شهدت جلسة مجلس الوزراء أمس فضيحة قانونية - مالية كادت أن تفجّره، ووضعته أمام أحد خيارين: إما ان تدفع الدولة ملياري دولار، وأما اللجوء الى التحكيم الدولي خلال أيام قليلة. وفي الحالتين عليها دفع مبالغ طائلة لا تقلّ عن 180 مليون دولار.
فماذا في هذه الفضيحة؟
طلبت وزارة الأشغال عام 2009 من المديرية العامة للطيران المدني إلغاء رخصتي ملاحة جويّة لشركة طيران خاصة حفاظاً على السلامة العامة. الشركة هي "هولدينغ" لبنانية، ومساهمها الاكبر رجل الأعمال عبد الجاعوني، وهي مسجّلة في المانيا. تقدّمت الشركة بدعوى أمام مجلس شورى الدولة فأبطل قراري إلغاء الترخيص. ولذلك تطالب الشركة الدولة اللبنانية بتعويض قيمة الربح المقدّرة بملياري دولار. لكن الدولة لم تستجب، فلجأت الشركة في الموازاة الى التحكيم في واشنطن.
وبما ان الشركة مسجّلة في المانيا، فثمة معاهدة حماية الاستثمارات بين لبنان والمانيا تجيز لأي متضرّر من فعل إحدى الحكومتين ان يذهب الى التحكيم في واشنطن أمام هيئة تحكيم خاصة.
وأمام هذا المأزق المالي والقانوني، وقعت الحكومة اللبنانية أمام واحد من خيارين: التفاوض مع الشركة لخفض المبلغ أو الذهاب الى التحكيم ضمن مهلة قصيرة. وفي الحالتين فإن الحكومة مجبرة على دفع مبالغ طائلة، إما بتكليف مكتب تولّي دعوى التحكيم، من دون ضمانات لربح الدعوى، وإما بدفع مبلغ يساوي ثلاثين مليون دولار عن كل سنة خسارة للشركة.
وقد أثارت القضية في مجلس الوزراء جدالاً وسجالاً واتهامات بشأن إلغاء الرخصتين، والقرار القضائي بإبطالهما، والمسؤولية الضائعة. وفي النتيجة قرّر مجلس الوزراء التفاوض وإجراء محاولة اخيرة مع شركة الطيران، قبل أن تذهب الى التحكيم خلال أيام قليلة.
وجاءت هذه المشكلة لتزيد أحمال الحكومة التي تترنّح على حافة الهاوية، حتى وإن بدا واضحاً ان مشكلة التعيينات الامنية مرجأة حتى اللحظة الأخيرة.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك