نجحت سفن الفينيقيّين الشهيرة التي كانت تنطلق من شاطئِ مدينة جبيل مطلقة التجارة المتوسطية، قبل آلاف السنين، في مقارعة أمواج البحر العاتية والصمود في رحلاتها الطويلة…
وسجل الفينيقيّون نجاحات واسعة في عالم التجارة بفضل مراكبهم الضخمة والقوية التي كانت تبنى على شكل حصان يمثل ذيل الدلفين.
ستصيبك الدهشة عندما تقع عيناك على سفينة فينيقيّة بأشرعةٍ بيضٍ وصوارٍ ومجاذيف، يبلغ طولها 9 أمتار وعرضها 4 أمتار، رحلتها الاولى ستكون من شاطئ جبيل إلى نادي اليخوت في وسط بيروت.
يشبه شكل السفينة السفن الفينيقيّة القديمة لكنّ المواد التي صنعت منها مختلفة تماماً، واهدافها مختلفة ايضاً فهي تسعى الى تخفيف حدّة التلوث الموجودة في لبنان، ولكن كيف؟
إنّهChreek ، مشروع لبناني يهدف إلى دفع الشركات أو المؤسسات أو حتى الافراد في القطاعين العام والخاص الى المساعدة في الحفاظ على النظافة البيئية من خلال جمع المهملات غير القابلة لاعادة التدوير وتصنيعها بطريقة خلاقة ومميزة ومبتكرة.
ينطلقChreek بمشروع هو الاول من نوعه في لبنان، وستكون جبيل وبيروت المدينتين المساهمتين والداعمتين له كونه مخططاً لصناعة سفينة فينيقية من "البلاستيك" المستخرج من النفايات، من خلال جمعه من قبل شباب عاطلين عن العمل أو لديهم مشاكل في الاندماج في المجتمع بسبب تعاطيهم المخدرات في السابق أو خروجهم من السجن، وبهذه الطريقة يكون هذا المشروع ساهم أيضا في إيجاد فرص عمل للشباب.
وأوضح نائب رئيس بلدية جبيل الاستاذ أيوب برق أنّ البلدية لديها في الاساس برنامجاً لفرز النفايات انطلاقاً من المنازل قبل أن تنقل إلى المكب، وجاءت هذه السفينة كتطبيق لهذا البرنامج وهي ستساهم في توعية المجتمع الجبيلي وحضّه على الاعتناء بالبيئة بدءاً بفرز النفايات.
وأوضح أيوب في حديث لموقع الـ mtv الالكتروني أنّ الشباب الذين يصنعون السفينة يحاولون أن تكون كبيرة قدر المستطاع من أجل أن تدخل موسوعة "غينيس" للأرقام القياسيّة، لافتاً الى أنّ بلدية جبيل استطاعت أن تؤمن لهم الارضيّة اللازمة من خلال تأمينها للمعدات الضرورية للعمل، كما استطاعت أن تخصّص لهم مكاناً قرب الحديقة العامة نصبت فيه خيمة، والعمل جارٍ على قدمٍ وساق من أجل أن تبصر هذه السفينة النور في أواخر تشرين الاول المقبل.
وأضاف: "تولي بلدية جبيل اهتماماً كبيراً لهذا المشروع ونأمل من جميع ابناء المنطقة مساعدتنا على جمع كميّة أكبر من أنابيب البلاستيك".
يبدو واضحاً أنّ سيناريو التلوث سيتضاءل في جبيل، فهذه المدينة عرفت كيف تحافظ على تراثها ونظافتها بعيداً عن بازار النفايات في خضمّ أزمة مطمر الناعمة. فعسى أن تبعث هذه التجربة بصيص أمل لسائر المناطق، وتكون قدوة تتبع خطواتها سائر بلديّات لبنان.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك