ثمّة علامات تثبت بأنّ بعض الأجساد لم تمت. تثبت مشاهدة "كلّكن سوا" لكميل سلامة بأنّ المسرح اللبناني لم يمت. ولم يكن سلامة بحاجة الى ديكورٍ ضخم وإضاءة مبهرة وإنتاجٍ مليونيّ ليفعل ذلك. كان الأمر بسيطاً جدّاً. نصّ جميل ومتقن، ممثلّون بارعون أحسن سلامة، المخرج أيضاً، إدارتهم. فخرج مشاهدو العرض الأول، وبعضهم من النقّاد و"أهل الكار"، فرحين ولم يندم أحدٌ على تلك الساعة التي أمضاها في مسرح "دوّار الشمس" في بدارو، لا بل أحسسنا بأنّ المسرحيّة انتهت قبل أوانها، وكانت تستأهل بعض التمديد في الوقت. جميلٌ أن نشعر في لبنان بأنّ أمراً ما يستحقّ التمديد!
قدّم كميل سلامة عرضه الأول من مسرحيّة "كلّكن سوا"، وهي من كتابته وإخراجه، وبطولة الثلاثي بديع أبو شقرا، رودريغ سليمان وباتريسيا نموّر الذين أبدعوا في أداء الأدوار، من دون مبالغة في التعبير أو تقصيرٍ في إيصال رسالة الكاتب.
القصّة من وحي الحرب اللبنانيّة، ولو أنّ سلامة أصرّ، في التعريف الذي أعدّه للمسرحيّة، على كتابة أنّها تدور "في حربٍ ما... في مكانٍ ما... في زمانٍ ما...". من هنا، فهي تحاكي ماضياً شعرنا، لدى مشاهدتنا للمسرحيّة، بأنّه لم ينسلخ بعد من ذاكرتنا. فصوت القذائف والرصاص كان حاضراً، والحديث عن قنصٍ وقلقٍ وأناس يسقطون في الشوارع، وخطوط هاتف قد لا تكون دوماً متوفّرة للاطمئنان عبرها...
ولكن، ثمّة قصّة أخرى، عن صديقَي مدرسة وجامعة، وزميلَي عمل، لكلّ منهما قصّته، كما لهما قصّة مشتركة تحضر فيها زوجة أحدهما.
باختصار، هي مسرحيّة تستحقّ أن تشاهَد. لن تضحكوا فيها كثيراً، ولن تخرجوا منها بدموعٍ على الوجنتين. لكنّها مسرحيّة تشبه دوّار الشمس في حقل المسرح اللبناني الذي يزداد يباساً، وهي تستحقّ المشاهدة، وتستحقّ أن تصفّقوا للممثّلين فيها حين يخرجون الى الخشبة، مع كميل سلامة، لإلقاء التحيّة الختاميّة.
تفضّلوا إذاً لمشاهدة المسرحيّة... "كلّكن سوا".
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك