من شأن لقاء العماد ميشال عون والدكتور سمير جعجع أن يمهّد لرسم مشهد مسيحي جديد، ستكتمل معالمه مع تولي النائب سامي الجميل رئاسة "حزب الكتائب" الذي قد يكون الضحيّة الأكبر للتلاقي بين معراب والرابية، بل ان جعجع لم يتردد في القول صراحة من على منبر الرابية ان نتيجة الاستفتاء الذي يطالب به عون معروفة سلفاً، وهي أن "التيار" و"القوات" يحظيان بالشعبيّة الأكبر في الساحة المسيحيّة.
ولكن، ماذا عن الحسابات التفصيليّة لكل من عون وجعجع؟
بالنسبة إلى عون، يمكن القول، وفق "السفير"، إن الحد الادنى من التفاهم مع جعجع سيسمح له برفع فرص وصوله الى الرئاسة، على قاعدة "الرئيس القوي" الذي تصدّر إعلان النيات، خصوصاً ان خصوم الجنرال كانوا يطرحون عليه باستمرار ما يفترضون أنه شرط تعجيزي لقبول انتخابه، وهو حصوله على دعم رئيس حزب "القوات".
وإذا كان من المبكر الذهاب بعيداً في التوقعات، والافتراض من الآن أن جعجع يمكن ان يتحول من "لغم سياسي" على طريق عون نحو بعبدا الى "كاسحة ألغام"، إلا أن تقدّم الحوار بينهما يجعل الأمر يتدرّج على الأقل من مرتبة "المستحيل" الى مرتبة "الصعب".
وما جرى أمس في الرابية سيعزّز بشكل او بآخر صورة "المرشح الوفاقي" التي يسعى عون الى الترويج لها، ولن يكون هناك بحوزته دليل أبلغ من تقاربه مع الخصم اللدود سمير جعجع، حتى يثبت أنه قادر فعلياً على مدّ اليد في كل الاتجاهات واستيعاب الجميع، وفق مفهوم "الوسطية القوية" التي تنطوي على نكهة ولون من دون أن تكون نافرة أو مستفزة.
كما أن عون سيستفيد من التقارب مع جعجع لتحسين شروط معركة تحصيل الحقوق المسيحية في الدولة، تحت سقف الشراكة والتوازن المندرجين في إعلان النيات، ما يمكن أن يحشر أو يُحرج "تيار المستقبل" الذي لم يكن مسروراً، على الأرجح، بمشاهدة جعجع وهو يضع يده على كتف عون تحبباً، خلال المؤتمر الصحافي المشترك بينهما.
أما جعجع فله اعتباراته أيضاً.
يذهب بعض "الخبثاء" إلى الافتراض ان رئيس "القوات" يضمر من وراء تصالحه مع عون، وبالتالي مع القاعدة الواسعة لـ "التيار الوطني الحر"، تسهيل إمكانية وراثته لجزء من هذه القاعدة، وفرض نفسه الزعيم الأول للمسيحيين.
لكن وبمعزل عن محاكمة النيات، فإن جعجع الذي يعرف ويعترف في قرارة نفسه بأن تحالفه مع "تيار المستقبل" لم يساهم في تعزيز حضوره النيابي أو الوزاري داخل الدولة، بات يشعر بأن تفاهمه مع عون سيكون أكثر إنتاجية وفائدة، وسيسمح له بتعزيز موقعه التفاوضي مع الحليف قبل الخصم.
وإذا كان جعجع يدرك أن عون يتقدم عليه حالياً في الفرصة الرئاسية، إلا انه يعتقد ان قاعدة "الرئيس القوي" التي جرى تثبيتها في "الإعلان" قد تجعله من المرشحين الجديين في الانتخابات الرئاسية المقبلة.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك