تساءلنا في الأيام الأخيرة، عبر موقع mtv الإلكتروني، عمّا إذا كان من أحد "يسمع" عن السينما اللبنانية، في مقابلة حملت عنوان "مَن "يسمع" عن السينما اللبنانية؟". أتى دافع كتابة عنوان كهذا من رحم واقع السينما اللبنانية التي تحتاج (من دون تعميم) إلى حالات إنعاش وهو ما يشهد عليه معظم النقاد والمتخصصين في هذا المجال.
فعلاً، لم نكن "نسمع" عن السينما اللبنانية في السنوات الثلاث الماضية من شدّة ارتفاع عدد إنتاج الأفلام اللبنانية وتدهور نوعيتها في أحيانٍ كثيرة، إلى أن شاهدنا الفيلم اللبناني الجديد "اسمعي"، فاستعدنا إعارة التركيز لحاسّة سمعنا من الآن فصاعداً حين تصبح السينما اللبنانية محور الكلام. مثلما تنبّهنا من جديد إلى أنّ حاسّة السمع هي بحدّ ذاتها مصدر للحياة وللشعور بأننا ما زلنا على قيدها.
لم يأتِ مخرج فيلم "اسمعي" (Listen) وكاتبه فيليب عرقتنجي بمشاهده من العدم. بل نقل إلى المشاهدين حقيقة ما تحتويه الحياة اليومية بعمق وتجرّد تامّ من دون أن يلهث وراء الابتذال والسطحية.
فيلم حقيقي صادق يسلّط الضوء على فكرة أن كل ما من حولنا وما في داخلنا صوت وموسيقى ونغم. عمل يمثّل كل إنسان يرفض "الاختباء وراء إصبعه" نظراً لما يتضمّنه من مشاهد حميمة وجريئة تعرّي الواقع.
قصّة حبّ حقيقية، جريئة، لا تعرف حدوداً ولا حواجز يعيشها "جود" العفوي والخجول (هادي أبو عيّاش) مع "رنا" المليئة بالحياة والجرأة (ربى زعرور) بصدق وواقعية. غير أن سبباً واحداً وكافياً "يجبر" الأخيرة على الابتعاد قسراً عن "جود" الذي لا يجد نفسه سوى أنه يحاول استرجاعها مرسلاً لها بشكل يوميّ أصواتاً نظّن أننا لا نألفها إلا أنها تشاركنا الحياة دائماً.
هي ببساطة قصّة حبّ وقصة سمع عاشت "رنا" كلتيها مع "جود" الذي نجح أخيراً في إعادة إحياء حبيبته من جديد.
أمّا النهاية، فمجهولة، عبثية، تستفزّ كلّ مَن اعتاد على مشاهدة النهايات المعلومة سلفاً. نهايةٌ تحظى باحترام أصحاب النظرة النقدية والفكر غير المألوف من المشاهدين. هي نهاية بالاسم، ولكنها بداية...
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك