بعد غيابٍ طويل عن اللقاءات الإعلاميّة، حيث التزمت الصمت بالتزامن مع الأزمة الشخصيّة التي تمرّ بها عائلتها، أطلّت الإعلاميّة منى أبو حمزة في لقاء مع مجلة "ليالينا"، هنا بعض ما جاء فيه:
البسمة الحلوة "رجعت" كما قيل في إعلان برنامجك"حديث البلد"كيف عادت هذه البسمة عريضة أم مجروحة؟
البسمة دائماً موجودة بوجود المحبين الذين يشعرونك بلهفة انتظارهم لك. ما أبقى بسمتي هي العاطفة الصادقة التي شعرت بها من الناس وهذا كان كفيلاً بأن ترتفع معنوياتي وأستمد المزيد من الاندفاع.
منذ سنة تقريباً وأنت غائبة بعد المحنة العائلية التي مررت بها إثر القضية التي واجهها زوجك، كم اشتقت إلى الشاشة وهل شعرت بالخوف من أن ينساك الناس؟
لم أشعر لحظة بذلك، على العكس لمست منهم كل الدعم والحرص عليّ وعلى عائلتي. نعيش اليوم عصر التواصل الإجتماعي، وهذه المحنة جعلتني أشعر بمحبتهم أكثر من السابق على الرغم من الغياب. أعتقد أن تجربة ابتعادي كسرت قاعدة "الشاشة غدّارة"، إذ تضاعف عدد المحبين الذين ما انفكوا يسألون عني.
إلى ما يعود ذلك؟
إلى العلاقة الإنسانية التي جمعتنا منذ البداية. تعاطيّ الإنساني مع ضيوفي انعكس على المُشاهد، وجعله يشعر بأنني واحدة منهم... شعروا بأنَّ ما حصل معي حصل مع فرد من عائلتهم وهذا أمر يؤثر بي إيجاباً... لشدة ما شعرت بخوفهم عليّ، كنت أحاول بشتى الطرق أن أطمئنهم أنني بخير.
ماذا فقدت الشاشة في غيابك مع"حديث البلد»، ومن كان البديل لك كمشاهدة؟
أنا مقلّة جداً في متابعة البرامج التلفزيونية، كما أن المرحلة التي مررت بها كانت ضاغطة وفي كل يوم يستجد فيها حدث جديد، لذا لم يكن بالي مرتاحاً للمتابعة. حتماً كان هناك برامج فرضت نفسها كـ"هيدا حكي" الخفيف الظل لعادل كرم، الذي أعتبره من البرامج التي "ضوّت السنة". أما في ما يتعلق بغيابي وغياب "حديث البلد"، فهذا الأمر ليس أنا من يقرره ويحكم عليه... أعتقد أن الناس عرفت قيمته أكثر، مع كامل محبتي للبرامج الأخرى!! فهو ذو وجه ترفيهي وتثقيفي في الوقت نفسه، يُسليكِ وتخرجين منه بمعلومة مفيدة عن إختراع أو كتاب أو مسرحية وهذا ما فُقد.
أخبرينا عن الـ MTV كم دعمتك وتفهّمت ظروفك؟
منذ اليوم الأول الـMTV خاطرت عندما آمنت بي وأعطتني فرصة تقديم برنامج بهذه الضخامة وأنا لم أكن أمتلك الخبرة حينها. تخرجت من الجامعة بعد أن تخصصت في العلوم السياسية وتزوجت وربيت أولادي، ولم أعمل في المجال الإعلامي أبداً. كان لدي شغف فيه وخضعت لـ Casting وكنت واحدة من بين 4 وتفاجأت باختيارهم لي. البرنامج قوي وصعب في الوقت نفسه!! 15 ضيفاً مختلفاً في الحلقة يتطلبون تحضيراً كبيراً وتمكّناً على المسرح كي تحافظي على المضمون ولا تدعي الإيقاع يفلت كي لا تعم الفوضى. وفي المرحلة الأخيرة شعرت بأنهم عائلتي يتصلون للإطمئنان من الأستاذ غابريال إلى ميشال وجهاد المر وزوجاتهم. كانوا كإخوتي... علاقتي بهم لا تقتصر على علاقة عمل واحتراف بين موظفة ومدراء، بل تضاف إليها العلاقة الإنسانية وهذا ما يؤثر بي إيجاباً. إن لم أكن مرتاحة في المحيط الذي أعمل فيه لا أستطيع الإستمرار.
ماذا اكتشفت وتعلّمت من هذه المحنة؟
على الإنسان ألا ينام على حرير وأن يكون مستعداً لأي طارئ ممكن أن يواجهه في أي لحظة في هذه الحياة وأن يتقبل ويتأقلم مع هذه المتغيرات... فلا أحد يعرف متى تنقلب الأحوال"ربك يغيّر من حال إلى حال".
كم تقبلت وتأقلمت مع هذه الظروف؟
قوتي استمديتها من الله ومن الإيمان بالحق ويقيني بأن أي ضرر يصيب أي فرد من العائلة ينعكس تلقائياً عليها بأكملها. كان عليّ أن أكون مستعدة للوقوف على قدمي والدفاع عن كياني ووجودي وعائلتي. ما واجهته هذه السنة أشبه بالتخرج من دورة مغاوير... كان عاماً مليئاً بالكثير من الأسى والقلق والشعور بالظلم، إضافة إلى 3 مراهقين تحاولين جهدك أن تضمدي هذا الجرح في مراهقتهم، كي لا تُجرح حياتهم بالكامل!! كنت أمام رجل مريض خائب الظن، يخضع لعمليّات جراحية متكررة... كان عليّ أن أسانده بقدر ما ساندني طوال 22 عاماً أمضيتها معه وهذا أقل ما يمكن أن أفعل لأرد الجميل.
تحوّلت فجأة إلى أم وأبٍ، كم كان ذلك صعباً عليك وكم أثّر على العلاقة مع زوجك؟
المسألة باتت مسألة مبدأ.. بهيج ليس زوجي فقط، بل زوجي وحبيبي وأبي وإبني. من خلال برنامجي كنت أنتفض إن مرّ ضيف يعاني من ضيم، فكيف إن شعرت بأن الظلم يلحق بزوجي؟! ربما ما قمت به أثار ضجة لأنني في عالم الأضواء لكن هناك سيدات قديرات كثيرات يساندن أزواجهن وأولادهن. أنا لم أقم بأكثر من واجبي، وهذا ليس بغريب عن المرأة اللبنانية والعربية التي لاتتخلى عن زوجها وعائلتها في وقت الشدة.
بما شعرت عندما سمعت بخبر توقيفه؟
أريد أن أوضح أمراً مهماً.. بعد سنة تقريباً من المشكلة لا يزال زوجي موقوفاً وليس محكوماً بحكم مبرم. وهذه المعلومة كفيلة بأن ترد على سؤالك، وتضيء على نقطة مهمة جداً في القوانين التي نخضع لها... يمكنك أن توقفي شخصاً "ظنياً"، ثم بعد سنة أو سنتين تعتذرين منه وتقولين له:"عفواً أنت بريء"! في أميركا أنت بريئة حتى تثبت إدانتك أما في لبنان فالعكس صحيح. يعرّضون حياتك وسمعتك وصحتك ومادياتك ويزلزلون بيتاً من أساساته من ثم يعتذرون. بحكم زياراتي لزوجي الموجود حالياً في المستشفى شهدت حالات كثيرة وقع عليها مثل هذا الظلم.
أناقمة أنت على هذا الوضع، وما الذي تطلبينه؟
النقمة تؤذي صاحبها فقط. أنا جدّ منتفضة على هذا القانون غير الإنساني!! زوجي لم يغادر البلد رغم معرفته بنيّة توقيفه قبل أشهر. كان بإمكانهم أن يمنعوا عنه السفر إلى أن يثبتوا تورطه!! أتفهّم توقيف متهم حتى تثبت براءته في حالات معينة... (متهم بتفجيرات، بجريمة أو بتهديد الأمن القومي للبلد)، لكن أن يبقى متهماً في مسألة تجارية موقوفاً لمدّة سنة من دون إدانة! فهذا ليس عدلاً.
للقارئ الذي لا يعرف (زوجك عاش وتخصّص في أميركا وعمل فترة طويلة في سويسرا وعاد بعد انتهاء الحرب الأهلية ليستثمر في لبنان) ماذا يقول لك اليوم؟
بهيج جد متّزن وعقلاني.. منذ بدء المشكلة حتى الآن أقصى ما تلفّظ به هو عبارة "الله يسامحن". أحسده على ترفّعه.. لم أصل إلى هذه المرحلة من الرُقي بعد.
ماذا غيّرت هذه المحنة في شخصية منى أبو حمزة؟
صدمتني!! لم أكن أعرف أن الحياة يمكنها أن تكون مؤذية إلى هذه الدرجة. لكن من ناحية أخرى اكتشفت أن كلَّ سيئ لا بد أن يحمل في طياته بعض الأوجه الجيدة. خاب ظني بقلة قليلة من المحيطين، لكن في المقابل اكتشفت عشرات الداعمين الذين قاموا بمساندتي في وقت لم أكن أنتظر ذلك. لا أتكلم هنا عن مواقع التواصل فقط التي تشعرني بتعاطف كبير جداً، بل عن رفاق دراسة أو أناس التقيتهم مرة واحدة أو أقارب لا أراهم دورياً وحتى أشخاص يعرفونني بالتواتر فقط.
كم صديق بقي بقربك ومن كان أوفاهم؟
بقي الحقيقيون وهذا الأهم. أشكر ربي دوماً، لأنَّ كثيرين رحلوا من هذه الدنيا من دون أن يعرفوا العدو من الصديق، أما أنا فانكشف لي ذلك."الله نورني" واستطعت أن أرى الكلّ على حقيقته وهذه هبة كبيرة منه.
أشعرت بالخداع؟
خاب ظنّي!! لكنني لست ممَّن يندبون حظهم. أؤمن بأن الإنسان لا يؤذي إلا نفسه ونفسه فقط!! فمن كان موقفه صغيراً لا بد أنه شعر كم هو صغير، ومن كان موقفه كبيراً يشعر أيضاً بكبره. هناك فئة أيضاً قلبها معك لكن الخوف أو انعدام الجرأة يمنعانها من التعبير... اكتشفت حقيقة محيطي ووجدتها جميلة جداً، بالرغم من بعض الخيبات.
من وقف بقربك من الوسط الفني والإعلامي؟
99.99 % كانوا متضامنين معي، أشكرهم من قلبي ولا أعرف كيف أوفيهم حقهم. طبعاً هناك من كان دعمه أكبر من غيره، ومن لم يعبّر عن تضامنه، أقله لم يشارك في حملة التشهير. لذا أشكرهم جزيل الشكر.
أخبريني عن أولادك الثلاثة كيف تفاعلوا مع هذه المتغيرات وما كان دورك؟
في البداية كان المنزل بأكمله في حالٍ من الإنهيار، لكن الفترة لم تطُل. بعد 24 ساعة "الكل استوعب أنو لازم يوقف ع إجريه ويكفّي اللي لازم يعملو". إبني كان يدرس في الخارج فقال لي يومها سأترك وأعود، أجبته:"أنا سأكمل عملي وسأصوّر ما تبقّى من حلقات برنامجي، وشقيقك ذاهب إلى جامعته وشقيقتك إلى مدرستها فما الذي ستفعله هنا"؟ .. الأولاد يعملون بالمَثل ليس فقط في الكلام النظري، أكملت عملي فأكملوا مهماتهم. (بعد أن أوقف زوجي على ذمة التحقيق صورت 8 حلقات رغم أن عملي يتطلب الضحك والموسيقى).
صفي لنا حالتك النفسية التي كنت تصوّرين بها تلك الحلقات؟
كنت كالـ Survivor الذي يصارع للبقاء ولحماية عائلته وأولاده وليثبت لهم أن حياتهم لم تنقلب رأساً على عقب. كان علينا أن نكون يداً واحدة لنقف بقرب رب العائلة.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك