هو حبٌّ غير أنواع العشق والهيام كلّها. قفصٌ ذهبيٌّ بالفعل، ولكنّ لكلّ طرفٍ قفصه الخاص، وقارّته الخاصّة أيضاً. حبٌ عابرٌ للوقت والزّمان والمكان والحدود، يتغّذى من الشّوق والاشتياق والانتظار والمفاجآت...
العلاقات العابرة للحدود هي، وعلى عكس اسمها، غير عابرة إطلاقاً، فالحبيب والحبيبة في هذا النّوع من العلاقات، يعيشان معنى التّضحية بالفعل، ويمرّان باختبارٍ قاسٍ وحقيقيّ إمّا يقوّي علاقتهما ويكلّلها بالارتباط الابديّ، أو يسيرُ بها في نفق الفشل المحتّم.
لهذا النّوع من الحبّ خصائص فريدة، تطبع حياة الحبيبين، اللّذين يتواصلان عبر كل ما ابتُكر من تطبيقاتٍ ومواقعٍ للتّواصل الاجتماعيّ و"العاطفي"أيضاً، تجمتع في "آلة الحبّ" السحريّة: الهاتف الخلوي. فيه يعيشُ الحبيب، وعبره يسمعُ هو صوتَها، وفي ملفّاتها تجدُ هي صوره وفيديوهات صوّرها لحبيبته فقط، ويجوز القول إنّه لولا الهاتف لما نجح الحبّ في الصمود والاستمرار عن بعد.
فماذا يقول البعض ممّن عاش ويعيشُ هذا النّوع من العلاقات؟
تؤّكد سحر ح. التي تعيشُ في لبنان، بينما يعمل خطيبها في إحدى البلدان الخليجيّة، أنه "من إيجابيّات هذا النّوع من العلاقات أنّ التّواصل فيها يكون كبيراً وعميقاً جدّاً بين الحبيبين، لأنّهما يمضيان ساعات كثيرة على الهاتف، ويتحدّثان بالتّفاصيل عن كلّ شاردةٍ وواردةٍ". وتضيفُ في حديث لموقع mtv "لكنّ المُشكلة تكمنُ في حال حصول أيّ إشكالٍ أو سوء تفاهمٍ، إذ أنّه من الصّعب حلّه عن بعد ومن دون لقاء، وللاسف تأخذ المشاكل أكبر من حجمها في هذه الظّروف".
ولا تنصح سحر بأن تستمرّ العلاقة البعيدة لوقتٍ طويلٍ، معتبرةً أنّه "يجب أن يؤخذ قرار بعد فترة بالارتباط والاستقرار، لكي يعيش الحبيبان معاً، لانّ الهدف من أيّ علاقة هو أن يكون حبيبك الى جانبك".
وفي الختام تأسفُ سحر لوضع المجتمع اللّبنانيّ "حيث معظم شُبّاننا يعيشون في الخارج للعمل وتأمين المال، ممّا يفرضُ على عددٍ كبيرٍ من الاحباء علاقات عبر الحدود".
أمّا طوني ر. فيشير الى أنّ الغيرة والشكّ هما العامل المقلق والسلبيّ في العلاقة مع حبيبته. "كوني أعمل في بلدٍ إفريقي، فإنّني أشعرُ بالبعد الحقيقيّ عن حبيبتي، خصوصاً أنّني لا أستطيع السّفر الى لبنان كثيراً لرؤيتها، وهنا تبدأ الغيرة والشكّ رغم أنّنا نحبّ بعضنا كثيراً، ولكن، للاسف لكلٍّ منّا رفاقه، وسهراته، ومناسباته"، يعترفُ لموقعنا.
ويردف طوني "أحزنُ لانّني لا أستطيع أن أكون الى جانبها كلّما احتاجتني، وخصوصاً في كلّ مرّة تمرضُ فيها، ولكنّني أحاول أن أعوّض لها عن سلبيّات بعدي عبر الهدايا التي أشتريها لها، وفي العطل التي أزور فيها لبنان".
من جهتها، تروي ريما د. لموقعنا كيف أثّر السّفر على علاقتها بخطيبها السّابق الذي يعمل في أوروبا، وتقول "كنّا في البداية على وفاقٍ وحبٍّ تامٍّ، ونتحدّث لساعاتٍ عبر الهاتف، وخلال إحدى إجازاته في لبنان، فوجئت بأنّه شخصٌ مختلفٌ تماماً عمّا كنت أعتقد، وظهر لي رجلاً غير اجتماعيّ، ومتردّداً في اتّخاذ قراراته، وغير مستعدّ للارتباط".
وتضيف "أسأل نفسي في بعض الاحيان، ماذا لو تزوّجته من دون أن أعرفه على حقيقته؟ من حظّي أنّه عاد وتعرّفت إليه عن كثب، ولم أرتبط بشخصٍ لم أعاشره جيّداً".
وفي الختام، لا تنصح ريما بالعلاقات عن بعد، لأنّها، وعلى حدّ قولها، "تغشّ وتُضيّع الوقت"، وهي الان تبحث عن شريكٍ، ولكن بشرط أن يكون مستقرّاً في لبنان.
لكلّ حبٍّ قصّته، ولكلّ قصّة ظروفها، ويبقى على الحبيبين إمّا التأقلم وتخطّي الحواجز والنّضال في العلاقة حتّى الرّمق الاخير أو الانسحاب قبل القرار الكبير...
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك