خرج وزراء من جلسة الحكومة في الأسبوع الماضي مصدومين. سمعوا في داخلها كلاماً دفعهم الى النظر في أعين بعضهم البعض، أكثر من مرّة، متفاجئين. ذكر أحدهم، في جلسة خاصّة أعقبت الاجتماع الوزاري بأيّام، بأنّه تأكد بأنّ الفساد بات مستشرياً بشكلٍ غير مسبوق في تاريخ هذه الجمهوريّة. خيرٌ أن يكتشف معاليه متأخراً من ألا يكتشف أبداً...
شهد مجلس الوزراء في الأسبوع الماضي أكثر من إشكال سبق وتبع الإشكال الذي خرج الى العلن بين الوزيرين غازي زعيتر وجبران باسيل. تمّت، في الجلسة، مناقشة بنود "دسمة" ماليّاً في جدول الأعمال، فظهرت الفضائح سريعاً.
قال أحد الوزراء، تعليقاً على البحث في تلزيمات نفطيّة، إنّ هذا الملف تشوبه رشاوى عدّة، مؤكداً أنّ الرشوى عرضت عليه ورفضها، في حين وافق آخرون، من الوزراء، على القبول بها. لم يسمِّ وزراء قبلوا بالرشوى، إلا أنّ العبارة كانت كافية ليتبادل عددٌ من الوزراء نظرات التعجّب، خصوصاً أنّه ذكر أرقاماً من عشرات ملايين الدولارات نالها كلّ مرتشٍ.
لم يقتصر كلام الرشاوى والفساد على ملف النفط، بل شكّل قطاع الاتصالات، حيث كشف الوزيران بطرس حرب وعلي حسن خليل عن أرقام تتصل به كما بعائدات الصندوق البلدي المستقل، صدمة إضافيّة لبعض الوزراء. هنا أرقام ضائعة وأخرى متفاوتة بين مصدر وآخر ومعلومات عن هدر بملايين الدولارات.
وما حُكي عن هذين الملفين، داخل قاعة مجلس الوزراء في السراي الحكومي، حُكي أيضاً عن ملفات أخرى، مثل التزفيت والمعاينة الميكانيكيّة. إنّها دولة قائمة على الفساد والسرقات والرشاوى. ربما يُحاسَب موظف ارتشى في هذه الدائرة وآخر تأخر على الدوام في دائرة أخرى. هذا أمر جيّد. ولكن من يحاسب الوزراء المنتفخة جيوبهم بمئات الملايين من الدولارات التي جنوها من صفقات تمّت على حساب الناس؟
عسى أن يمنحنا الله العمر المديد علّنا نصل الى الإجابة.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك