أكدت مصادر فلسطينية لـ "الراي" ان الاشتباكات الأخيرة التي دارت في مخيم عين الحلوة على مدى ثلاثة أيام وتمحورت بين منطقتيْ الصفصاف، حيث معقل الناشطين الاسلاميين، والبركسات حيث معقل حركة "فتح"، والتي لفّ الغموض أسبابها الحقيقية حملت ثلاث رسائل متبادلة ومتداخلة بين كل الأطراف السياسية الفلسطينية.
أولى هذه الرسائل، ان بعض الجهات متضررة من زيارة رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس "أبو مازن" للبنان. وانفجرت بوجه "ابو مازن" الأوضاع الامنية في عين الحلوة لتفرض نفسها "بنداً طارئاً" على جدول أعماله، اذ إندلعت اشتباكات يوم وصوله وأخرى عند مغادرته، وهو ما اعتُبر في سياق محاولة حجب النتائج الإيجابية للزيارة.
وثاني الرسائل، ان بعض الاطراف الفلسطينية، لم تشأ لزيارة جليلة دحلان، عقيلة عضو اللجنة المركزية لـ"فتح" المفصول العقيد محمد دحلان برفقة نجلهما فادي الى مخيم عين الحلوة النجاح. علماً ان الزيارة تهدف الى الاطلاع على أوضاع ابنائه في ظل المعاناة، سيما في منطقتي أوزو والبركسات معقل "فتح"، غير المشمولتين بجميع خدمات وكالة "الاونروا". وقد حصل إطلاق نار في الهواء تزامُناً مع الزيارة، تطور الى إشكال بين منطقتي البركسات والصفصاف، ثم الى اشتباك متبادل بين عناصر من "فتح" و"ناشطين اسلاميين" أسفر في حصيلته عن ثلاثة جرحى احدهما في حال الخطر وعودة دحلان ونجلها من حيث أتيا.
أما الرسالة الثالثة فتتصل بالعمل الفلسطيني المشترك، وعنوانها ان خروج "فتح" من أي إطار مشترك يسحب مظلة الحماية السياسية والأمنية، بل ويفجّر الاوضاع الأمنية. وبالتالي فإن الحركة أرادت توجيه رسالة متعددة الاتجاه للقوى الوطنية والاسلامية من خلال الاشتباكات بأنها غير "فتح" في الاشتباكات السابقة التي كانت تعمل فيها ضمن الإطار المشترك سواء في "اللجنة الامنية الفلسطينية العليا" أو "القوة الامنية المشتركة"، وانها كانت تتجنب خوض مواجهة عسكرية مباشرة مع "الناشطين الإسلاميين" تحت ضغط الإجماع الفلسطيني المدعوم لبنانياً، وتغليب المعالجة الهادئة على الحسم العسكري باعتبار أنّ الأخير سيؤدي إلى تفجير واسع يدفع أهل المخيم وصيدا ثمنه من أمنهم واستقرارهم.
وأكدت مصادر فلسطينية لـ الراي" ان "فتح" استقدمت العشرات من المقاتلين المدرّبين من قوات "الامن الوطني الفلسطيني" ومن مختلف المخيمات الى عين الحلوة في اليوم الثاني للاشتباكات، في رسالةٍ واضحة بأنه ولّى الزمن الذي كانت تتلقى فيه "الضربات من دون الرد"، وانها جاهزة للمواجهة من دون أن تغلق الباب على التجاوب مع أي مبادرة للتهدئة أو وقف النار وهو ما حصل فعلا، موضحة ان "فتح" هذه المرة "كانت قاب قوسين أو أدنى من اللجوء إلى الحسم العسكري"، وقد استخدمت تكتيكاً عسكرياً جديداً خلال الاشتباكات الاخيرة يقوم على "القنص" من دون الاعتماد على الأسلوب السابق القائم على هجوم "الكر والفر" وذلك تفادياً لأي خسائر بشرية.
كما علمت "الراي"، انه في اطار المعالجات السياسية، فإن اجتماعاً مصغراً عُقد في مقر سفارة دولة فلسطين في بيروت بين الاحمد والسفير أشرف دبور وبين مدير فرع مخابرات الجيش اللبناني في الجنوب العميد الركن خضر حمود لبحث تداعيات الاشتباكات وسبل وضْع آلية عمل مشترك في المرحلة المقبلة تضع حداً لتفلت "المجموعات الاسلامية المتشددة" داخل عين الحلوة وجرّ القوى الأخرى الى معركة جانبية لتهميش صورتها وإضعاف قوتها في حال عدم الحسم، مقابل قيام الجيش اللبناني باتخاذ إجراءات احترازية وقفل الطريق ومنْع دخول المخيم.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك