تواصل تل أبيب غاراتها الجوية على أهداف داخل الاراضي السورية، وقد ارتفعت وتيرتها في شكل لافت في الاشهر القليلة الماضية. ففجر الثلثاء، أغار سلاح الجو الإسرائيلي على مواقع عسكرية في مدينة القطيفة في ريف دمشق، علما ان ضربه هذه المنطقة يحصل للمرة الثانية، بعد ان قصفت إسرائيل مستودعات أسلحة للنظام وحلفائه، داخلها، في شهر شباط 2017، ما أدى آنذاك إلى انفجارات ضخمة، واحتراق آليات تابعة لـ"حزب الله". وقبل القطيفة، كانت آخر غارة إسرائيلية على مواقع عسكرية في سوريا، سجّلت في الخامس من كانون الأول الماضي، عندما استهدف الطيران الإسرائيلي مركز البحوث العلمية في جمرايا قرب دمشق.
ووسط غياب اي تعليق واضح من تل أبيب على الغارة الأخيرة على القطيفة، ألمح رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، الى أن القصف على تلك المنطقة، استهدف مستودعات أسلحة لحزب الله، معبّرا خلال لقائه الثلثاء، سفراء دول حلف شمال الأطلسي المعتمدين لدى إسرائيل، عن تخوفه من "التهديد الإيراني". واذ أشار الى ان "السياسة التي نتبعها بصورة مستمرة ومنذ سنوات طويلة تقضي بمنع نقل الأسلحة المخلة بالتوازن إلى حزب الله عبر الأراضي السورية، ولم يطرأ أي تغيير على هذه السياسة التي نطبقها وفق الحاجة"، أكد "أننا ملتزمون بمنع إيران من إقامة قاعدة عسكرية على أرض سورية وندعم كلامنا بالأفعال"، لافتا ايضا الى ان "إيران تخطط لاحتلال واستعمار سوريا، وتلتمس استيراد حوالي 100 ألف مقاتل من الشيعة إلى سوريا لينضووا تحت راية القيادة الإيرانية".
وتعقيبا، تقول مصادر دبلوماسية غربية لـ"المركزية" ان قرارا نهائيا لا جدال فيه أو عودة عنه، اتخذته تل أبيب، يقضي بمنع توسّع النفوذ الايراني على حدودها الشمالية، أكان في سوريا او في لبنان. وقد وضعت الدولة العبرية، كلا من الولايات المتحدة وروسيا والدول الاوروبية في صورة موقفها الحاسم هذا، موضحة لتلك العواصم انها لن تتساهل مع اي تمدد لايران او أذرعها العسكرية لا سيما في جنوب سوريا وجنوب لبنان، وأنها ستتصدى لكل خطوة ترى فيها تهديدا لأمنها القومي، وبالوسائل العسكرية اذا اقتضى الامر. واذ تكشف ان تقدم النظام السوري وحلفائه الحرس الثوري الايراني وحزب الله، في جنوب سوريا (الذي يفترض ان يكون منطقة لخفض التوتر لا يسمح لوجود اي فصيل نظامي او ايراني داخلها)، أثار حفيظة تل ابيب التي تحركت لدى كل من موسكو وواشنطن رافعة الصوت، ومعترضة على الاخلال ببنود الاتفاق الذي أبرم في هامبورغ بين الرئيسين الاميركي دونالد ترامب والروسي فلاديمير بوتين في تموز الماضي، تقول المصادر ان مخاوف اسرائيل ازدادت أكثر لدى رصدها التطورات التي تشهدها بلدة بيت جن الواقعة في جبل الشيخ (على مقربة من الحدود مع الاراضي المحتلة ولبنان)، حيث فرض النظام وحلفاؤه في الايام الماضية، سيطرته عليها بالكامل، في خطوة استفزّت اسرائيل وأزعجتها. وأكثر ما تخشاه تل أبيب بحسب المصادر، هو أن تتمكن ايران من ربط الجنوب اللبناني بالجولان، فتوحّد الجبهتين وتحوّلهما واحدة، تحت إمرتها، يمكن ان تحرّكها في أي لحظة ضد الكيان العبري، خصوصا ان الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله تحدث في اطلالته التلفزيونية الاخيرة عن هذا المخطط، كاشفا عن مشروع تعمل عليه الحركات "المقاوِمة" في المنطقة لتوحيد صفوفها والجبهات والتدخّل كقوة عسكرية واحدة عابرة في مقاتليها، للحدود والجغرافيا، في أي معركة قد يفتحها الاسرائيليون مستقبلا.
وتكشف المصادر ان اسرائيل لن ترضى بأي تسوية في المنطقة لا تلحظ إبعاد التهديد الايراني عن حدودها، وهو في الواقع، ما لن تسير به أيضا الولايات المتحدة.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك