يكفي سماع بعض النغامات من أغنية بصوت جوزف صقر، لترتسم الضحكة على الوجوه وتعود الذاكرة الى زمن كانت فيه الحروب مستعرة والظروف صعبة، إنما الضحكة حقيقية.
جوزف صقر، من الأسماء القليلة التي لا يمكن حصرها بلقب او بعمل محدد، هو الكوميدي والدرامي في مسرح واحد، هو المغني والمطرب في لحن واحد، وهو الساخر والجدّي في انتقاد واحد.
يوم سئل جوزف صقر عن شهاداته، قال: "معي ديبلوم مهم كتير، ديبلوم الأخوين الرحباني". فهو بدا مسيرته الى جانب السيدة فيروز، وقليلون يذكرون انه وقف الى جانبها في الكثير من الأعمال. هو الذي اعطاها الهاتف في اتصالها التاريخي مع جدتها في كحلون، وقد يكون جوزف صقر الوحيد الذي التقى مع فيروز في زمنين مختلفين على الأغنيات نفسها، مثل "عهدير البوسطة"، و"تلفن عيّاش"، وحتى "طلي ضحكيلو" بنسخته الساخرة.
الانطلاقة الفعلية لجوزف صقر كانت على مسرح زياد الرحباني، هو بركات في "نزل السرور"، وأبو ليلى في فيلم "أميركي طويل"، ورامز في "بالنسبة لبكرا.. شو؟"، وهو صاحب أشهر مقهى في الأعمال الفنية اللبنانية، "قهوة نخلة التنين".
ما زال جوزف صقر حاضرا في كل سهرة لبنانية، وفي أغنيات تحاكي الحب والوطن والحياة بطريقة ساخرة اتقنها زياد الرحباني وأبعد في أدائها جوزف صقر.
كان جوزف صقر قليل الاطلالات، كان يفضل الابتعاد عن العدسات وتمضية الوقت بين منزله في بيروت وبلدته قرطبا، ليبقي من مسيرته قليلا من الكلام وكثيرا من الغناء.
الشمولية في جوزف صقر، هي التي جعلت زياد الرحباني يعتبر رحيله أكثر ما أثّر عليه فنيًّا، فهو كان توأمه في الاغنيات والعتابة. وفي النقمة الشعبية على نظام لبناني مهترئ، وحتى في الصلاة.
يوم رحل جوزف صقر، كتب زياد الرحباني بأسلوبه الساخر: "عطاني عمرو، أنا عمرو شو بدي في؟".
قد يجد كثيرون أنه لم يأخذ حقّه لا في حياته ولا بعد موته ولكنه كان وسيبقى من زمن الكبار.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك