في جلسته في 12 تموز الجاري، التي كان يجب ان تبتّ في مصير "آلية التعيينات" التي اتفق على اعتمادها عام 2010، أيام حكومة الرئيس سعد الحريري الاولى، لم يتوصل مجلس الوزراء الى أي اتفاق وأرجأ البحث في هذه المسألة الشائكة الى موعد لاحق لمزيد من التشاور، مع تأكيده على ضرورة إنجاز التعيينات بالطريقة الانسب والاسلم والأسرع.
غير أنّ "الآليّة" غابت عن الطاولة الحكوميّة أمس، في حين تم خلال الجلسة، للمفارقة، اقرار سلّة من التشكيلات الدبلوماسية التي طال انتظارها، في أسلوب أثار حفيظة أكثر من فريق وزاري أبرزها "القوات اللبنانية" و"تيار المردة" اللذين اعترضا "على عدم عرض الملف على مجلس الوزراء لمناقشته كما تقضي "الأصول"، بل طُبخت التشكيلات في الخارج، وكان دور الحكومة فقط التصديق عليها". في المقابل، لم تحضر التعيينات الادارية وأبرزها تلك المتعلّقة بمجلس ادارة "تلفزيون لبنان"، في مجلس الوزراء، كون وزير الاعلام ملحم الرياشي لا يزال ينتظر الحصول من التيار الوطني الحر، على اسم ممثله في مجلس الادارة.
وأمام هاتين الواقعتين، تقول مصادر سياسية مراقبة لـ"المركزية" إن اعتماد آلية واضحة للتعيينات في كل المراكز في الدولة، أكثر من ضروري، خصوصا ان اللجوء اليها يجعل من كفاية المرشح وسيرته الذاتية والمهنية المعيار الأوّل لتوليه المنصب، ويوقف في المقابل "المحاصصات" السياسية من جهة، والاستزلام لفرقاء او زعماء معينين من جهة ثانية، فلا يعود أي مرشح الى منصب ما، يحتاج "رضى" أي طرف للتقدّم، بل مهاراته وحدها قادرة على إيصاله الى أرفع المراكز.
وفيما يتردد أن التيار الوطني الحر وتيار المستقبل يعارضان الآلية ويفضّلان وضعها جانبا وإنجاز التعيينات بمعزل عنها، كسبا للوقت، تستغرب أوساط السراي عبر "المركزية" هذه المعطيات خصوصا ان حكومة الرئيس الحريري هي من وضعتها، وهي تؤكد أن "الآلية باقية وأنها لن تلغى أو تعلّق أو تجمَّد".
وليس بعيدا، تشير الأوساط الى ان ورشة ملء الشواغر انطلقت وستستمر، فهي ضرورية لمواكبة النهضة السياسية والانمائية التي يتطلّع اليها العهد والحكومة، والتي بدت جلية في سطور "وثيقة بعبدا 2017". وتتوقع أن يُصار، بعد انجاز التشكيلات الدبلوماسية أمس، الى وضع "طبخة" التعيينات الادارية والقضائية على نار حامية.
وكانت "الآلية" العتيدة أبصرت النور بدفع من الرئيس السابق ميشال سليمان والحريري عام 2010 بعد أن لمسا حجم التعقيدات التي تعترض إنجاز "التعيينات"، وقد عملت على وضعها لجنة رأسها وزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية آنذاك جان أوغاسابيان، ونصّت على أن يتولى الوزير المختص ووزارة التنمية الادارية ومجلس الخدمة المدنية، النظر في ملفات وسجلّات من يرغبون في بلوغ أي منصب إداري، فتحال الاسماء الافضل في رأي هذه الاجهزة الى مجلس الوزراء، لاختيار واحد منها.
وتشدد المصادر تعقيبا على ضرورة ان تبقى الكفاية والنزاهة والخبرة المعيار الاول للتعيين، لافتة الى ان ذلك يتطلّب إبقاء مجلس الخدمة المدنية (والادارات المعنية الاخرى) مرجعيةً للبت في هذه المسألة، فتختار الشخص المناسب في المكان المناسب. وتعوّل في السياق على دور يلعبه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في هذا المجال، فيعيد الاعتبار الى مجلس الخدمة المدنية وكل الهيئات الرقابية، بما يعزز مسيرة بناء الدولة التي يطمح اليها العهد الجديد.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك