جاء إعلان "جبهة النصرة" إعدام الجندي محمد حمية، وقد بدا الى جانبه رفيقا له هو الجندي علي البزال مستنجداً، ثم التفجير الذي استهدف حاجزاً لـ"حزب الله" في الخريبة قضاء بعلبك ليلاً ليطيحا بالآمال الضئيلة بنجاح الوساطات المحلية والخارجية بوقت الاعدامات، وأيضاً بلورة آليات التفاوض مع جبهتي "النصرة" و"داعش" في شأن مصير العسكريين المخطوفين، والتي كان تم التوصل اليها بعد زيارة رئيس الحكومة تمام سلام الى قطر الاسبوع الماضي.
وبات أكيدا أن سلوك أي نوع من التفاوض مع التنظيمين الارهابيين، لن يؤدي إلى أي إلتزامات تحفظ حياة العسكريين أو تعيدهم سالمين الى ذويهم، فيما باتت هيبة الدولة ومؤسساتها الامنية والعسكرية والسياسية على المحك في ظل الضغوط التي تتعرض لها بفعل غياب التضامن الحقيقي بين المكونات السياسية للبلاد حول هذه القضية أو حول دور المؤسسة العسكرية وصلاحياتها في مواجهة الهجمة الارهابية التي تتعرض لها.
وقد استدعت التطورات الدامية الاخيرة على خلفية إعدام حمية وإستهداف آلية للجيش بعبوة أدت إلى استهداف عسكريين، إستنفارا سياسيا طيلة يوم أمس على أكثر من محور خلص إلى حسم السلطة السياسية خيارها بإتخاذ القرار برفض التفاوض مع الارهابيين تحت الضغط وإعلان المعركة مفتوحة ضد الارهاب، على ما كشفت مصادر سياسية واكبت اليوم الامني والسياسي الطويل لـ "النهار".
وقالت مصادر أمنية إن الجيش واصل قصفه في شكل مركز من محيط عرسال مواقع المسلحين السوريين في جرودها. وأعلنت جبهة "النصرة" ليلاً، أنه "في حال لم يتوقف القصف على جرود عرسال عند الفجر من قبل الجيش اللبناني وحزب الله، فإن المعركة هذه المرة ليست كسابقتها، والثمن سيكون غالياً".
وكانت المداهمات التي نفذها الجيش أول من أمس واليوم في عرسال ومخيمات النازحين بعد تفجير عبوة ناسفة في شاحنة للجيش، أدت إلى توقيف ما يقارب 220 شخصاً معظمهم سوريون. وقالت مصادر أمنية لـ"الحياة" إن هؤلاء أوقفوا في مخيمات محيطة بمراكز الجيش وقريبة من موقع الانفجار الذي استهدف دورية له وسيخلى سبيل معظمهم تباعا بعد التثبت من أوضاعهم. وذكرت المصادر أن الجيش "لم يعد مستعداً للقبول باستنزافه".
وقالت مصادر حكومية لـ"الحياة" إن إعلان سلام المواجهة مع المسلحين السوريين يعود إلى اقتناعه بأن التفاوض معهم على إخلاء العسكريين كان يجري في ظل استمرارهم في القتل وهم رفضوا الالتزام بشرط وقفه لتستمر العملية التفاوضية. وأضافت: "مضى شهر ونصف الشهر على احتجازهم العسكريين ونحن نسعى للتفاوض ونبقي على الخيارات كافة مفتوحة ولا يمكن القبول بأن يتسببوا بفتنة بين اللبنانيين عن طريق مواصلتهم الإعدامات للجنود". وأوضحت المصادر "أن الوسيط القطري لم يأت إلى لبنان أول من أمس كما كان مقرراً لكنه أبلغ الجانب اللبناني أن "النصرة" أعلمته أول من أمس بأنها ستباشر إعدام العسكريين إذا لم تنفذ الحكومة مطالبها بالإفراج عن سجناء في سجن رومية، وإذا لم تفتح الطرقات التي أقفلها الجيش بين عرسال والجرود، فضلا عن مطالب أخرى". ورداً على سؤال عما إذا كانت المفاوضات توقفت، قالت المصادر أنها "علّقت ولا يمنع العودة إليها إذا أراد الفريق الآخر التصرف بعقلانية".
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك