غير ان الاستقرار في قراءة المجتمع الدولي لا يُنتجه عملُ الاجهزة الأمنية فقط، بل إن الاداء السياسي يلعب دورا أساسيا في تعزيزه وتمتينه، ويضاهي بتأثيراته جهودَ الاجهزة. وفي السياق، تلفت المصادر الى ان عواصم القرار أوروبيا وأميركيا وعربيا وأمميا، تصرّ على ضرورة اجراء الانتخابات النيابية المحددة الصيف المقبل، وتحذّر من الذهاب نحو خيارات قد تجرّ الفراغَ الى السلطة التشريعية، فيما لبنان لم يتعاف بعد من عوارض الشغور الرئاسي. وقد أبلغ أكثر من موفد غربي زار لبنان في الاشهر الماضية هذه الرسالة الى المسؤولين حيث نبّه الى خطورة عدم اجراء الانتخابات على الوضعين السياسي والأمني الداخليين، حتى أن بعضهم، وفق المصادر، شجّع على اتمام الاستحقاق بالقانون النافذ اي "الستين"، على ان يُصار بعدها الى الاتفاق على قانون جديد تُجرى الانتخابات المقبلة على أساسه. وذكّرت المصادر في السياق بالبيان الاخير لمجموعة الدعم الدولية للبنان وقد حثت فيه "القادةَ اللبنانيين على تكثيف جهودهم من أجل التوصل إلى إطار انتخابي متفق عليه"، مشددة "على أهمية حصول الانتخابات في حينها للحفاظ على العملية الديموقراطية".
ماذا يريد المجتمع الدولي من لبنان؟
ينهمك صنّاع القرار على الساحة الدولية بملفات شائكة كثيرة سياسية وعسكرية واقتصادية وبأزمات لا تُعدّ ولا تُحصى تبدأ بسوريا ولا تنتهي في كوريا الشمالية. وسط هذه المشهدية المعقدة، يضيع لبنان بشؤونه وشجونه، وهو بالكاد حاضر على أجندة الاهتمامات الدولية، وفق ما تقول مصادر دبلوماسية لـ"المركزية".
الا ان المجتمع الدولي يعير أهمية، بحسب المصادر، الى عامل أساسي يتمسّك بأن يبقى صامدا لبنانيا.
هذا العامل يتمثل في "الاستقرار". وفي هذه الخانة، يمكن إدراج الهبات والمساعدات العسكرية التي تصل في شكل شبه يومي الى الجيش اللبناني، من الولايات المتحدة والدول الاوروبية في شكل خاص، لادراك الدول المانحة هذه، حجمَ التحدي الملقى على عاتق المؤسسة العسكرية والمتمثل في محاربة الارهاب المرابض على حدود لبنان الشرقية والشمالية، وفي عمله الدؤوب لإحكام قبضته على هذه المنطقة وضبطها ومنع اي تسلل مسلح من والى الاراضي السورية وبالعكس.
ولم تستبعد المصادر احتمال انعقاد اجتماع جديد للمجموعة الدولية في الايام المقبلة، بدعوة من روسيا، لتنبيه الاطراف اللبنانيين من "مغبة الوقوع في الفراغ وحضّهم على الحفاظ على الدولة ومؤسساتها في ظل المرحلة الحساسة التي تمر فيها المنطقة"، وهو ما ألمح اليه السفير الروسي الكسندر زاسبكين أمس.
أما بعد اجتياز لبنان مخاض انتخاباته النيابية، تتابع المصادر، فان المجتمع الدولي يعتزم تكثيف ضغوطه لانهاء حالة السلاح غير الشرعي وتحديدا سلاح حزب الله، أكان عبر حوار داخلي يقرّ استراتيجية دفاعية أو عبر قنوات أخرى، منها على سبيل المثال العقوبات الاقتصادية التي ستصدر عن الكونغرس الاميركي لتجفيف منابع تمويله، والتضييق عليه سياسيا عبر تصنيفه مجموعة إرهابية والتعاطي معه على هذا الاساس. وتشير الى ان زيارة الرئيس الاميركي دونالد ترامب الى السعودية والاراضي المحتلة، دلّت الى هذا التوجّه التصعيدي ضد الحزب كونه من الاذرع العسكرية الايرانية. وتعتبر المصادر تأكيدَ البيان الصادر عن القمة الاميركية - السعودية أمس الاول على "أهمية دعم الدولة اللبنانية لبسط سيادتها على جميع أراضيها، ونزع سلاح التنظيمات الإرهابية مثل "حزب الله"، وجعل كافة الأسلحة تحت الإشراف الشرعي للجيش اللبناني"، مؤشرا ساطعا الى العنوان الذي سيتصدّر الاجندة الدولية لبنانياً، في المرحلة المقبلة.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك