بعد تنفّس الصعداء في مناطق البقاع الشمالي ومن ضمنها بلدة القاع الحدودية على أثر دحر الارهابييّن وانتصار الجيش اللبناني عليهم، عادت المخاوف من صفقات بيع اراضي المسيحيّين هناك خصوصاً اليوم، بحيث بدأت الاسعار بالارتفاع بشكل ملحوظ لان الامن عاد ليستتب في المنطقة، وبالتالي برزت مخاوف لدى الاهالي من عمليات مشبوهة لشراء اراضيهم وكأن القصد تهجيرهم وتهديد المفهوم الديموغرافي والطائفي لهوية الارض هناك، خصوصاً ان عمليات البيع هذه برزت منذ سنوات ولا تزال وإن بطريقة خفية لتشمل مختلف الاراضي اللبنانية، ما شكّل ظاهرة طغت على كل القضايا والملفات العالقة، عنوانها شراء اراض بمساحات كبيرة يملكها مسيحيون عن طريق الاغراء المادي، وكانت هذه الظاهرة قد بدأت في مناطق بيروت والمتن ثم امتدت الى كسروان وجبيل وجزين والجبل وشرق صيدا واقليم الخروب ومناطق الجنوب والبقاع وخصوصاً الشمالي، ما يهدّد الوجود المسيحي الذي سيضحى أقلية زهيدة في السنوات المقبلة، بحيث يتم نقل الملكية من المسيحيين لمهجرين ونازحين.
ولطالما أبدت المراجع الكنسية تخوفها من هذه الظاهرة، ودعت المسيحيين الأثرياء الى شراء العقارات في المناطق المسيحية للحد من هذا المدّ الذي وصل الى مناطق واسعة من لبنان، وهو بمثابة دقّ لناقوس الخطر بهدف إستفاقة المسيحيين قبل ان يجدوا أنفسهم ضيوفاً في بلدهم، ويؤدي بالتالي الى فقدان المسيحيين لأرضهم وجذورهم.
الى ذلك فقد اشارت دراسة للرابطة المارونية الى أن "بيع أراضي المسيحيين تجاوز الخط الأحمر، والشوف يحتل المرتبة الأولى في عمليات البيع، الى ان وصلت الى منطقة القاع في البقاع الشمالي التي تعاني إستيلاءً من قبل اشخاص غرباء بعد دخول السوريين الى المنطقة، فضلاً عن ان اغراءات الهجرة تدفع بالاهالي الى بيع اراضيهم والاستقرار في مناطق اخرى حيث لا يشعرون بالخوف من المستقبل ".
وفي هذا الاطار يشير بعض اهالي بلدة القاع الى "وجود مخالفات عدة من خلال بناء منازل بطرق غير شرعية من قبل الغرباء"، معتبرين أن "هنالك مشكلة اسمها تغييّر هوية الارض من خلال تهجير اهالي البلدة الاصلييّن، والاستغناء عن الاراضي المسيحية بهدف خلق خلل في التوازن"، لذا يشدّد الاهالي على إنشاء لجنة طوارئ لإنجاز عمليات الفرز والضّم وإنشاء شركة استثمارية، مطالبين وزير الداخلية بضرورة قيام العناصر الامنية بقمع المخالفات في القاع. وإعتبروا أن "سكوت الدولة على هذه التجاوزات هو بمثابة المشاركة في الجرم، خصوصاً ان التبديل الديموغرافي الذي تشهده هذه المنطقة يخدم المخططات التي تهدف الى إزالة بلد التنوع"، وطالبوا الدولة بـ"تطبيق القوانين من خلال فرز الأراضي وتوزيع القطع المفرزة على أصحابها وإنصافهم، ليتمكنوا من التصرف بها واستغلالها، إلا أنها لم تفعل، ما فوّت على المالكين فرص استثمار عديدة، مع الاشارة الى ان عمليات الفرز المتأخّرة في بلدة القاع أسفرت عن حصول مخالفات بناء بالجملة وأعمال بيع مشبوهة، لان الأراضي المملوكة للدولة اي المشاعات تخضع لسلطة بلديات المنطقة، ويستعملها بعض النافذين بغير حق قانوني، الأمر الذي يضطر البعض من اهالي القاع الى بيع أراضيهم بطرق غير شرعية"، لذا شدّدوا في مطالبتهم الوزارات العمل سريعاً على إنجاز مراحل الضّم والفرز والتدخل فوراً لوقف الانتهاكات التي تطاولهم في ارضهم.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك