قبل جلوس سليمان فرنجية على طاولة حوار بعبدا ومصافحته رئيس الجمهورية ورئيسي "التيار الوطني الحر" و"القوات" التي أسست في الشكل لمناخات ارتياح في الوسط المسيحي، كان وزير الأشغال يوسف فنيانوس يعبّر في مجلس الوزراء عن استيائه من الحليف في الضاحية الذي يستمر بمسايرة "التيار الوطني الحر" بمشهد متناقض عن ايجابيات مشهد بعبدا، فموقف الوزير المردي أوحى على مسافة متقاربة من حدث بعبدا ان موقف "المردة" بالمبدأ لا يزال على حاله ولم يطرأ الكثير من التطورات الايجابية التي تؤسس لمصالحة وشيكة تعيد الحليفين في "التيار الوطني الحر" و"المردة" الى حالتهما التي سبقت الانتخابات الرئاسية.
ففي بعبدا تصافح "الرجلان" في المكان الذي كان السبب لخلافهما السياسي الكبير وافتراقهما بعد حلف استراتيجي وسياسي عميق، الا ان تلك المصافحة كما تقول اوساط سياسية مطلعة لا تعني ان تطوراً هاماً وايجابياً يعوّل عليه لانهاء الخلاف السياسي بين عون وفرنجية بقدر ما هو "كسر للجليد" القائم منذ مدة، فأي لقاء ثنائي في اي غرفة من غرف القصر لم يحصل واية مبادرة نوعية او ذات صلة بالمرحلة المقبلة لم تحصل بل ان الأمور بدت متروكة على حالها ولتحليلات المنجمين في فنجان العلاقة.
(...) من المؤكد ان الحليفين السابقين في "التيار الوطني الحر" و"المردة" يقفان على مسافة متباعدة في الملف الانتخابي وثمة الكثير من الملفات الخلافية بينهما وحيث لم تفلح معها جهود حارة حريك سابقاً لتقريب المسافات وانهاء القطيعة بعد ان خرجت الامور عن سياق السيطرة الفعلية لقيادة الضاحية بعدما تفاقم الخلاف وزاد التعنت السياسي وصار الحليفين عدوين حقيقيين يتجهان الى ترجمة احقادهما السياسية في الصناديق الانتخابية.
هل يؤسس لقاء بعبدا لمرحلة مختلفة بعد كسر الحاجز بين رئيس الجمهورية ورئيس تيار المردة؟ يرى المتابعون ان مشاركة فرنجية قطعت المسافة وهو ابدى ليونة في التعاطي مع موقع الرئاسة واستعداداً لزيارة بعبدا عندما توجه الدعوة اليه، لكن هذا لا يعني سقوط كل الحواجز بين الحليفين السابقين او ان الطريق صارت سالكة، فـ"التيار الوطني الحر" حيث هو اليوم في السلطة يبدو غير مستعجل لمصالحة شاملة وكاملة والعودة الى حال الأمس، هو الذي يزهد اليوم بالسلطة و يتبجج بتفاهماته السياسية التي اوصلته الى قمة السلطة حيث هو، فلا شيء يخسره كثيراً بالاستمرار بمخاصمة فرنجية ولا شيء يربحه بمصالحة سطحية، فالحال ان رئيس التيار الوطني الحر انتقل الى القصر واحتل وزارات وأنجز تحالفاً سياسياً وانتخابياً مع معراب لم يكن يحلم بها، في حين ان فرنجية لا يبدو "محروقاً" على مصالحة قد لا تكسبه كثيراً خصوصاً ان رئيس تيار المردة عانى "الأمرين" على طاولة الاصلاح والتغيير وقبل ان يتمكن العونيون من الحكم فكيف ستكون الاحوال اليوم خصوصاً وان فرنجية مرشح دائم للرئاسة المقبلة، عدا ذلك فان فرنجية يرتاح الى تحالفاته التي انجزها وتموضعه السياسي الى جانب رئيس المجلس والزعيم الاشتراكي الذي شكل مظلة حامية له عندما قررت بعبدا ان تستمر بمعاداته ووضع الفيتوات الوزارة عليه.
في حين ان علاقة بنشعي وبيت الوسط رغم الانتخابات الرئاسية وظروفها لا تزال تحافظ على مستويات جيدة. فالنائب فرنجية من المؤكد في حال استمرار القطيعة مع العونيين وفي ظل عدم توقع حصول اي اختراق في العلاقة سيكون في مواجهة مؤكدة معهم وسيكون له تحالفاته الخاصة ربما مع المستقبل وربما تحالفات غريبة عجيبة للنفاذ من التسونامي لانه يواجه قرار القضاء عليه انتخابياً بعد محاولة ضربه سياسياً في المعركة الرئاسية.
رئيس تيار المردة لا مانع لديه من التقرب من بعبدا وتلبية اية دعوة رئاسية لكنه لا يقبل الخضوع لاحد كما يقول عارفوه، المصالحة لا تعني الاستسلام او الذهاب الى التحالف، هو بدون شك انجز تموضعات سياسية جديدة، ومرتاح الى موقعه السياسي الجديد والى الجبهة السياسية المتينة التي تجمعه مع رئيس المجلس ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي، فرئيس المجلس فاوض في التشكيلة الحكومية لانتزاع حصة المردة، والتفاهم السياسي مع عين التينة يكسب في السياسة لكن مردوده في الانتخابات النيابية يكاد يوازي الصفر حيث لا مناطق مشتركة في الانتخابات بين المردة والحليف الشيعي في عين التينة من هنا فان المردة وفق الاوساط السياسية في حال لم تحصل المصالحة الشاملة مع العهد او التحالف الذي اصبح شبه مستحيل سيكون حتماً في خندق انتخابي مواجهاً التيار الوطني الحر في الشمال وجبل لبنان المتحالف مع القوات وربما متحالفاً مع اخصام سابقين وحلفاء جدد على الساحة الشمالية خصوصاً التي تشهد تحولات سياسية كبيرة.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك