إذا خلع بعض الشباب ستراتهم الرسميّة وربطات عنقهم لوجدتَ كثيرين من بينهم حفروا على زنودهم صليباً مشطوباً أو أرزة "قوّاتيّة". من الكرنتينا، حيث كان المجلس الحربي، الى معراب، حيث مقرّ القوات اللبنانيّة الحالي، فارق كبير، ولو أنّ بعض الشبّان هم أنفسهم، تحت وفوق، قديماً وحديثاً.
يبدو رئيس حزب القوات اللبنانيّة سمير جعجع حريصاً على تغيير "الصورة" القديمة عن "القوات". يقول جعجع (من حوار شخصي سابق) إنّه وريث كلّ ما ارتكب في فترة الحرب اللبنانيّة، من ميليشيا "الكتائب" ثمّ "القوات" بمختلف فروعها وقياديّيها. فما حصل، مثلاً، في زمن قيادة ايلي حبيقة يُلصق اليوم بجعجع. ويجد كثيرون، حتى من خصوم رئيس "القوات"، أنّه الوحيد من بين "أمراء الحرب" الذي تحمّل "إرثه" و"إرث" غيره، فسدّد "الرسوم" 11 سنة سجناً.
لكنّ زمن الأول تحوّل. لا تسمع في هذه الأيّام عن مخيّمات تدريب لشباب من "القوات"، ولا عن عثور على سلاح، ولا حتى عن خلافات فرديّة يتورّط بها "قوّاتيّون" وتتطوّر الى استخدامٍ للسلاح. إن حصل الأمر، فإنّ شباب "القوات" هم من يُعتدى عليهم.
سقطت تماماً صورة "زوزو إبّا" التي اقترنت بـ "القوّاتيّين". بات المنتمي الى "القوات" يرتدي زيّاً رسميّاً وربطة عنق، بدل السترة الزيتيّة، ويضع شعاراً صغيراً مذهّباً على السترة، بدل الوشم على الزند. يمكنك أن تراهم حين تزور معراب، كما في الاحتفالات "القوّاتيّة". لباقة لا تشبه أبداً سلوك الشباب على الحواجز، أيّام الحرب والمعابر.
وتبرز "الصورة" الجديدة لـ "القوّات" من خلال سلوك وزراء الحزب الثلاثة في الحكومة الحاليّة. ينشط الثلاثة حتى الآن، ويحقّقون الإنجازات بسرعة، ويعطون انطباعاً حسناً عن حزبهم، حتى لدى الخصوم. وتُستكمل "الصورة" الجديدة مع الوجوه النسائيّة التي تبرز في معراب، بدءاً من الأمينة العامة الجديدة والنشيطة شانتال سركيس، الى رئيسة الدائرة القانونيّة إليان فخري، بالإضافة الى الكثير من الوجوه الأخرى، من أبرزها أنطوانيت جعجع التي تملك من الشعبيّة في أوساط الإعلاميّين بقدر ما تملك من اللياقة في التعامل معهم.
اختلف سمير جعجع كثيراً، بعد خروجه من السجن، وغيّر "القوّات" أيضاً. الرجل يصغي لمحاوريه، يناقش، وقد يقتنع إن لم يُقنع. يعتمد على التثقيف السياسي، لا على التسليح. يُحسن اللجوء الى الإعلام، كما الى مواقع التواصل الاجتماعي عبر "جيشٍ الكترونيّ" بصمات ملحم الرياشي واضحة عليه. بنى هيكليّة حزبيّة تشهد مداورة في المواقع. لا خلافات داخليّة نافرة. لا تسريبات، بل انضباط حزبي الى حدٍّ بعيد. لباقة مبالغ فيها أحياناً بالتعامل مع الناس، حتى من قبل مرافقي جعجع.
لعلّ ما ينقص بعض "القوّاتيّين" أن نسمعهم يقولون Chez nous à Maarab. قد يفعلونها قريباً...
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك