ثمّة تخوّف من امتداد الإرهاب المتطرّف إلى لبنان، وهذا ما يشكّل تهديداً كبيراً وخطراً، في حين أنّ عملية مكافحته في كل من سوريا والعراق ستأخذ وقتاً لا سيما وأنّ خبراء أكدوا أنّ هذه العملية من الجو وحدها لا تنفع. هل لبنان فعلاً في خطر؟
تفيد مصادر ديبلوماسية أنّ لبنان ليس في خطر كبير، إنّما هو في جو أحداث معيّنة ومحدّدة فقط. إنّه ليس في خطر حرب كبيرة كما يحصل في المنطقة، لكنّه أيضاً في الوقت نفسه في حال تحسّب لخطر ما. طالما أنّ الحكومة تعمل وكل الطوائف ممثّلة بها، فمن شأن ذلك إبقاء لبنان بعيداً عن المخاطر الكبرى. حتى الآن لا يوجد قرار كبير خارجي لشنّ حرب على لبنان، وليس الفريق الذي يخيّف اللبنانيين جراء إرهابه في مقدوره شنّ هذه الحرب. قد تحصل عمليات تسلّل، وخلق مشاكل متنوّعة في بعض المناطق، إلاّ أنّ أي بذور للفتنة غير موجودة. وأهم عامل للفتنة هو وجود مكوِّن طائفي كامل خارج السلطة. هذا غير موجود، وما هو موجود هو خطاب معتدل يتحدّث عن وحدة وطنية وليس خطاب مواجهة ومجابهة. ومن الصعب على الإرهاب أن يستقوي فجأة. في العراق استقوت «داعش» نتيجة ظلم سياسي حلّ بفئة في البلاد، وطبقة اجتماعية. في لبنان حكومة تضم الجميع، ولا يوجد ظلم سياسي. الأمر الذي يساعد في تعزيز عوامل الاستقرار وإبعاد شبح الإرهاب عن البلد.
الدول الكبرى لديها قلق على الوضع الأمني اللبناني، في اطار القلق على الوضع في المنطقة، لأنّه بمجمله غير مستقر، ويقع على جانب كبير من الخطورة نتيجة الحروب في العراق وسوريا.
وتفيد المصادر أنّ لبنان ليس متحالفاً مع التحالف الدولي لمكافحة الإرهاب بشكله الحالي، إنّما هو ضدّ «داعش»، أي هو ينخرط في اطار عالمي لمكافحته وليس في اطار حلف محدّد. إنّ كل دولة تحارب الإرهاب لبنان حليف لها، وهو ضدّ «داعش» سواء في سوريا أو في العراق، وأكيد حيال ما يحصل بالنسبة إلى الحدود الشرقية اللبنانية. وبالتالي، لبنان يتعاون في مجال الحصول على السلاح لقواه الأمنية مع كل دولة في الاطار الثنائي، وكل دولة تقدّم له السلاح يرحّب به إن كانت داخل التحالف الدولي أم لم تكن. واشنطن تقدّم السلاح للجيش، وكذلك روسيا التي هي خارج التحالف ويمكن الاستفادة من الجهتين.
الولايات المتحدة تدعم لبنان بالسلاح والمعدّات. لكن كل الدعم الذي حصل عليه لبنان من مختلف الجهات حتى الآن، لا يكفي لمكافحة الإرهاب، وهو يحتاج إلى الكثير عدَداً ونوعية. الآن يتم تفعيل مبلغ المليار دولار من المملكة العربية السعودية، حيث على أساسه يتم شراء السلاح من دول متنوّعة منها الولايات المتحدة وروسيا ودول غربية.
ويبذل رئيس مجلس الوزراء السابق سعد الحريري جهوداً كبيرة عبر قنواته للضغط من أجل خفض أسعار السلاح الروسي للجيش. وتفيد مصادر ديبلوماسية أن لا شيء نهائياً بعد، لكن الجانب الروسي وعَدَ بالنظر بإيجابية لتزويد لبنان بالسلاح، ويُنتظر أن يحدّد لبنان احتياجاته ونوعيتها في اطار مسألتين يجري بحثهما مع روسيا؛ الأولى، تفعيل التعاون العسكري الذي كان محدّداً في العام 2010. والثانية، شراء السلاح كجزء من هبة المليار دولار من المملكة العربية السعودية، حيث أنّ الحريري مفوّض العمل لإنجازها. ولم يحدّد مبلغ معيّن لشراء السلاح من روسيا، لكن الأسعار تحتاج إلى أن تكون أكثر ملاءمة.
وكانت لافتة مشاركة قائد الجيش العماد جان قهوجي في مؤتمر رؤساء أركان الجيوش في الدول المشاركة في التحالف الدولي لمكافحة الإرهاب. لكن المصادر تؤكد أنّ لبنان لا يمكنه أن يكون بعيداً عن النشاط الدولي لمكافحة الإرهاب، لا سيما وأنّه يعاني إرهاب المنظمات نفسها الموجودة على الحدود اللبنانية الشرقية، وعانى في السابق إرهاباً متطرّفاً.
لكن ليس هناك من طرف دولي يؤكد أنّ لبنان قد ينزلق إلى وضع مشابه للوضعَين السوري والعراقي. وهذا يبقى مستبعداً، لأنّه بحسب المصادر، ليس بيئة حاضنة للتطرّف، ثم لأنّه لا مصلحة لأي طرف داخلي بتوتير الوضع وانفلات الأمور خارج السيطرة. فالجيش اللبناني يضبط الوضع، وهو يقوم بمحاربة «داعش» على الحدود، والخصم هو «داعش»، وليس هناك من أخصام داخليين.
بشكل عام كل العالم يستشعر خطر «داعش» وليس لبنان وحده. إنّما يجب على الأفرقاء اللبنانيين السعي لانتخاب رئيس للجمهورية قبل كل شيء، ومن دون مزيد من التأخير، بحسب المصادر.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك