يمكن اختصار الموقف الدولي الذي التقت عنده العواصم البارزة كلّها والامم المتحدة، منذ لحظة اعلان الرئيس سعد الحريري استقالته في 4 تشرين الثاني الجاري، بكلمات أربع "حذارِ المسّ بالاستقرار اللبناني". فاستتباب الامن أمنيا واقتصاديا وسياسيا في البلد الصغير يعتبر أولوية في الغرب ولا سيما في الولايات المتحدة وأوروبا التي تخشى أي خضات في بيروت يمكن ان تشعر هي أيضا بارتداداتها.
من هنا، وبضوء أخضر من أركان "القارة العجوز"، انطلق تحرّك فرنسي سريع لمحاصرة ذيول الازمة المستجدة، فباريس وانطلاقا من علاقاتها التاريخية مع لبنان، قادرة أكثر من أي طرف آخر على التعاطي مع النّكسة الجديدة التي أصابته، وفق ما تقول مصادر دبلوماسية متابعة لـ"المركزية".
وقد بدأت الوساطة بزيارة خاطفة قام بها الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الى السعودية حيث التقى ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، قبل ان يوفد سيد الاليزيه الى بيروت مستشارَه أوريليان دوشوفالييه، ومن ثم يرسل الى المملكة وزير خارجيته جان ايف لودريان الذي قابل المسؤولين السعوديين والحريري. وبالفعل، أثمرت اتصالات فرنسا "المكوكية"، ووضعت حدا للغط الحاصل لبنانيا حول وضع الأخير في الرياض، اذ من المقرر ان يتوجّه الرئيس الحريري في الساعات المقبلة الى فرنسا مع عائلته ليلتقي ماكرون ظهر غد السبت، على ان يعود بعد ذلك، الى بيروت. غير ان مسعاها لن يتوقّف هنا، بحسب المصادر، حيث من المتوقع ان تستكمل باريس جهودها لحماية لبنان من اي تصعيد عربي او خليجي ضده في المرحلة المقبلة وضمان دخوله مرحلة انتقالية "سلسة" أو مرحلة "ستاتيكو" الى حين موعد الانتخابات النيابية المقررة في أيار 2018، على ان تكون في هذا الوقت انقشعت الرؤيا في الاقليم. وللغاية، ستحاول اقناع الاطراف المحليين كلّهم بضرورة التزام سياسة النأي بالنفس عن صراع المحاور الذي يعصف بالمنطقة، فعلا لا قولا.
المصادر تلفت الى ان حرص فرنسا خصوصا وأوروبا عموما على الاستقرار اللبناني له أكثر من مبرر.
أوّلا: دُولها تُعدّ "عصب" القوات الدولية العاملة في جنوب لبنان "اليونيفيل"، ولها العدد الاكبر من الجنود المشاركين فيها، وبالتالي هي تخشى على أمنهم وسلامتهم في حال توترت الاوضاع في لبنان.
ثانيا: يستضيف لبنان أكثر من مليون ونصف المليون نازح سوري ومئات آلاف اللاجئين الفلسطينيين. وبالتالي، تخشى اوروبا ان تحوّل أي هزة للاستقرار فيه، شواطئه الى منطلق لموجات نزوح غير شرعي، جديدة الى سواحل أوروبا، التي تكتوي اليوم بناري الهجرة غير الشرعية من جهة والاعمال الارهابية من جهة ثانية.
ولم ينسَ وزير الخارجية جبران باسيل خلال جولته في الدول الاوروبية التي شملت أيضا تركيا واختتمها اليوم في روسيا، تذكير نظرائه ومن قابلهم في فرنسا وايطاليا وألمانيا وبروكسل(..) بورقة "النزوح"، في معرض حثّهم على التدخّل لحل الازمة السياسية التي يمر بها لبنان، قائلا إن "الحفاظ على استقرار لبنان مطلوب للحفاظ على استقرار المنطقة واوروبا" وإن "زعزعة الاستقرار في لبنان ستكون له عواقب مباشرة على أوروبا"، مشيرا الى ان هذا سيضع النازحين السوريين واللاجئين الفلسطينيين "في وضع أكثر هشاشة قد يقودهم إلى التوجه نحو أوروبا والبحث عن ممر إلى هناك".
وترجّح المصادر ان تنجح جهود مشتركة أوروبية- أميركية- روسية في تحييد لبنان عن اي نتائج سلبية، أمنيا او اقتصاديا، ناجمة عن التوتر السعودي - الايراني في المنطقة.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك