يتحرّك الملف السوري سياسيا وميدانيا على وقع مقررات الاجتماع "الشهير" الاول من نوعه الذي ضم الرئيسين الاميركي دونالد ترامب والروسي فلاديمير بوتين في هامبورغ مطلع تموز الجاري، وفق ما تقول مصادر دبلوماسية لـ"المركزية".
فالاتفاق الاميركي - الروسي الذي لم يخرج سوى جزء يسير منه الى الضوء حيث أُعلن فقط عن تفاهم على وقف لاطلاق النار في الجنوب السوري، رسم في الواقع خريطة مشتركة بين الدولتين لتقاسم النفوذ في سوريا. فأعطيت الكلمة في شمالها لموسكو فيما تسلّمت واشنطن الوسط. أما الجنوب، فوُضع في رعاية الاردن لكن الجبارين الدوليين حاضران بلا شك في المنطقة. وفي حين تشير الى ان الدولتين اتفقتا على ضرورة العمل لتوسيع رقعة المناطق الآمنة في سوريا ومضاعفة الجهود لتحديد المنظمات الارهابية من جهة وتوحيد المعارضة من جهة ثانية، تكشف المصادر أيضا ان الادارة الاميركية طلبت من الروس الضغط على دمشق للالتزام بالاتفاق وعدم "الحرتقة" عليه، ودفْع الجيش النظامي السوري الى ملازمة ثكناته في المرحلة المقبلة، لهذه الغاية.
لكن في المقابل، تتابع المصادر، طلبت موسكو من الولايات المتحدة المساعدة في إرساء التهدئة ولجم التصعيد عبر وقف دعم فصائل المعارضة وتمويلها. ويبدو ان الشروط المتبادلة بين الجانبين في طريقها الى التنفيذ، اذ برز في السياق، ما كشفته صحيفة "واشنطن بوست" أمس عن "قرار اتخذته وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه) بإنهاء برنامجها لدعم فصائل المعارضة السورية التي تقاتل قوات الرئيس بشار الأسد"، مشيرة الى أنّ "ترامب اتخذ هذا القرار منذ نحو شهر بعد لقائه مدير الـ"سي آي إيه" مايك بومبيو ومستشار الأمن القومي الجنرال هربرت ريموند ماكماستر. وبحسب الصحيفة، فإن إلغاء برنامج دعم المعارضة السورية يظهر مدى اهتمام ترامب "بإيجاد وسائل للعمل مع روسيا" ويشكل "اعترافا بمحدودية كل من نفوذ واشنطن ورغبتها في إطاحة الأسد من السلطة". وقد رفض البيت الابيض والسي آي ايه التعليق على معلومات "الواشنطن بوست".
في الاثناء، تتابع المصادر، يبدو خصوم المعارضة السورية والمحور الاميركي وحلفائه في سوريا، قرروا اغتنام فرصة تخفيض واشنطن من مستوى رعايتها للمعارضة، بدليل ان قوات النظام السوري وحزب الله أطلقوا في الساعات الماضية معركة تطهير الجرود في القلمون، وعينُهم على إخراج مسلحي "داعش" و"النصرة" منها وبسط سيطرتهم عليها، فتصبح مستقبلا منطقة نفوذ ايراني، ذلك ان طهران أحوج ما تكون الى "ورقة قوة" عشية مفاوضات أستانة الجديدة وفي ظل المساعي الغربية الاميركية - الروسية - الاوروبية للتوصل الى تسوية سياسية للنزاع في سوريا، وبعد أن تخطاها الاتفاق الاميركي - الروسي ولم يلحظ لـ"الجمهورية الاسلامية" أي وجود في سوريا.
وفي سياق غير بعيد، تشير المصادر الى ان هذه المعركة تشكل دليلا جديدا الى هوية حزب الله "الايرانية". ففيما تكثفت الدعوات المحلية والخارجية لتفاديها وحقن الدماء، أصرّ على المواجهة في الميدان خدمة لمصالح طهران، بحسب المصادر، ما يؤكّد كلام رئيس الجمهورية العماد ميشال عون عن أن مسألة سلاحه اقليمية وتتخطى ارادة الدولة اللبنانية. ويتطلّع "الحزب" أيضا، عبر هذه المعركة، الى تلميع صورته في نظر الخارج كمنظمة تحارب الارهاب، وفرض نفسه مكونا أساسيا على الساحة الاقليمية والدولية، لا مجرد ميليشيا كما يتمّ تصويره.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك