على رغم التطمينات المتكررة التي يطلقها حاكم مصرف لبنان رياض سلامة حيال الوضع المصرفي والنقدي، حيث لا ينفك يؤكد أن الليرة "بخير" والواقع النقدي مستقرّ، وجاء آخر مواقفه هذه اليوم، خلال مشاركته في منتدى بيروت الثامن للطاقة والتنمية المستدامة، حيث أشار الى ان "مصرف لبنان يؤكد ان الامكانيات موجودة للحفاظ على استقرار الليرة"، يشنّ البعض في الآونة الاخيرة حملة مكثّفة على المصرف المركزي وقيادته وقراراته، مصوّبين بقوّة على الهندسة التي رسمها "الحاكم"، وقد ذهبوا الى حدّ تحميله "مسؤولية أزمة "مالية" خطيرة، البلادُ مقبلة اليها".
تعقيبا، ترى مصادر مصرفية عبر "المركزية" أن "الحرب" على "المركزي" غير مبرّرة، أقلّه تقنيا وعلميا وماليا. فمعظم الدراسات والتقارير المحلية المنبع او الأجنبية، تشير الى سلامة الوضع النقدي وتشيد بالهندسة المالية "الذكية" و"الحكيمة" التي ينتهجها "مصرف لبنان" والتي مكّنت "الليرة" من الصمود ومن الحفاظ على استقرار لافت في سعر صرفها، رغم كل التوترات السياسية التي عاشتها البلاد لا سيما منذ العام 2005، من جهة، والعواصف التي تضرب في جواره، من جهة ثانية. وأحدث هذه "الاطراءات" أتى من فريق عمل صندوق النقد الدولي الذي زار لبنان منذ أيام حيث نوّه بالاستقرار النقدي القائم والمستمر، ومن مؤسسات التصنيف الدولية الثلاث المهمة، "ستاندرد إند بور" و"موديز" و"فيتش إبيكا"، التي أجمعت على كون النظرة المستقبلية للبنان مستقرة".
وأمام هذه "الشهادات" الموضوعية والعلمية التي تضاف الى اختيار مجلة "غلوبال فاينانس"، الحاكم سلامة، منذ أسبوع، وللسنة الثانية على التوالي، من بين أفضل 9 حكام بنوك مركزية في العالم، تقول مصادر سياسية مراقبة لـ"المركزية" إن استهداف "المركزي" وحاكمه والتهويل على الوضع المالي والنقدي والاقتصادي، تبدو له أغراض سياسية.
فالمصادر تربط بين المناخات السلبية هذه التي يعمل البعض على اشاعتها في الاجواء الاقتصادية، وبين التهويل في الامن أيضا الذي ارتفع منسوبه في الساعات القليلة الماضية، علما ان الجيش أثبت قدرة وكفاية عاليتين على ضبط الوضع على أراضيه، لتشير الى ان ثمة، على ما يبدو، من يريد تصوير لبنان وكأنه دولة على شفير السقوط، والانزلاق الى الهاوية اقتصاديا وأمنيا، في مشهد من شأنه إظهار العهد عاجزا وضعيفا. وفي السياق، يمكن إدراج الموقف الذي أطلقه امس رئيس الجمهورية العماد ميشال عون قبيل مغادرته الى نيويورك حيث دعا اللبنانيين الى اليقظة وعدم الانجرار وراء الشائعات او تردادها، معتبرا ان كل ذلك يأتي في سياق مبرمج لصرف الانظار عن الانجازات المحققة على طريق بناء الدولة.
وفيما تلفت الى ان إثارة المخاوف الامنية والاقتصادية ستنعكس سلبا على مساعي المسؤولين اللبنانيين، وأوّلهم الرئيس عون ورئيس الحكومة سعد الحريري، للنهوض بالواقع المحلي، ولكن ايضا على "حماسة" المجتمع الدولي لمساعدة لبنان عبر تنظيم مؤتمرات لدعمه (كشف عن 3 منها الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون خلال استقباله الحريري في الاليزيه)، تسأل المصادر عما اذا كانت الجهات السياسية التي تقف خلف هذه الحملات التهويلية، تدرك تبعات ما تفعله وتعرف ان اول ضحاياها هو عهد الرئيس ميشال عون؟
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك