"في الفنّ، ممنوع الخطأ"، قانون ابتكره بعض كتّاب الصحافة الفنيّة العربيّة ليضعوا فنّاني العرب في قبضة أحكامهم المتسرّعة، ليكسبوا قرّاءً من مختلف البلدان ويسجنوا الفنّان في غرفة جدرانها مليئة بالقوانين والأحكام المبرمة. من منّا لا يخطئ، ومن منّا معصوم عن الخطأ، أوليس الفنان مثلنا إنسان يعيش مشاعر نعيشها ويخطو خطوات تشبه خطواتنا وتقوده مثلنا الى الوقوع في الخطأ؟
أمّا آخر ضحايا أقلام الصحافة الفنية الصفراء، فكانت الفنانة نانسي عجرم التي التُقطت لها صورة مع رجل في قبرص قيل إنّه رجل أعمال إسرائيلي، فانقضّ عليها المئات، متّهمين إيّاها بالتطبّع مع العدو الإسرائيلي، من دون الرجوع إليها والتأكّد من صحّة الأمر.
وعلى الرغم من التزام عجرم الصمت والإبتعاد عن الردّ على الشائعات، إلّا أنّها قرّرت أن تخرج عن صمتها هذه المرّة وتوضح أنّها وطنية لأقصى الحدود، مشيرةً الى أنّ مئات الأشخاص يلتقطون معها الصور وينشرونها على مواقع التواصل الإجتماعي من دون معرفتها المسبقة بهم، بتأكيد منها أنّها لم تكن تعلم هويّة الشخص في الصورة.
ومن جهته، نفى مدير أعمال عجرم جيجي لامارا الأمر، معتبراً أنّه وفي كل مرة تطرح ألبوماً جديداً، تقوم ضدّها بعض الجهات لتعيق نجاحه، قائلاً: "نانسي وطنية الى أقصى الحدود، لبنانياً وعربياً، وسنتحرّك قضائياً"، بإشارة منه الى أنّ الأمر لن يمرّ مرور الكرام هذه المرّة.
وقبل عجرم ببضعة أشهر، قامت "الدنيا ولم تقعد" عندما انتشرت صورة للفنان صابر الرباعي الى جانب ضابط إسرائيلي، الأمر الذي أثار موجة ضدّه في الصحافة العربيّة. لكنّ الرباعي نفى أن يكون على علم بهويّته أو على سابق تخطيط للقائه، معتبراً أنّه فنان عربي مشهور ولذلك يصادف عدد كبير من المعجبين من مختلف الجنسيّات من دون أن يسألهم عن جنسيّتهم. وتجدر الإشارة الى أنّ الرباعي هو أوّل فنّان عربي أقام حفلة فنيّة على أراضي فلسطين المحتلّة، الأمر الذي لم يجذب انتباه بعض الصحف العربية، فبدلاً من تشجيعه على قيامه بهذا الامر وإعطاء الأمل للشعب الفلسطيني، قرّرت اتّهامه بالتطبيع مع إسرائيل من دون معرفة رأيه بالأمر.
لسنا بجهة الدفاع عن صابر ونانسي، لكنّ الفنان العربي تماماً كالفنّان العالمي، لا يمكنه أن يمضي وقته مع المعجبين بالسؤال عن هويّتهم وجنسيّتهم وأفكارهم ومعتقداتهم. فالفنّ للجميع، والفنان هو أيضاً بفنّه للجميع. لكنّ المفارقة هنا أنّ هذه الأقلام التي تتّهم يساراً ويميناً، ليست بالأصل إلّا أقلاماً تريد القضاء على مسيرة فنّان لأغراض شخصيّة وللترويج لصفحاتها من خلال ابتكار أخبار غير موثوقة ولا صلة لها بالحقيقة.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك