المحلية الموالية لهما. لكنها زيارة لا تضيف الى الواقع السياسي شيئاً.
- زيارة عون الى الخليج دحض للإدعاءات الايرانية بأنهم يسيطرون على القرار في العاصمة اللبنانية. إذ إن حفنة قليلة من الصواريخ لا تكفي للسيطرة على أية عاصمة عربية.
- زيارة عون للخليج دليل على ترتيب الأولويات لدى الحكم الجديد في علاقاته الإقليمية. وهي أولويات تراعي مصلحة لبنان على أية مصلحة أخرى.
وكالة "أخبار اليوم"
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك