يقولون إن الحياة لا تطيب إلا بوجودهم، فمن اللحظة التي ينفخ الله فيهم الحياة، يصبح للدنيا ألف ابتسامة وابتسامة... يقولون أيضا إن الأمومة سحر يصعب وصفه، يخترق الفؤاد فيجعلك أسيرا مدى الحياة بفلذة كبدك... لا بل تصبح هي "الحياة".
غير أن عددا لا يستهان به من السيدات، ينظرن إلى الأمر من وجهة أخرى، فيقرّرن إبعاد فعل الامومة عنهنّ، إلى الأبد.
في السنوات الأخيرة اختلف مفهوم الزواج والانجاب عما اعتدنا عليه من قبل، ففي الماضي كان الإنجاب التحدي الاول للحبيبين متى دخلا القفص الذهبي. فتبدأ المحاولات والأسئلة والاستفسارات بانتظار الاعلان عن الخبر السعيد، لتكتمل قصّة العائلة التي من المفترض أن يكون الزواج الشطر الأول فيها.
إلا ان الأمر اختلف كثيرا في السنوات الاخيرة، حيث بات الزوجان ينتظران سنة أو سنتين أو ربما أكثر قبل الإنجاب لأسباب كثيرة منها ما هو للراحة خصوصا بعد حفلات الزفاف التي باتت تنهك الثنائي على مختلف الأصعدة. ومنها أيضا ما هو مادي، إذ أنّ الانجاب والتربية والمدارس وكل لوازمها باتت تكلّف الاهل مبالغ كبيرة يحسب لها ألف حساب...
إلا أنه وفي موازاة هؤلاء، هناك آخرون اتخذوا قرارهم في الحياة بعدم الإنجاب نهائيا، بعضهم خضع لعملية قد يقضي على أيّ احتمال أو خطأ قد يؤدي إلى الحمل، فيما يتبع غيرهم كل الوسائل الممكنة "لحماية أنفسهم" من "خطر" الأمومة.
توضح سابين، في حديث لموقع mtv الالكتروني، أنها اتفقت قبل سنوات مع زوجها وبالتراضي على عدم الانجاب، مبررة ذلك بأنها تخاف تحمّل مسؤولية عائلة، هي تخشى الموت كثيرا ولا تحتمل فكرة الفراق خصوصا انها فقدت والديها في حادث سير عندما كانت في ربيع عمرها، وبالتالي تخاف من أن ترزق بطفل وتفقده، فهي لم تعد تتحمل أن يتكرر الأمر نفسه معها. مرّت ستّ سنوات على زواجها، وشيء لم يغيّر من قناعتها بعدم الانجاب، رغم انها تؤكد أن حبها لزوجها يفوق التصوّر، وأن ذلك لم يؤثر مطلقا على حياتهما وحبهما لبعضهما البعض.
زارت طبيبا نفسيا في إحدى المرات، بعدما نصحتها صديقة بالامر، غير أن ذلك لم يبعد عنها الخوف من الموت، ولم يغيّر في تفكيرها شيئا. تسمع الكثير من الكلام من حولها خصوصا من قبل أقارب زوجها بأنه حان الوقت كي ينجبوا طفلا، ويزعجها الامر غير انها مقتنعة بقرارها ولا تحيد عنه قيد أنملة.
من جهتها، تعيش أماندا حياة هادئة إلى جانب زوجها، تهتم بمظهرها كثيرا، تسافر، تتسوّق، لا توفّر مناسبة إلا وتشارك فيها، هي دائما انيقة وجذابة، لا يمكن أن تمرّ في الشارع من دون أن تلفت نظر من حولها، بقامتها الممشوقة وجاذبيتها. وقد يكون ما تقدّم، هو السبب الاول الذي دفعها لإجراء عملية تمنعها إلى الأبد من الإنجاب. هي لا تحبّ الأطفال، لا بل تعتبرهم مصدر إزعاج، ولا تحلم بالأمومة مطلقا، تخاف على شكلها كثيرا هو مصدر سعادتها الأول. زوجها كذلك، يحبها كما هي، ويريدها دائما جميلة وجذابة، رغم أن وضعه المادي أكثر من جيّد، إلا انه لا يخفي بأن نظرته للحياة تختلف عن الآخرين، وهو لا يريد إلا أن يكون سعيدا ويستفيد ما أمكنه، فيسافر ويتمتّع قدر المستطاع من دون مسؤوليات الاولاد.
على أيّ حال، تبقى لكل إنسان نظرته إلى الحياة وطريقته لعيشها، منهم من لا يرى النور إلا من خلال أولاده، فيما يفضل آخرون أن يبعدوا عنهم "كأس الأمومة"... عسى الا يكون الندم حليفهم حينما يصبح الإنجاب حلما لا يمكن تحقيقه.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك