قد يكون الرفض الذي عبر عنه رئيس المجلس النيابي نبيه بري للصيغة الانتخابية التأهيلية التي ينادي بها رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل أحد أوضح مواقفه من ملف قانون الانتخاب، غير أن اللافت في هذا السياق يبقى في ما يعتبره البعض رصاصة قاتلة سددها بري في اتجاه هذا الاقتراح، الذي يصطدم بمعارضة واسعة ليس أقلها تلك التي يرفع لواءها الاشتراكي والقوات، وحزب الله المتمسك بالنسبية الكاملة دون سواها. وأبعد من النقاشات العقيمة في شأن القانون الانتخابي الجديد، يذهب كثيرون إلى حد اعتبار موقف رئيس المجلس مسمارا جديدا في نعش علاقته مع التيار العوني، علما أنها متوترة منذ ما قبل انتخاب الرئيس ميشال عون.
لكن، وعلى رغم هذه الصورة السلبية، لا يزال العونيون مصرين على اعتماد خطاب تفاؤلي. وفي تعليق على كلام رئيس المجلس، تذكّر مصادر من "التيار" عبر "المركزية" أن "التأهيل فكرة الرئيس بري أساسا، أي أنه اليوم بات محشورا، ما دفعه إلى الاعلان عن نياته الحقيقية. غير أن هدفنا يبقى ايجاد حل علما أن الأفكار الكثيرة التي تطرح اليوم وتنسب إلينا لم نكن أصحابها. ذلك أننا جمعنا الاقتراحات والأفكار التي وافق عليها مختلف الأفرقاء.
وفي رد على الانتقادات التي تطال هذا الاقتراح باعتباره "طائفيا"، فيما ينادي المقربون من العهد بدولة علمانية، تشير المصادر إلى أن "التأهيلي يلحظ النسبية الكاملة بدوائر متوسطة، غير أن البعد الطائفي حصر بالمرحلة الأولى ليكون للمرشحين صفة تمثيلية، وتلفت انتباه الجميع إلى أن هناك من يغش اللبنانيين باستنكار الطائفية، علما أن المسيحيين هم المكون الأقل طائفية في الحكومة. التأهيلي لم يسقط، ولا يمكن أن يموت إلا إذا أقر بديل منه، ما يفسر بقاءه في صلب النقاشات".
وأمام كثرة الاقتراحات المطروحة على بساط البحث، معطوفة على مواقف متناقضة من كل منها تتجه الأنظار إلى باسيل، الذي يبدو "عراب ملف قانون الانتخاب"، إلا أن المصادر توضح أن "المشكلة غير مرتبطة بالوزير باسيل. كل ما في الأمر أننا نحمل لواء هذه القضية (حقوق المسيحيين وتمثيلهم الصحيح)، علما أننا نحاول حماية الجميع لأنهم سيدفعون الأثمان إن لم يطبق الميثاق كما يجب، علما أن المسيحيين لا يطالبون إلا بصون دورهم وشراكتهم الفاعلة في القرار".
وفي غمرة غرق الجميع في ورشة البحث عن صيغة انتخابية جديدة، تتيح للجميع حفظ أماكنهم في الندوة النيابية الجديدة، يبدو لافتا غياب الحكومة شبه التام عن المشهد السياسي، إضافة إلى أن اللجنة الوزارية التي كلفت بهذا الملف الشائك عقدت اجتماعا يتيما، ما استدعى هجوما لاذعا من رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل. أمام هذه الصورة، اعتبرت الأوساط العونية أن ما يفعله الجميل يندرج في خانة الاستعداد لخوض المعارك النيابية، إلى حد تبدو معه المواقف الكتائبية في مكان، ومشكلات البلد وأزماته في مكان مختلف تماما، وكنا نتمنى أن يضع يده في يدنا، بدلا من توجيه الانتقادات، لأن مشكلة قانون الانتخاب تطال الجميع، بمن فيهم الكتائب"، مشيرة إلى "كلام غير واقعي نراه اليوم في الأوساط السياسية، ذلك أن في غياب جلسات مجلس الوزراء، تحاول القوى المشاركة في الحكومة ايجاد قانون جديد، لكن العقدة تبقى في اقراره في المجلس النيابي، في وقت لا يعني أي اجتماع للحكومة أن العقدة الانتخابية ستحل".
وتبعا لذلك، تكثر التساؤلات عن العلاقة على خط الرابية - الصيفي، في ضوء معارضة يصرعليها نائب المتن، تلفت مصادر التيار إلى أن "المواقف الكتائبية تأتي على خلفية الخلاف مع القوات، علما أن هناك من يعتقد أن التيار كان يجب أن يتفق مع الصيفي قبل معراب"، مشددة على أن "كان على الجميل أن يكون شريكا في اتفاق معراب، بدلا من مهاجمته من باب رد الفعل لأهداف شعبوية".
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك