"6 ملايين ونصّ القسط، 950 ألف أوتوكار، 300 ألف لائحة الكتب، 100 ألف الزيّ المدرسي". تُعدِّد مريم ما يتوجَّب عليها من دفوعات مدرسية على الولد الواحد، فيما يجلس زوجها قبالتها على الكنبة بيدٍ يضغط على أزرار الآلة الحاسبة، وبالأخرى يُمسك سيجارته. يصمت برهة منبهراً أمام الرقم على الشاشة، فتبادره زوجته: "طوِّل بالك، ضروب المبلغ بـ3 عنّا رياض وميا وبيا"، فيُكمل الزوج الحساب: "هيدا كلّو ما أكلنا ولا شربنا"، يُتمتم وهو عاجز عن قراءة المبلغ.
يَحزم التلامذة أمتعتهم إستعداداً لانطلاق العام الدراسي، على وقع تأفّف الأهالي واشتداد الكباش بينهم وبين الإدارات. "إذا ما غَلّو القسط بيغلّو النقليات، إذا لأ بيغَلّو القرطاسية"، خوفك عليُن؟"، هذا ما تقوله رحاب بنبرة غاضبة، نتيجة خبرتها الطويلة في التعاطي مع إدارات المدارس. فتروي لـ"الجمهورية": "لديّ 5 أولاد، طفتُ بهم على عدد لا بأس به من المدارس.
لا شك في أنّ بعض الزيادات مَنطقي من حين إلى آخر، ولكن "للأسف اسْتَحلينا شي سنة ندفع مِتل يلّي قَبلا"... نتبلّغ سنوياً بمصاريف إضافية". وتتابع بعينين جاحظتين: "في حال غياب أيّ زيادة مباشرة يحلو للإدارات اعتماد طبعات جديدة من الكتب، فتفقد المستعملة قيمتها ولا يعود في وسع الأخوة تبادل كتبهم".
تطول شكاوى الامهات وتتشعّب معاناتهم، إلّا أنّ الأمين العام للمدارس الكاثوليكية الاب بطرس عازار يُحاول وضع الأمور في نصابها، مؤكداً "أنه لا يفرض بتاتاً على إدارات المدارس زَودة على الأقساط، ولا هي «بتفتَح عَ حسابها".
ويوضح لـ"الجمهورية": "ينظّم القانون 515، الموازنة المدرسية التي تُشكّل أجور المعلمين والموظفين على الاقل 65 في المئة منها، وكلفة تطوير المدرسة وتجهيزها 35 في المئة على الاكثر، وفي ضوء الموازنة يتمّ تحديد القسط المدرسي، أي يقسم المبلغ على عدد التلاميذ، مع الاشارة إلى أنّ الادارات، حفاظاً على عدم رفع الأقساط، غالباً ما تُضحّي بجزء من مصاريفها التطويرية".
ورداً على سؤال، هل بقاء الاقساط على حالها، مطلع العام الدراسي الحالي، يعني حكماً غياب أي زيادة لاحقة خلال العام؟ يجيب عازار، محاولاً امتصاص خوف بعض الاهالي: "قد تلجأ المدرسة إلى "فرض زَودة" على الاقساط من دون الاعلان عنها مطلع العام. إذ تُقدم الإدارات موازنتها في 31 كانون الثاني إلى وزارة التربية، (في حال أيّ تأخّر تتكبّد غرامة)، بعد موافقة لجنة الاهل وتوقيعها قبل الموعد المحدد.
لذا، بعد تحديد الموازنة تُعيد بعض الادارات تحديد أقساطها بعد الفصل الاول وقد تحتاج إلى رفعها لتغطية مصاريفها، فيما تعمل مدارس أخرى بطريقة مغايرة، حرصاً منها على عدم مفاجأة الأهل منتصف العام، فترفع أقساطها منذ مطلع العام آخذة في الحسبان مصاريفها تقديرياً، وفي حال لم تبرّر الموازنة القسط، تُجبر الإدارات على إعادة جزء من كلفة الاقساط إلى الاهل".
ويتابع: "لهذا السبب تنبّه المشترع للأمر، وحدّد أنّ أول قسط من العام الدراسي يجب أن يشكّل 30 في المئة من القسط العام للسنة الدراسية المنصرمة، فضمن بذلك أنّ المدرسة لا تأخذ قسطاً عشوائياً إنما ضمن القانون، على سبيل المثال، إفترضنا أنّ القسط هذا العام 6 ملايين ليرة، فيما العام المنصرم كان 4 ملايين، القسط الاول من هذا العام يجب أن يكون 30 في المئة من قسط السنة الماضية".
1800 دولار "أوتوكار"!
أمّا عن ارتفاع كلفة النقليّات، على سبيل المثال من الحدث إلى المنصورية تصل كلفة "الاوتوكار" لإحدى المدارس إلى 1800 دولار سنوياً، يتوقف عازار عند جملة أسباب تؤثر في رفع التكاليف، قائلاً: "أولاً بعض المدارس يلجأ إلى تلزيم عملية النقل لأشخاص، لشركات خاصة، ممّا يضاعف الكلفة.
ثانياً إحتمال ارتفاع أجور السائقين، ثالثاً تجهيز الباصات، رابعاً إرتباط النقليات بأسعار المحروقات المتقلبة"، مؤكّداً غياب "آلية تضبط كلفة النقليات، ولا سيما أنّ القانون يقف عند حدود عدم إلزام الإدارات لتلامذتها باستخدام باصات المدرسة". ويرفض عازار اعتبار أنّ "الإدارات تتحكّم بأعناق الاهالي"، قائلاً: "إختيار المدرسة حرّ، أمام الاهل قائمة طويلة من الخيارات، لدينا نحو 335 مدرسة كاثوليكية، وتضمّ نحو 190 ألف تلميذ".
1562 مدرسة خاصة
ينتشر في لبنان 1562 مدرسة خاصة، وتضمّ نحو 750 ألف تلميذ. إذ يُشكّل التعليم الخاص "70 في المئة من التعليم في لبنان"، على حدّ قول رئيس مصلحة التعليم الخاص في وزارة التربية عماد الأشقر، الذي يؤكد "أن لا زيادات مبدئية مطلع العام، نظراً إلى بقاء الرواتب والاجور على حالها".
ولكن في الوقت عينه يعجز عن تقديم ضمانات لعدم رفع الاقساط، قائلاً لـ"الجمهورية": "الزيادة لا يمكن حسمها قبل كانون الثاني، ولا نخفي أنّ بعض الاهالي يتوجّهون إلى المدارس الرسمية نتيجة الظروف المعيشية الصعبة".
من مقال ناتالي اقليموس في "الجمهوريّة"
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك