اذا كان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أعلن في أعقاب تأليف حكومة الرئيس سعد الحريري، أن عهده لن ينطلق الا بعد الانتخابات النيابية التي كان يفترض ان تحصل في حزيران الجاري، في موقف أراد منه دعوة الرأي العام الى عدم البناء على مجريات الأشهر الفاصلة بين الانتخابات الرئاسية والاستحقاق النيابي لتقويم العهد.. فإن إرجاء الانتخابات الى أيار 2018، دفع برئيس الجمهورية الى إعادة ترتيب أوراقه وفقا للمعطى الجديد هذا، بحسب ما تقول مصادر سياسية مراقبة لـ"المركزية"، فقرر دعوة الاطراف المشاركة في مجلس الوزراء الى الاجتماع التشاوري في بعبدا أمس في خطوة بدا من خلالها يُلبِس الحكومةَ، رسميا، رداء "حكومة العهد الاولى" بعد ان كان يعتبرها فقط حكومة مهمتها التحضير والاشراف على الانتخابات النيابية.
من هنا، زوّدها بتوجيهاته لتزخيم عملها ومضاعفة جهودها لتحقّق في الـ11 شهرا المقبلة إنجازات انمائية واقتصادية وحياتية، من ضمن "ورقة عمل" حملت عنوان "ميثاق بعبدا 2017" لكن تصحّ تسميتها أيضا بيانا وزاريا رقم 2، شملت أيضا شقا ميثاقيا وسياسيا، وهدف الرئيس عون ان تكون المهلة الفاصلة عن الاستحقاق فترة عمل وإنجازات لا فترة انتظار ومراوحة، تذهب هباء من عمر العهد الجديد. في الموازاة، رأت المصادر ان الاجتماع الذي انعقد أمس يشبه الى حد كبير الحكومات المصغرة المعتمدة في أكثر من دولة، بحيث تهيّئ في جلساتها للقرارات والقضايا التي سيتم طرحها في مجلس الوزراء الموسع، وهذا ما خصص له في الواقع لقاء بعبدا.
أما من حيث الشكل، فتلفت المصادر الى أن "جَمعة القصر" ساهمت أيضا في كسر الجليد الذي يحكم العلاقات بين أطراف سياسية رغم مشاركتها في حكومة واحدة. وتسجّل في السياق، المصافحة التي حصلت بين رئيس الجمهورية ورئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية الذي حضر الى قصر بعبدا امس للمرة الاولى منذ الانتخابات الرئاسية، والمصافحة بين فرنجية ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل وبين فرنجية ورئيس القوات سمير جعجع وبين الاخير ورئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد. ومن شأن اعادة بعض الدفء الى علاقة هذه الاطراف أن تساعد في رص صفوف الفريق الحاكم بما يحسن انتاجيته في الفترة المقبلة. واذ تتوقع ان يؤسس الاجتماع للقاءات أخرى ثنائية قد يشهدها القصر في الفترة المقبلة، تشير المصادر الى ان مضمون وثيقة بعبدا، رفع السقوف كثيرا لا سيما في الشق الاقتصادي حيث برزت مطالبته الحكومة بالعمل لتأمين الكهرباء 24/24 وحث على الإسراع في تأمين الإتصالات السريعة وبأقل الأسعار، وعلى تحسين وضع الطرق وتطوير وسائل المواصلات واقرار الموازنة وعلى استثمار الثروة البترولية البحرية واستكمال أطرها القانونية. والخشية هنا، تتابع المصادر، أن يكون العهد كبّر الحجر كثيرا، مؤكدة ان التحدي والعبرة يكمنان في التنفيذ، خصوصا ان الانتخابات على الابواب وبات يحق للرأي العام منذ الامس، المحاسبة على مدى التزام الفريق الحاكم ببرنامج العمل الواعد الذي أقرّه أمس بالاجماع في بعبدا.
واذا كانت القوى المعارضة سارعت الى توجيه سهامها نحو الاجتماع معتبرة انه تجاوز للمؤسسات ويشكل اقرارا بفشل الحكومة الحالية، تأخذ المصادر على الوثيقة عدم تطرقها الى الواقع الامني عموما وظاهرة السلاح المتفلت خصوصا ولا الى الاستراتيجية الدفاعية التي يجب ان توصل الى حصر السلاح بيد القوى الشرعية، كما تتوقف عند غياب مسألة النأي بالنفس أو حياد لبنان عن القضايا الخلافية في المنطقة. الا انها تشير الى ان هذا الواقع قد يكون مدروسا حيث الهدف من الاجتماع انمائي اقتصادي أولا ولم يدخل في التفاصيل السياسية.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك