يتحدّث عماد، العشريني، بغضبٍ شديد عن تلك "الماكينات". يردّد الكلمة الأخيرة مراراً. "الماكينات خربت بيتنا" يقول. يقصد بـ "الماكينات" آلات لعب القمار التي تملأ محلات تنتشر بكثافة في بعض المناطق، متسلّحة بتراخيص ممنوحة من محافظين، خلافاً للقانون، وخلافاً للمنطق، وخلافاً للأخلاق.
يمنح القانون شركة كازينو لبنان الحصريّة في ألعاب الميسر. لكنّ هذه الحصريّة تبقى حبراً على ورق. ففي الكثير من المناطق، وحتى في بعض الأبنية السكنيّة، تنتشر محلات لألعاب الميسر تحوّل معظمها الى أوكار يتمّ فيها تعاطي المخدرات أو الترويج لها، بالإضافة لتسبّبها بخلافاتٍ عائليّة وانهيار أسر نتيجة الديون المتراكمة عليها. فالمقامر هنا بإمكانه أن يتمشّى بين منزله ومحلّ القمار، ما يسهّل عليه الإدمان على هذه الآفة وعلى غيرها من الآفات المتصلة بها، في حين أنّ ممارسة هذه الألعاب في الكازينو مضبوطة على مختلف الأصعدة.
ويلفت مصدر مواكب منذ سنوات لقضيّة انتشار هذه المحال الى أنّه، عدا عن الفعل الجرمي الذي ارتكبه من منحها تراخيص لأسباب معروفة، وأبرزها تلقي الرشاوى أو المحسوبيّة السياسيّة، فإنّ مخالفات كثيرة يرتكبها مشغّلو هذه المحال الذين يتلاعبون بالآلات كما يتمّ إفراغها من الأموال بين فترة وأخرى، كي لا تدرّ أرباحاً كبيرة على مستخدميها.
وكشف المصدر عن أنّ أصحاب هذه المحال يلجأون الى برمجة هذه الآلات منعاً لتحقيق أرباح فيها، في ظلّ غياب الرقابة من قبل وزارة المال على هذا الأمر. كما أكد "وجود عمليّات رشوة لمراقبين من وزارة المال لإضافة آلات في بعض المحال من دون التصريح عنها".
وشدّد المصدر على أنّ الأموال التي تتقاضاها وزارة المال من هذه المحال هي أقلّ ممّا يدفعه كازينو لبنان، المظلوم الأكبر في هذه القضيّة.
وتجدر الإشارة الى أنّ مكتب مكافحة القمار وألعاب الميسر في وحدة الشرطة القضائيّة، بقيادة الرائد خالد ناصر، يقوم بجهدٍ كبير في قمع المخالفات، لكنّ اللافت هنا هو تقصير القضاء الذي يفرج سريعاً عن الموقوفين في مثل هذه القضايا، كما يأمر بإزالة الشمع الأحمر بعد ساعات من وضعه.
وسُجّل أخيراً استعداد بلديّة الدكوانة لإقفال هذه المؤسّسات ضمن النطاق البلدي بشكلٍ كامل، حيث أشار رئيس البلديّة المحامي أنطوان شختورة الى أنّ الرخص الممنوحة لها مخالفة للقانون وهي تتجاوز صلاحيّات البلديّات.
فهل تتحرّك الأجهزة المعنيّة لوقف هذه الظاهرة وإقفال محال لعب القمار بشكلٍ كامل، في محاولة للقضاء على هذه الآفة وإعطاء جرعات من الأوكسيجين لكازينو لبنان الذي تشكو إدارته، عن حقّ، من عدم احترام حصريّتها؟
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك