كأيّ أمّ لبنانيّة، تعيش الفنانة نانسي عجرم هاجس الأوضاع الأمنية الذاهبة دوماً من سيئ إلى أسوأ. فهل تفكّر بالهجرة؟ تردّ: "أستطيع اليوم أن أحمي ابنتيّ لأنهما في حضني، لكن حين تكبران لن أتحمّل أن أموت كلّ لحظة خوفاً على أمنهما وسلامتهما، من هنا أجد أنّ فكرة الهجرة واردة ونابعة من أمومتي، مع أنّني أتمزّق كلما فكّرتُ في ابتعادي عن لبنان، لكنها الحقيقة المرّة".
وتضيف: "أعشق بلدي بصورة لا يمكن وصفها، ولا أحبّ الابتعاد عنه أكثر من يومين، خصوصاً بعد زواجي وإنجابي طفلتيّ. لطالما كنت أعاني رهاب الطائرة، لكنّ الأمر تفاقم بعدما أصبحت أمّاً. حين أسمع صوتاً في الطائرة تنتابني أفكار جهنمية، ولا أتورّع عن الذهاب إلى مقصورة الكابتن لأسأله عن الأسباب والمخاطر، كلّ ما يحيط بي من خوف على نفسي هو في الحقيقة خوف على ابنتيّ، يهمّني مستقبلهما، وبالتالي لا أستطيع أن أجعلهما تعيشان في دوامة اللاأمان. أولادنا ليسوا لنا فهم أولاد الحياة، ومن حقهم أن ينعموا بالأمان والاحترام. أولويتي لبنان طبعاً، الحياة تستمر والأعمار بيد الله، لكنّنا في لبنان تقصر أعمارنا كل يوم ونُغلّف بالرعب، فلا حديث يعلو فوق أحاديث السياسة المليئة بسيناريوهات عن غد غير محمود العواقب، نعود إلى الوراء على أكثر من صعيد في حين أن بلداناً أخرى تخطّط لغدها، وتحترم كينونة الإنسان".
تواصل عجرم أداء مهماتها كـ"سفيرة نوايا حسنة" لدى منظّمة "اليونيسف" التابعة للأمم المتحدة، من أجل الحدّ من العنف ضدّ المرأة والطفل، إلى جانب تنشيط حملة لمكافحة شلل الأطفال.
في سياق عملها، زارت عجرم مدارس عدّة في لبنان، واستوقفتها حالات العنف تجاه بعض الأطفال. تعطي مثالاً عن طفل كان لا يحب القراءة ولا الكتابة، لأنّ معلّمته توبّخه وتعاقبه عندما لا يتفاعل معها، حين تطلب منه القراءة. اتضح أنّ الطفل يعاني مشكلة في النظر، ولم يكن أحد يعلم بها، ولذلك لم يكن قادراً على القراءة. تقول: "أحزن حين لا يكون هناك تواصل مثمر بين الأهل والمدرسة لما فيه خير الأطفال، ولا يمكن تبرير أيّ سبب يجعل من الأطفال ضحايا عنف، فما بالك في حال وجود مشكلة في النظر؟". وبالنسبة لمواجهة العنف ضدّ المرأة، تقول عجرم إنّ "الطريق ما زال طويلاً لأنّ المجتمع عنفيّ بشكل موجع، والأمثلة لا تحصى ولا تعدّ، لكننا مستمرون في محاولة تكريس فكرة رفض العنف في الأساس مهما كانت الأسباب".
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك