الرئيس ميشال عون: "لاقتراع للأحزاب وليس للأفراد لأنهم (الأفراد) قوة ضائعة وغير فاعلة ضمن مجلس النواب، ان النائب وحده ليس لديه القدرة على التخطيط أو فرض تخطيط معين".
بعد مرور عام على تكريس التوافق القواتي - العوني مع ما رافقه من اداء سياسي في مرحلة التحضير وما بعد اعلان النوايا والترشيح، لا بد لنا نحن الذين دفعنا ثمن ايماننا "بوحدة الموقف المسيحي" كمدخل لاستعادة السيادة وتحقيق التوازن والدفاع عن الحريات، لا بد لنا ان نستشرف المرحلة المقبلة على ضوء المعطيات المتوافرة والاستحقاقات المقبلة.
فبعد ان تحقق، ولو بشكل جزئي، ما كنا نطالب ونناضل من اجله، اي وحدة الموقف السياسي أزاء ملفات حيوية بين حزبي القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر ممّا اوصل العماد عون للرئاسة وتشكيل حكومة واعلان بيان وزاري مقبول، نواجه حاليا موضوعا ذا اهمية بالغة بل يعتبر "غاية استراتيجية" بحد ذاتها ويعتبر كل ما تحقق سابقا "وسائل " لا اكثر ولا اقل تساعد وتسهل تحقيقها: انه قانون الانتخاب واجراء العملية الانتخابية.
إنّ ما يعنينا نحن الملتزمين القضية اللبنانية من هذه "الغاية الاستراتيجية" امرين:
قانون يؤمّن المناصفة الفعلية بين المسيحيين والمسلمين على المستوى الوطني اولاً ،
وقانون يحافظ على التعددية السياسية داخل الوسط المسيحي وداخل كل المكونات الطائفية الاخرى.
في موضوع المناصفة الفعلية:
ان هذا الموضوع خاضع لموازين القوى على المستوى الوطني والنيابي. وهو امر يفترض بالكتل النيابية المسيحية كما الشخصيات المسيحية النيابية المستقلة ان تهتم بمعالجته عبر طرح قانون يؤمّن المناصفة الفعلية ويحظى بالتأييد المطلوب لتمريره في البرلمان. ان هذا الواقع لا يعفي القوى الحية المسيحية الملتزمة القضية اللبنانية من مسؤوليتها في البحث عن القانون الانسب وفي المساعدة على تسويقه اعلاميا وشعبياً وخلق مجموعات ضغط تعمل على التواصل مع مختلف القوى الحية لشركائنا السنة والشيعة والدروز لشرح الاسباب الموجبة للقانون المقترح.
في موضوع التعددية داخل الوسط المسيحي
ان "وحدة الموقف المسيحي" الذي طالما طالبنا به وعملنا في سبيله قد تحقق وإن بشكل جزئي. و قد ساهمت هذه الوحدة في فتح ثغرات على كافة المستويات كما سبق وذكرنا واعطتنا فرصة جدية لتأمين توازن حقيقي في المؤسسات الدستورية عبر اقرار قانون انتخاب جديد.
ان مجتمعنا يزخر بقوى شابة ملتزمة نظيفة غير مستزلمة تعمل في سبيل الخير العام. ان تلك القوى لا تجد لها مكاناً مع القوّتين المتفاهمتين . فتلك القوتين وبالرغم من كل التسويق حول تحولهما الى "احزاب ديمقراطية" لا تزالان بعيدتين كل البعد عن كونهما احزابا فعلية يتمتع منتسبوها الى الحقوق و الواجبات نفسها.
ما العمل في ظل المعطيات المعروفة والامكانيات المفقودة؟
العمل الوحيد المجدي هو استعادتنا ثقتنا بأنفسنا والبدء بالتأسيس لحالة سياسية جديدة تكون شريكاً فعلياً جديّاً في الحياة السياسية.
نعم، إنّ امام هذا العمل تحديات ومعوقات جمّة. ليس اقلها الامكانات الماديّة والاعلاميّة والقدرة على شبك العلاقات والتفاهمات السياسية. والاهم الروح الفرديّة المتأصلة في مجتمعنا . كل هذا نعرفه وخبرناه. ولكن، بين مواجهة التحديات وبين البقاء في حالة "النق" او "الاستجداء" او "لعب دور الضحيّة" أفضّل الف مرة المواجهة. فبالمواجهة قد تكون لنا فرصة للنجاح وان لم ننجح نحن فأننا نكون اسسنا لحالة جديدة يستطيع الجيل الجديد البناء عليها لاستكمال ما بدأناه.
ان الانتخابات النيابية على الابواب مع ما تخلقه من دينامية داخل مجتمعنا.
امامنا فرصة لانتاج اطار سياسي صالح للنضال و قادر على استقطاب نخب وناشطين على قاعدة الالتزام لا الاستزلام.
هل نستفيد من هذه الفرصة ام نبقى في "نادي النق" الى أبد الآبدين.
هل نقوم بما هو مطلوب منا في زمن لا يزال يذكرنا بكتابات شارل مالك حول "الكثير المطلوب".
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك