ذكرت صحيفة "الراي" الكويتية أن ثمة اقتناعاً في بيروت بأن الصفحة الجديدة التي فُتحت في الوضع اللبناني والتي تتكرّس يوماً بعد آخر ولا سيما بعد الانطلاقة بزخم التي سجّلتها الحكومة في أولى جلساتها، إنما هي نتاج "فكّ اشتباك موْضعي"، بدفْعٍ من مقتضياتٍ لبنانية ضاغطة، بين السعودية وإيران يمكن ان يفيد منه الجانبان سواء في توفير أرضية لتفاهمات ممكنة قد تستدعيها التطورات في المنطقة، او في إبقاء الواقع اللبناني بوضعية on hold ريثما يكون انقشع دخان "الحرائق" في المحيط واتضحت ترسيمات خريطة النفوذ الجديدة وموقع لبنان فيها.
وبدا واضحاً بحسب مصادر سياسية في بيروت ان كلاً من الرياض وطهران تحرصان على احتضان التسوية في لبنان مباشرةً، وهو ما عبّرت عنه حركة زيارات بارزة بدأتْها السعودية بإيفاد الوزير ثامر السبهان الى بيروت قبل أربعة أيام من انتخاب العماد ميشال عون، قبل ان يزورها مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة خالد الفيصل في 21 تشرين الثاني مهنئاً رئيس الجمهورية، ليتولى ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في 22 كانون الثاني الاتصال بالرئيس سعد الحريري مهنئاً بتشكيله الحكومة ومؤكداً دعم لبنان.
وفي المقلب الايراني، أوفدتْ طهران وزير خارجيتها محمد جواد ظريف الى بيروت في 7 تشرين الثاني الماضي، قبل ان يزورها في 22 كانون الثاني مستشاره للشؤون العربية والافريقية حسين جابر الانصاري، لتكون محطة بروجردي الثالثة بأقل من شهرين لمسؤول ايراني رفيع في لبنان.
ورغم ان ان كل هذه المحطات الإيرانية بدت مرتبطة بالحركة السعودية في اتجاه بيروت، إلا ان زيارة رئيس لجنة الأمن القومي في مجلس الشورى الإيراني قبل 3 أيام من توجُّه الرئيس عون الى الرياض التي ينتقل منها الى قطر حملتْ، بحسب المصادر السياسية، إشاراتٍ واضحة الى رغبة طهران في التأكيد، للسعودية بالدرجة الأولى، ان "لبنان ما بعد التسوية" يبقى جزءاً رئيسياً واستراتيجياً من مداها الحيوي وذلك بمعزل عن اي تحركات تقتضيها مسؤولية السلطة السياسية في لبنان تجاه هذه الدولة او تلك.
وفي حين استبعدت المصادر السياسية نفسها ان يكون لزيارة رئيس لجنة الأمن القومي في مجلس الشورى الإيراني علاء الدين بروجردي اي علاقة بما يتردّد عن امكان اضطلاع بيروت بوساطة بين الرياض وطهران، معتبرةً ان قنوات التبريد على خط السعودية وايران معروفة ولبنان يبقى "علبة بريد" في سياق الصراعات الكبرى، لاحظتْ ان المسؤول الايراني وفي "أول الكلام" له من بيروت من على ضريح القائد العسكري السابق لحزب الله عماد مغنية ونجله أطلق مواقف متشدّدة من تركيا على خلفية مواقف وزير خارجيتها التي اتّهم فيها "حزب الله" وقوات النظام السوري ومليشيات تدعمها إيران بانتهاك الهدنة في سورية ومطالبته بإنسحاب الحزب وجميع المليشيات الاجنبية لترسيخ اتفاق وقف اطلاق النار.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك