تختلف التظاهرة التي دعا إليها التيّار الوطني الحر اليوم عن سابقاتها التي لم يتمكّن "التيّار" من النجاح في الحشد الشعبي فيها. فحدث اليوم تمّ الإعداد له جيّداً ووضعت قيادة التيّار إمكانيّاتها كلّها من أجل إنجاحه. إلا أنّ التغيير لن يقتصر اليوم على حجم المشاركة، بل يتعدّاه الى مشاركة العماد ميشال عون الشخصيّة.
يعود ميشال عون اليوم الى الساحة التي وقف فيها في السابع من أيّار من العام 2005، تاريخ عودته الى لبنان. نجح عون حينها في استثمار عوامل كثيرة من أجل تحقيق ما سُمّي بـ "تسونامي" حصد فيها أكبر تمثيل مسيحي نيابي في الانتخابات النيابيّة حينها. ولكن، بين العامين 2005 و2015، شهدت السنوات العشر تغييرات كثيرة في الظروف السياسيّة والتحالفات والمواقف، داخليّاً وخارجيّاً.
يقف عون اليوم في المكان نفسه الذي وقف فيه حينها. تغيّرت شعاراته وتراجع عدد أنصاره. سقط حلم الرئاسة أو يكاد. حتى رئاسة "التيّار" آلت رسميّاً الى الوزير جبران باسيل. وفشل وزراء "التيّار" في الحكومات المتعاقبة في تحقيق ما ينسجم مع تسمية "التغيير والإصلاح" التي أطلقت على التكتل النيابي الذي يرأسه.
إلا أنّ عون يبقى، على الرغم ممّا سبق وغيرها الكثير من العوامل، لاعباً أساسيّاً لا يمكن تجاوزه في الحسابات السياسيّة الداخليّة، خصوصاً أنّه يعتمد أيضاً على تحالفه الوحيد الصامد مع حزب الله، في ظلّ تعثّر تحالفاته الأخرى، مع "أمل" و"المردة" والنائب طلال ارسلان.
وستكون تظاهرة اليوم، التي استفاد فيها التيّار الوطني الحر من الحراك الشعبي على خلفيّة أزمة النفايات، ومن سقطات بعض الناشطين في هذا الحراك، خصوصاً ما يتصل بالإهانات التي تمّ توجيهها الى الأديان السماويّة، مناسبة لإعادة تثبيت "التيّار" لموقعه الشعبي، بعد العثرات التي وقع فيها في تحرّكاته السابقة. علماً أنّ عون ما كان ليحسم أمر حضوره شخصيّاً لولا تأكّده من أنّ ساحة الشهداء ستشهد حشداً شعبيّاً هو الأكبر لتيّاره منذ سنوات. علماً أنّ معلومات تحدّثت عن أنّ عدداً لا بأس به من مناصري حزب الله وحزب "الطاشناق" سيشاركون في التظاهرة، بالإضافة الى تأمين كامل التجهيزات اللوجستيّة، خصوصاً على صعيد وسائل النقل التي تكفّل بتأمين تكاليف معظمها مرشّحون ومتموّلون في "التيّار".
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك