يغادر اليوم العميد شامل روكز مقرّ قيادة فوج المغاوير في رومية. يصادف غداً يوم عطلة، أما الخميس 15 تشرين الاول فهو تاريخ الاحالة الى التقاعد الذي يدشّن اليوم الاول للعقيد مارون القبياتي، المعيّن قبل أيام، في قيادة الفوج.
يقضي روكز اليوم الاخير بين الضباط والعسكر في الفوج الذي بقي على رأسه لمدّة عشرة أعوام. قبل ذلك ثمانية أعوام بين 1984 و1992 كآمر سرية، كما خدم في الفوج عام 2000. وسيزور وزارة الدفاع، ببزّة المغاوير للمرة الاخيرة، حيث سيلتقي قائد الجيش العماد جان قهوجي وعددا من الضباط.
في لقائه مع الضباط، أمس، كانت توصياته واضحة. بعد شكرهم "على كل شيء"، أوصاهم بالالتزام بالمناقبية العسكرية والتحلّي بالروح الوطنية والعنفوان وروح المسؤولية، والحفاظ على هالة فوج المغاوير الذي شكّل طوال السنوات الماضية جسر تواصل بين الناس والجيش.
لا مراسم تسلّم وتسليم كما تجري العادة في الافواج والوحدات والفروع. يفضّل روكز الخروج على طريقته. في اليوم الاول بـ "المدني" لن يغيّر الضابط المغوار الكثير من عاداته. هواء اللقلوق النظيف كفيل بإضفاء المزيد من النقاء الذهني الى تفكيره، وربما يساعده في تحديد بوصلة خياراته بعد التقاعد. هناك حيث يقضي ساعات وهو يمشي وسط الطبيعة.
يوم السبت انضمّ وفد من طلاب جامعة الكسليك، وصل عدده الى نحو 150، الى روكز في اللقلوق، حيث قاموا برياضة المشي سوية في جرود البلدة الجبيلية. سيبدو هذا المشهد ثابتا في أجندة الضابط مع تغيّر هوية الضيوف كل مرّة، تماما كما ايام الخدمة في الفوج. قرب الناس من روكز، وتعاطفهم وتضامنهم معه، تبدو "الزوّادة" الادسم التي يخرج بها من الجيش.
بعد نحو عشرة ايام يغادر روكز لبنان مع مجــموعة من اصدقــائه في رحلة استجمام الى الولايات المتحدة وفرنسا. لن تتجاوز الرحلة مدّة الاسبوعين، ليعود بعدها الى لبنان، فيما راصدوه ينتظرون جوابا على سؤال واحد: هل ينتقل المغوار من العسكر الى السياسة؟
الرؤية غير واضحة حتى اليوم. "الجنرال" روكز ليس من اصحاب الاجابات المتسرّعة والانفعالية. هذا بالتحديد ما قد يدفعه الى تأجيل الكلام في أمور كثيرة وحسّاسة الى اللحظة التي توجب قول الامور كما هي، لكن "على البارد".
لذلك، وحتّى الساعات الاخيرة من خدمته العسكرية، بقي روكز متسلّحاً بالصمت حيال كل ما قيل عن تسويات وترقيات ومفاوضات وبازارات مفتوحة. من يعرفه ينقل عنه لازمة واحدة: "انا لم أكن معنيّاً بأيّ تسويات، وسأبقى صامتاً. لن أقــوم إلا بالامور التي تشبهني وتفيد الجـيش". عارفوه سمعوه أكثر من مرّة يردّد بأنّ "تعاطف الناس وتضامنهم معي جعل الامور تمرّ وكأني لم اسمع شيئاً".
في أيام التقاعد كل شيء ممكن. حتى اللحظة لا يبدي روكز اهتماماً بالانزلاق صوب العمل الحزبي في "التيار الوطني الحر"، مع العلم ان متابعين يؤكّدون ان منزله في اللقلوق غالبا ما كان يستقبل ناشطين وأصدقاء عونيين، لكنه بقي خارج اي نقاشات بشأن مستقبل الحزب ونظامه الداخلي، ولم يحاول تكوين دائرة نفوذ خاصة داخله.
وزارة او نيابة؟ الوقت مبكر كثيرا على هذا النوع من الاسئلة، مع العلم ان روكز غير معني، وفق المعلومات، بما يتردّد عن إنشاء حزب ركيزته مجموعة من الضباط المتقاعدين على رأسهم العميد جورج نادر قائد فوج المجوقل السابق. بمطلق الاحوال ثمّة من يؤكّد ان الهالة العسكرية لروكز وخبرته وقدرته على الاستقطاب و"الكاريزما" وقناعاته الوطنية، لا يمكن أن تنتهي بزيارات الى النادي العسكري او القيام بـ "بيزنس" خاص يعوّض فراغ التقاعد!
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك